استدلال الشيعة بآية الوضوء على مسح الرجلين

الشبهة:

قال الشريف المرتضى: «ومما انفردت به الإمامية: القول بوجوب مسح الرجلين على طريق التضييق، ومن غير تخيير بين الغسل والمسح، على ما ذهب إليه الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري وأبو علي الجُبَّائي، وكأن إيجاب المسح تضييقًا من غير بدل يقوم مقامه هو الذي انفردت به في هذه الأزمنة؛ لأنه قد روي القول بالمسح عن جماعة من الصحابة والتابعين، كابن عباس (I) وعكرمة وأنس وأبي العالية والشعبي وغيرهم»([1])، ثم ساق كلامًا طويلًا في الاستدلال بقوله تعالى: [ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ] {المائدة:6}.

 

([1]) الانتصار في انفرادات الإمامية (1/105).

الرد علي الشبهة:

أولًا: قاعدة المخالفة عند الإمامية وأصولها.

مخالفة الإمامية أو موافقتهم لا تُحِقُّ حقًّا كما لا تُبطِل باطلًا، فمخالفة عموم الأمة ومفارقتهم ليس دليلًا على التميز أو الصحَّة، بل هو في الغالب الأعم دلالة على الشذوذ وضعف القول، فالعبرة ليست بالموافقة أو المخالفة والانفراد، إنما العبرة بدلالة الدليل، فانفراد الإمامية بهذه المخالفة ليس الأصل فيه الاستدلال من القرآن -وإن كان هذا هو الظاهر-، إنما الأصل فيه هو قاعدة مخالفة المسلمين عندهم، وهذا هو ميزان معرفة الحق عندهم؛ إذ إن طريقة معرفة الحق عند الإمامية هو مخالفة العامة!

قال الحر العاملي: «عدم جواز العمل بما يوافق العامة وطريقتهم ولو من أحاديث الأئمة (ع) مع المعارض، وأن ما لا نص فيه إذا احتاج الإنسان إلى حكمه؛ وجب أن يسأل عنه علماء العامة ويأخذ بخلاف قولهم».

ثم ساق بسنده عن علي بن أسباط قال: «قلت للرضاع: يحدث الأمر لا أجد بُدًّا من معرفته، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك؟ قال: فقال: ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه، فإن الحق فيه».([1])

إذًا فالعلة في مخالفة الإمامية لسواد الأمة ليس اتباع الدليل، إنما يخالفون لأن المخالفة عندهم دين يتدينون به! ولأجل ذلك فإن القرآن مُعرَّض للتأويل، والسنة مُعرَّضة للذبح بمدية التقية إذا جاءت بما يوافق عمل المسلمين.

ثانيًا: معرفة الوضوء كان بالسنة قبل أن نزول القرآن.

الأصل أن الوضوء مشروع بالسنة قبل نزول القرآن بذكر كيفية الوضوء، فقد فُرضت الصلاة والوضوء معها في مكة.

روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: «كُنْتُ وَأَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ أَخْبَارًا، فَقَعَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ H مُسْتَخْفِيًا، جُرَآءُ عَلَيْهِ قَوْمُهُ، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا نَبِيٌّ. فَقُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي اللهُ... فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، فَالْوُضُوءَ حَدِّثْنِي عَنْهُ. قَالَ: مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ فَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعَرِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلهِ، إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».([2])

فهذا النبي H يعلمه الوضوء في أول الهجرة قبل نزول الآية، وعليه فالأصل في فرض الوضوء أنه بالسنة وجاء القرآن ليؤكد، ولتكون الكيفية متلوة في كتاب الله إلى قيام الساعة.

ثالثا: القراءة الأولى للفظة [] {المائدة:6} بالنصب.

لفظة [] فيها قراءتان مشهورتان متواترتان، فالقراءة الأولى يقول فيها الطاهر بن عاشور: «وَقَوْلُهُ: وَأَرْجُلَكُمْ قَرَأَهُ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَالْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوبُ -بِالنَّصْبِ- عَطْفًا عَلَى []، وَتَكُونُ جملَة [ﭝ ﭞ ] {المائدة:6} مُعْتَرَضَةً بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ.

وَكَأَنَّ فَائِدَةَ الِاعْتِرَاضِ الْإِشَارَةُ إِلَى تَرْتِيبِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ أَنْ يَدُلَّ عَلَى التَّرْتِيبِ الْوُجُودِيِّ، فَالْأَرْجُلُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَغْسُولَةً؛ إِذْ حِكْمَةُ الْوُضُوءِ -وَهِيَ النَّقَاءُ وَالْوَضَاءَةُ وَالتَّنَظُّفُ وَالتَّأَهُّبُ لِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى- تَقْتَضِي أَنْ يُبَالَغَ فِي غَسْلِ مَا هُوَ أَشَدُّ تَعَرُّضًا لِلْوَسَخِ، فَإِنَّ الْأَرْجُلَ تُلَاقِي غُبَارَ الطُّرُقَاتِ وَتُفْرِزُ الْفَضَلَاتِ بِكَثْرَةِ حَرَكَةِ الْمَشْيِ، وَلِذَلِكَ كَانَ النّبيء H يَأْمُرُ بِمُبَالَغَةِ الْغَسْلِ فِيهَا، وَقَدْ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ للَّذِي لَمْ يُحْسِنْ غَسْلَ رِجْلَيْهِ (وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ)».([3])

فهذا الجوابُ من ناحية اللغة والعقل فضلًا عن ثبوته بالسنة المتواترة، وأن الأرجل معطوفة على المغسول لا الممسوح، والعطف على الأبعد معلوم من لغة العرب، فمثلًا قوله تعالى:

[ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ] {الأعراف:59} وبعدما ذكر قصة نوح قال: [ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ] {الأعراف:65} والمعنى: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودًا، فهذا العطف على الأبعد.

فإن قيل: لماذا أدخل الممسوح بين المغسولين؟!

فكان جواب الشيخ أنه ترتيب ذكري لفائدة الترتيب الوجودي.

وأقول: وفي بداية الآية ما يدل على خلاف الترتيب الذي يسبق إلى البديهة، فإن الله تعالى قال: [ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ] {المائدة:6} فكان الترتيب أن يقال: «يا أيها الذي آمنوا إذا نويتم القيام للصلاة فاغسلوا» لكنه جعل المتأخر عن الوضوء -هو القيام للصلاة- متقدمًا على الوضوء، وذلك التقديم لأهمية المذكور تعظيمًا له، فالله تعالى يريد قلبك وأن تستحضر الصلاة قبل الوضوء.

فالعرب قد تخالف الترتيب لفائدة، ونص الآية في بدايتها قاطع في تلكم الدلالة، والعرب تقول: «خطب فأفصح وأوجز» مع أن الفصاحة والإيجاز كانا خلال الخطبة لا بعدها، كما في قوله تعالى: [ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ] {الأعراف:4}.

فقد كان البأس سببَ الهلاك، إلا أنه قدم الإهلاك لبيان أن البأس كان بقصد الإهلاك، لا لمجرد العذاب أو غيره، والأمثلة على ذلك كثيرة، والخلاصة أن الأرجل بقراءة النصب لا تحتمل إلا العطف على الغسل.

وإن ادعى شيعي أن قراءة النصب ليست قاطعة في الغسل فقد أبطل استدلاله بالآية ابتداءً؛ لأن قراءتها بالكسر آنذاك تكون أيضًا غير قاطعة في المسح.

رابعًا: القراءة الثانية للفظة «وَأَرجُلِكُم» بالخفض.

وأما القراءة الثانية فللعلماء فيها أقوال:

1. النسخ.

قال الطاهر بن عاشور: «وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَخَلَفٌ بِخَفْضِ (وَأَرْجُلِكُمْ).

وَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ تَأْوِيلَاتٌ: مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِهَا فَجَعَلَ حُكْمَ الرِّجْلَيْنِ الْمَسْحَ دُونَ الْغَسْلِ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ.

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْحَجَّاجَ خَطَبَ يَوْمًا بِالْأَهْوَازِ فَذَكَرَ الْوُضُوءَ فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَقْرَبَ مِنْ خُبْثِهِ مِنْ قَدَمَيْهِ، فَاغْسِلُوا بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا وعَرَاقِيبَهُمَا» فَسَمِعَ ذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: صَدَقَ اللهُ وَكَذَبَ الْحَجَّاجُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ).

وَرُوِيَتْ عَنْ أَنَسٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى، قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالْمَسْحِ وَالسُّنَّةُ بِالْغَسْلِ.

وَهَذَا أَحْسَنُ تَأْوِيلٍ لِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ، فَيَكُونُ مَسْحُ الرِّجْلَيْنِ مَنْسُوخًا بِالسُّنَّةِ، فَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُول الله H رأى قومًا يتوضَّؤون وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ».([4])

أقول: وهذا الوجه الذي استحسنه ابن عاشور -النسخ- لا دليل عليه، بل ولا يُصارُ إليه إلا إذا تعذر الجمع! إلا أن يقال: إن الآية نزلت في بداية الدعوة، وهذا معلوم عدم صحته.

2. العطف لعلة المشاركة في المعنى.

ومن الأوجه التي ذكرها العلماء ما نقله ابن بهادر الزركشي عن الزمخشري عن سيبويه في اعتراضه وجه الجر بالمجاورة، فقال: «إِنَّ الْعَرَبَ يَقْرُبُ عِنْدَهَا الْمَسْحُ مَعَ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُمَا أَسَاسُ الْمَاءِ، فَلَمَّا تَقَارَبَا فِي الْمَعْنَى حَصَلَ الْعَطْفُ كَقَوْلِهِ: * مُتَقَلِّدًا سَيْفًا ورُمْحًا * وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَعْنَى حَسُنَ الْعَطْفُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ، بَلْ عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ بِأَحَدِ الْفِعْلَيْنِ عَنِ الْآخَرِ».([5])

3. عطف اللفظ دون المعنى.

ومنهم من قال: إنها معطوفة على اللفظ دون المعنى، قَالَ أَبُو عُمَرَ ابن عبد البر: «فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِيجَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ اللَّهِ D (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، وَبَيَانُ أَنَّهُ أَرَادَ الْغَسْلَ لَا الْمَسْحَ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قُرِئَتْ (وَأَرْجُلِكُمْ) بِالْجَرِّ فَذَلِكَ مَعْطُوفٌ عَلَى اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْغَسْلُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ D: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ».([6])

4. العطف على المجاورة.

ومن أشهر الوجوه وأقواها أن العطف هنا عطف على الجوار، وقال العُكْبَرِي في كلام طويل ونفيس: «وَيُقْرَأُ بِالْجَرِّ، وَهُوَ مَشْهُورٌ أَيْضًا كَشُهْرَةِ  النَّصْبِ، وَفِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الرُّؤُوسِ فِي الْإِعْرَابِ، وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ، فَالرُّؤُوسُ مَمْسُوحَةٌ، وَالْأَرْجُلُ مَغْسُولَةٌ، وَهُوَ الْإِعْرَابُ الَّذِي يُقَالُ هُوَ عَلَى الْجِوَارِ، وَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ أَنْ يَقَعَ فِي الْقُرْآنِ لِكَثْرَتِهِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ، فَمِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: [ﭫ ﭬ ﭭ ] {الواقعة:22} عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ جَرَّ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: [ﭖ ﭗ ] {الواقعة:18} وَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ؛ إِذْ لَيْسَ الْمَعْنَى يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِحَوَرٍ عِينٍ.

قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ النَّابِغَةُ:

لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَسِيرٌ غَيْرُ مُنْفَلِتٍ
 

\

 أَوْ مُوثَقٍ فِي حِبَالِ الْقَيْدِ مَجْنُوبُ
 

وَالْقَوَافِي مَجْرُورَةٌ، وَالْجِوَارُ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ فِي الْإِعْرَابِ، وَقَلْبِ الْحُرُوفِ بِبَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ وَالتَّأْنِيثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

فَمِنَ الْإِعْرَابِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَطْفِ، وَمِنَ الصِّفَاتِ قَوْلُهُ: [ﮃ ﮄ ﮅ ] {هود:84} وَالْيَوْمُ لَيْسَ بِمُحِيطٍ، وَإِنَّمَا الْمُحِيطُ الْعَذَابُ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: [ﯮ ﯯ ﯰ ] {إبراهيم:18} وَالْيَوْمُ لَيْسَ بِعَاصِفٍ، وَإِنَّمَا الْعَاصِفُ الرِّيحُ.

وَمِنْ قَلْبِ الْحُرُوفِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ». وَالْأَصْلُ مَوْزُورَاتٌ، وَلَكِنْ أُرِيدَ التَّآخِي.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ لَا يَأْتِينَا بِالْغَدَايَا وَالْعَشَايَا.

وَمِنَ التَّأْنِيثِ قَوْلُهُ: [ﮑ ﮒ ﮓ ] {الأنعام:160} فَحُذِفَتِ التَّاءُ مِنْ عَشْرٍ، وَهِيَ مُضَافَةٌ إِلَى الْأَمْثَالِ، وَهِيَ مُذَكَّرَةٌ، وَلَكِنْ لَمَّا جَاوَرَتِ الْأَمْثَالُ الضَّمِيرَ الْمُؤَنَّثَ أَجْرَى عَلَيْهَا حُكْمَهُ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَضَعْضَعَتْ
 

\

 سُورُ الْمَدِينَةِ وَالْجِبَالُ الْخُشَّعُ
 

وَقَوْلُهُمْ: ذَهَبَتْ بَعْضُ أَصَابِعِهِ.

وَمِمَّا رَاعَتِ الْعَرَبُ فِيهِ الْجِوَارَ قَوْلُهُمْ: قَامَتْ هِنْدٌ، فَلَمْ يُجِيزُوا حَذْفَ التَّاءِ إِذَا لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنْ فَصَلُوا بَيْنَهُمَا أَجَازُوا حَذْفَهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا الْمُجَاوَرَةُ، وَعَدَمُ الْمُجَاوَرَةِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرًا كَلَّمْتُهُ - اسْتَحْسَنُوا النَّصْبَ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ لِمُجَاوَرَةِ الْجُمْلَةِ اسْمًا قَدْ عَمِلَ فِيهِ الْفِعْلُ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَلْبُهُمُ الْوَاوَ الْمُجَاوِرَةَ لِلطَّرَفِ هَمْزَةً فِي قَوْلِهِمْ: أَوَائِلُ؛ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ طَرَفًا، وَكَذَلِكَ إِذَا بَعُدَتْ عَنِ الطَّرَفِ لَا تُقْلَبُ نَحْوُ طَوَاوِيسُ، وَهَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُكْتَبَ فِيهِ أَوْرَاقٌ مِنَ الشَّوَاهِدِ، وَقَدْ جَعَلَ النَّحْوِيُّونَ لَهُ بَابًا، وَرَتَّبُوا عَلَيْهِ مَسَائِلَ، ثُمَّ أَصَّلُوهُ بِقَوْلِهِمْ: «جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ» حَتَّى اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ جَرِّ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ. فَأَجَازَ الِإتْبَاعِ فِيهِمَا جَمَاعَةٌ مِنْ حُذَّاقِهِمْ، قِيَاسًا عَلَى الْمُفْرَدِ الْمَسْمُوعِ، وَلَوْ كَانَ لَا وَجْهَ لَهُ فِي الْقِيَاسِ بِحَالٍ، لَاقْتَصَرُوا فِيهِ عَلَى الْمَسْمُوعِ فَقَطْ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْجَرَّ فِي الْآيَةِ قَدْ أُجِيزَ غَيْرُهُ، وَهُوَ النَّصْبُ، وَالرَّفْعُ وَالنَّصْبُ غَيْرُ قَاطِعَيْنِ، وَلَا ظَاهِرَيْنِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الرِّجْلَيْنِ الْمَسْحُ، وَكَذَلِكَ الْجَرُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَالنَّصْبِ وَالرَّفْعُ فِي الْحُكْمِ دُونَ الْإِعْرَابِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ جَرُّ الْأَرْجُلِ بِجَارٍّ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَافْعَلُوا بِأَرْجُلِكُمْ غَسْلًا، وَحَذْفُ الْجَارِّ وَإِبْقَاءُ الْجَرِّ جَائِزٌ، قَالَ الشَّاعِرُ: مَشَائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً وَلَا نَاعِبٍ إِلَّا بِبَيْنٍ غُرَابُهَا.

وَقَالَ زُهَيْرٌ:

بَدَا لِيَ أَنِّي لَسْتُ مُدْرِكَ مَا مَضَى
 

\

 وَلَا سَابِقٍ شَيْئًا إِذَا كَانَ جَائِيًا
 

فَجُرَّ بِتَقْدِيرِ الْبَاءِ، وَلَيْسَ بِمَوْضِعٍ ضَرُورَةً».([7])

وقال في ذخيرة العقبى: «وإنما خفض للجوار كما تفعل العرب، وقد جاء هذا في القرآن وغيره، قال الله تعالى: [ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ] {الرحمن:35}، بالجر لأن النحاس الدخان، وقال: [ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ  ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ] {البروج:21، 22} بالجر، قال امرؤ القيس (من الطويل): كبيرُ أنَاسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّلٍ.

فخفض (مزمل) بالجوار، وأن المزمل الرجل، وإعرابه الرفع.

قال زهير: (من الكامل)

لَعِبَ الزَّمَانُ بِها وَغَيَّرَهَا
 

\

 بَعْدي سَوَافِي الموُرِ والقَطْرِ
 

قال أبو حاتم: كان الوجه القطر بالرفع، ولكنه جره على جوار المور، كما قالت العرب: هذا جحر ضب خَرِبٍ فجروه، وإنما هو رفع».([8])

5. السنة المفسرة للقرآن والمبينة له جاءت بالغسل تواترًا.

قال الحافظ ابن حجر: «وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ H فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِأَمْرِ اللهِ، وَقَدْ قَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرو بن عبسه الَّذِي رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مُطَوَّلًا فِي فَضْلِ الْوُضُوءِ: ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ».([9])

وفي صحيح البخاري أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَ: «أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ H: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».([10])

وجاء عند الإمامية أن السنة تخصص عموم القرآن وتقيد مطلقه، قال جعفر السبحاني: «لا شكَّ أنَّ السنَّة المحكية الّتي تصدر عن لسان النبيّ هي كالقرآن الكريم، تخصِّص عموم القرآن وتقيّد مطلقه».([11])

خامسًا: ثبوت الغسل عند أئمة الشيعة.

ثبت في كتب الشيعة أن الوضوء الذي فهمه أهل البيت من الآية إنما هو بغسل الأرجل لا مسحها وهو كثير، منه ما رواه الكليني في الكافي، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ S قَالَ: «إِنْ نَسِيتَ فَغَسَلْتَ ذِرَاعَكَ قَبْلَ وَجْهِكَ، فَأَعِدْ غَسْلَ وَجْهِكَ، ثُمَّ اغْسِلْ ذِرَاعَيْكَ بَعْدَ الْوَجْهِ، فَإِنْ بَدَأْتَ بِذِرَاعِكَ الْأَيْسَرِ قَبْلَ الْأَيْمَنِ، فَأَعِدْ غَسْلَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ اغْسِلِ الْيَسَارَ، وَإِنْ نَسِيتَ مَسْحَ رَأْسِكَ حَتّى تَغْسِلَ رِجْلَيْكَ، فَامْسَحْ رَأْسَكَ، ثُمَّ اغْسِلْ رِجْلَيْكَ».([12])

وروى الطوسي في التهذيب والاستبصار: «عن علي S قال: جلست أتوضأ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله حين ابتدأت في الوضوء، فقال: لي تمضمض واستنشق واستن، ثم غسلت ثلاثًا، فقال: قد يجزيك من ذلك المرتان، فغسلت ذراعي ومسحت برأسي مرتين، فقال: قد يجزيك من ذلك المرة، وغسلت قدمي، فقال لي: يا علي، خلل بين الأصابع لا تخلل بالنار».([13])

ولما لم يجد الطوسي في الرواية ضعفًا، لجأ إلى صنم التقية؛ ليتخلص من دين وفقه أهل البيت، فقال: «فهذا خبر موافق للعامة، وقد ورد مورد التقية»!

وفي تفسير العياشي: «عن علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا إبراهيم (ع) عن قول الله: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ» إلى قوله: «إِلَى الْكَعْبَيْنِ» فقال: صدق الله، قلت: جعلت فداك، كيف يتوضأ؟ قال: مرتين مرتين، قلت: يمسح قال: مرة مرة، قلت: من الماء مرة؟ قال: نعم، قلت: جعلت فداك، فالقدمين؟ قال: اغسلهما غسلًا».([14])

وفي فقه الإمام الرضا قال: «وإن غسلت قدميك، ونسيت المسح عليهما، فإن ذلك يجزيك؛ لأنك قد أتيت بأكثر ما عليك، وقد ذكر الله الجميع في القرآن، المسح والغسل، قوله تعالى: (وأرجلَكم إلى الكعبين) أراد به الغسل بنصب اللام، وقوله: (وأرجلِكم) بكسر اللام، أراد به المسح، وكلاهما جائز: الغسل والمسح».([15])

وهذا الإعراض عن عقيدة أهل البيت إنما هو نصب وعداوة لأهل البيت رضوان الله عليهم جميعًا، وما أتى إلا من علماء الإمامية!

سادسًا: عدم صحة مخالفة ابن عباس وأنس في الغسل.

قال الألوسي: «وما يزعمه الإمامية من نسبة المسح إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وأنس بن مالك وغيرهما كذب مفترى عليهم، فإن أحدًا منهم ما روي عنه بطريق صحيح أنه جوز المسح، إلا أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فإنه قال بطريق التعجب: «لا نجد في كتاب الله تعالى إلا المسح، ولكنهم أبوا إلا الغسل» ومراده أن ظاهر الكتاب يوجب المسح على قراءة الجر التي كانت قراءته، ولكن الرسول H وأصحابه لم يفعلوا إلا الغسل، ففي كلامه هذا إشارة إلى قراءة الجر مؤولة متروكة الظاهر بعمل الرسول H والصحابة رضي الله تعالى عنهم، ونسبة جواز المسح إلى أبي العالية وعكرمة والشعبي زور وبهتان أيضًا، وكذلك نسبة الجمع بين الغسل والمسح، أو التخيير بينهما إلى الحسن البصري عليه الرحمة، ومثله نسبة التخيير إلى محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير والتفسير الشهير، وقد نشر رواة الشيعة هذه الأكاذيب المختلفة، ورواها بعض أهل السنة ممن لم يميز الصحيح والسقيم من الأخبار بلا تحقق ولا سند، واتسع الخرق على الراقع، ولعل محمد بن جرير القائل بالتخيير هو محمد بن جرير بن رستم الشيعي صاحب الإيضاح في الإمامة، لا أبو جعفر محمد بن جرير بن غالب الطبري الشافعي الذي هو من أعلام أهل السنة، والمذكور في تفسير هذا هو الغسل فقط لا المسح ولا الجمع ولا التخيير الذي نسبه الشيعة إليه، ولا حجة لهم في دعوى المسح بما روي عن أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه «أنه مسح وجهه ويديه، ومسح رأسه ورجليه، وشرب فضل طهوره قائمًا، وقال: إن الناس يزعمون أن الشرب قائمًا لا يجوز، وقد رأيت رسول الله H صنع مثل ما صنعت».

وهذا وضوء من لم يحدث؛ لأن الكلام في وضوء المحدث لا في مجرد التنظيف بمسح الأطراف، كما يدل عليه ما في الخبر من مسح المغسول اتفاقًا».([16])

وهذا التوجيه الذي وجهه الألوسي V له شاهد من كتب الإمامية، فقد جاء الوضوء بمعنى تنظيف بعض الأطراف لا من حدث، فقال الطباطبائي: «مجمع الفائدة من أبى حمزة عن أبى جعفر (ع) قال: قال: يا أبا حمزة، الوضوء قبل الطّعام وبعده يذهبان الفقر؟ قلت: بأبي وأمي يذهبان، وقد وصفه في الثاني بالحسن قائلًا: والظاهر أنَّ المراد بالوضوء غسل اليد، ومنها ما ذكره في (س) و(لك) و(ضه) ومجمع الفائدة من خبر أبى بصير عن أبى عبد اللّه (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمر، وإماطة للغمر عن الثّياب، ويجلو البصر. ومنها ما ذكره في (لك) ومجمع الفائدة من خبر السّكوني عن أبى عبد الله (ع): من سرّه أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور طعامه، قال في (لك): المراد بالوضوء هنا غسل اليدين».([17])

وحتى من رُوي عنه القول بالمسح قد ثبت عنه الرجوع عن ذلك، فروى ابن أبي شيبة (1/186) بسنده عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: «لَأَنْ أحزهُمَا، أو أحز أصابعي بالسكين؛ أحب إلي من أن أمسح عليهما».([18])

وأما ما نسب إلى أنس بن مالك فقال فيه البيهقي: «فَإِنْمَا أَنْكَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْقِرَاءَةَ دُونَ الْغَسْلِ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ H مَا دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْغَسْلِ».([19])

ومنه ما أخرجه ابن أبي شيبة قال: «حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّ أَنَسًا كَانَ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ وَرِجْلَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ».([20])

وأما علي بن أبي طالب I فقد ثبت عنه الغسل لا المسح، ففي صحيح ابن حبان قَالَ بسنده: «حَدَّثَنَا عَبْدُ خَيْرٍ قَالَ: «دَخَلَ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ الرَّحَبَةَ بَعْدَمَا صَلَّى الْفَجْرَ، فَجَلَسَ فِي الرَّحَبَةِ، ثُمَّ قَالَ لِغُلَامٍ: ائْتِنِي بِطَهُورٍ، فَأَتَاهُ الْغُلَامُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ. قَالَ عَبْدُ خَيْرٍ: وَنَحْنُ جُلُوسٌ نَنْظُرُ إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى الْإِنَاءَ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ. ثُمَّ أَخَذَ بيده اليمنى الإناء، فأفرغ على يده اليسرى -كُلُّ ذَلِكَ لَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى غَسَلَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى، قَالَ: فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَنَثَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى -فَعَلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْإِنَاءِ حَتَّى غَمَرَهَا، ثُمَّ رَفَعَهَا بِمَا حَمَلَتْ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ صَبَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى قَدَمِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ غَسَلَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ صَبَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى قَدَمِهِ الْيُسْرَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَغَرَفَ بِكَفِّهِ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا طَهُورُ نَبِيِّ اللَّهِ، H، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى طَهُورِ نَبِيِّ اللَّهِ، H فهذا طهوره».([21])

وأما ما نُسب لابن جرير الطبري في هذه المسألة فغير صحيح كما جزم بذلك الحافظ ابن كثير، فقال V في تفسيره: «وَمَنْ نَقَلَ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ أَوْجَبَ غَسْلَهُمَا لِلْأَحَادِيثِ، وَأَوْجَبَ مَسْحَهُمَا لِلْآيَةِ، فَلَمْ يُحَقِّقْ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ كَلَامَهُ فِي تَفْسِيرِهِ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَجِبُ دَلْكُ الرِّجْلَيْنِ مِنْ دُونِ سَائِرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُمَا يَلِيَانِ الْأَرْضَ وَالطِّينَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَأَوْجَبَ دَلْكَهُمَا لِيَذْهَبَ مَا عَلَيْهِمَا، وَلَكِنَّهُ عَبَّرَ عَنِ الدَّلْكِ بِالْمَسْحِ، فَاعْتَقَدَ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ أَنَّهُ أَرَادَ وُجُوبَ الْجَمْعِ بَيْنَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَمَسْحِهِمَا، فَحَكَاهُ مَنْ حَكَاهُ كَذَلِكَ، وَلِهَذَا يَسْتَشْكِلُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ مَعْذُورٌ، فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَهُ أَوْ تَأَخَّرَ عَلَيْهِ لِانْدِرَاجِهِ فِيهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّجُلُ مَا ذَكَرْتُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ تَأَمَّلْتُ كَلَامَهُ أَيْضًا فَإِذَا هُوَ يُحَاوِلُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ وَأَرْجُلَكُمْ خَفْضًا عَلَى الْمَسْحِ وَهُوَ الدَّلْكُ، وَنَصْبًا عَلَى الْغَسْلِ، فَأَوْجَبَهُمَا أَخْذًا بِالْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ وَهَذِهِ».([22])

سابعًا: تجويز الشيعة لمخالفة الظاهر في الآية.

1. دعوى التحريف.

آية الوضوء هي من الآيات التي لحقها التحريف عند الإمامية! وأنها على خلاف ما أُنزل، كما روى الكليني في كتاب الكافي بسنده عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عُرْوَةَ التَّمِيمِيِّ قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ S عَنْ قَوْلِ اللهِ D: [ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ] {المائدة:6} فَقُلْتُ: هكَذَا، وَمَسَحْتُ مِنْ ظَهْرِ كَفِّي إِلَى الْمِرْفَقِ؟

فَقَالَ: لَيْسَ هكَذَا تَنْزِيلُهَا، إِنَّمَا هِيَ: [ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ]، ثُمَّ أَمَرَّ يَدَهُ مِنْ مِرْفَقِهِ إِلى أَصَابِعِهِ».([23])

فظاهر الراوية هو نفي لفظة «من» وادِّعاء أنها «إلى» وأنها هكذا نزلت! فعلى أقل التقادير هذه الآية محرفة! ومن عمل بظاهرها كما هي فلا يصح وضوءه ولا يرتفع به الحدث، إذًا فالإمامية تجوز مخالفة الظاهر بدلالة ما ثبت عندهم في الموروث الروائي.

قال المجلسي: «وله S: (هكذا تنزيلها) أي مفادها ومعناها، بأن يكون المراد بلفظة (إلى) (من)، أو المعنى أن (إلى) في الآية غاية للمغسول لا الغسل، فلا يفهم الابتداء من الآية، وظهر من السنة أن الابتداء من المرفق، فالمعنى أنه لا ينافي الابتداء من المرفق لا أنه يفيده، وفيه بعد، والظاهر أنه كان في قراءتهم Q هكذا».([24])

فإن قيل: إن هذا الخبر قد ضعفه المجلسي في المرآة([25]) قلنا: قواه الميرزا أبو القاسم القمي في غنائم الأيام فقال: «وفي رواية الهيثم بن عروة التميمي القويّة عن الصادق S، عن قول الله D: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) فقلت: هكذا، ومسحت من ظهر كَفّي إلى المرفق؟ فقال: «ليس هكذا تنزيلها، إنّما هي (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ من الْمَرافِقِ) ثم أمرّ يده من مرفقه إلى الأصابع».([26])

والعمل بتلك الرواية عند الإمامية منقول في إجماعهم، كما ذكره أحمد الموسوي الروضاتي في إجماع فقهاء الإمامية، فقال: «الصحيح في الوضوء الابتداء في غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، وعند العامة الوضوء صحيح، سواء ابتدأ بغسل اليد من المرافق أو من الأصابع. الناصريات - الشريف المرتضى ص118، 119: المسألة 29: كتاب الطهارة: «لا يجوز الغسل من المرفق إلى الكف».

وعندنا: الصحيح خلاف ذلك، وأن الابتداء من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ويكره استقبال الشعر والابتداء بالأصابع، وفي أصحابنا من أوجب ذلك، وذهب إلى أنه متى ابتدأ بالأصابع وانتهى إلى المرفقين لم يرتفع».([27])

والفتيا عند علمائهم هو عدم صحة وضوء من عمل بظاهر تنزيل الآية، فقال الحلي: «وغسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ويُدْخِلُ المرفقين في الغسل، ولو نكس بطل».([28])

وقال محمد سعيد الحكيم: «يجب في غسل اليدين الابتداء من المرفقين نازلًا إلى أطراف الأصابع ولا يجوز النكس، والمرفق هو مجمع عظمي الذراع والعضد».([29])

فلا ندري مِن أين للإمامية إبطال الوضوء لمن بدأ بالأصابع وانتهى بالمرفق كما هو نص الآية؟!

2. اتحاد العلة في صرف الظاهر.

إن قارنَّا مخالفة الظاهر في الآية بين الموروث الروائي السني والشيعي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السنة قالت بالقراءتين -الخفض والنصب- والذي ذكروه من تأويلات استدلوا عليها بدلالات اللسان الذي نزل به الكتاب، بخلاف الإمامية التي ادَّعت التحريف بالكلية! علم يقينًا أن مذهب السنة هو الأقرب للتنزيل؛ إذ احتجوا بدلالة اللغة والفعل النبوي، بخلاف الإمامية التي قالت بالتحريف!

3. جواز مخالفة الظاهر يُفسد الإنكار.

إذا كانت الإمامية تُجَوِّزُ مخالفة ظاهر الآية في مسألة المرفق-، بل وتُبطل وضوء من وافق ظاهر التنزيل بدلالة قول الإمام، فليس لها آنذاك أن تُعارض تأويل الآية بالسنة بدلالة فعل النبي H، فالعلة في الصرف واحدة مع اختلاف الموضعين، وبشاعة تأويل الإمامية!

4. أقوال علماء الإمامية مخالفة لروايات الأئمة!

وإذا ثبت عند الإمامية أن القرآن ليس بحجة إلا بوجود القيم؛ لما رواه الكليني في كافيه بسنده عن أبي عبد الله أنه قال: «أن الْقُرْآنَ لَا يَكُونُ حُجَّةً إِلَّا بِقَيِّمٍ»([30]) وبناء عليه فتفسيره لا يكون إلا للمعصوم كما قال محمد آمين الأسترابادي: «ومن المعلوم أن حال الكتاب والحديث النبوي لا يعلم إلا من جهتهم Q، فتعين الانحصار في أحاديثهم Q».([31])

مع ثبوت أن المعصوم قد فسر الآية عمليًّا بغسل قدميه كما سبق بيانه، فلماذا يقحم الإمامية أنفسهم فيما لا يجوز لهم شرعًا، مع مخالفة المنقول عن الأئمة؟!

ثامنًا: حجية فعل الصحابة بتقرير الإمامية.

ادعت الإمامية أن الصحابة M ارتدُّوا بعد رسول الله H لعلة الإمامة وكان ظاهرهم الإسلام.

فيلزمكم أنهم كانوا يتوضؤون بطريقة صحيحة غير مبطلة لوضوئهم ولا لصلاتهم، وإلا لزمكم أن تقولوا: إنهم ارتدوا عن الإمامة والصلاة وأحكامها، ولا قائل بهذا، فلزمكم الأخذ بفقههم.

 

_ _ _

 

([1]) الفصول المهمة في أصول الأئمة (1/575)، ثم قال: ورواه الشيخ في التهذيب بإسناده عن أحمد بن محمد البرقي، مثله، وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد السياري نحوه.

وفي كتاب العلل عن علي بن أحمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن أسباط نحوه... ثم قال الحر العاملي: أقول: والأحاديث في ذلك متواترة، ذكرنا جملة منها في كتاب وسائل الشيعة.

٥- فمن ذلك قول الصادق (ع) في الحديثين المختلفين: اعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه.

٦- وقوله (ع): إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم.

٧- وقوله (ع): ما خالف العامة ففيه الرشاد.

٨- وقوله (ع): خذ بما فيه خلاف العامة.

٩- وقوله (ع): ما أنتم والله على شيء مما هم فيه، ولاهم على شيء مما أنتم فيه، فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء.

([2]) صحيح مسلم (2/208).

وقال الزحيلي في تفسير قوله تعالى: [ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ] {المائدة:6}: «نزلت هذه الآية في التّيمم، وكان الوضوء مفروضًا في مكة قبل الهجرة، فكأن الآية لم تزد المؤمنين فيه إلا تلاوته، وإنما أعطتهم الفائدة والرخصة في التّيمم. نزلت في غزوة المريسيع». التفسير الوسيط (1/434).

([3]) التحرير والتنوير (6/130).

([4]) التحرير والتنوير (6/130).

([5]) البرهان في علوم القرآن (1/304 305).

([6]) التمهيد (24/254) ط المغربية.

([7]) التبيان في إعراب القرآن (1/422).

([8]) ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (3/45).

([9]) فتح الباري، ابن حجر (1/266).

([10]) صحيح البخاري (1/43) ط. السلطانية.

([11]) سلسلة المسائل العقائدية (10/56).

([12]) الكافي (٥/١١٠) ط. دار الحديث، الاستبصار (١/١١٤)، وصححه البهبودي (1/190)، ووثقه المجلسي في المرآة (13/113).

([13]) الاستبصار (١/٦٦)، وفي تهذيب الأحكام (1/93)، ووسائل الشيعة، الحر العاملي (1/296).

([14]) تفسير العيّاشي (1/301).

([15]) فقه الرضا (ص97)، مؤسسة آل البيت Q لإحياء التراث.

([16]) روح المعاني (3/250).

([17]) المناهل (ص675).

([18]) مصنف ابن أبي شيبة (ح1971) وصححه محقق المصنف (سعد الشثري).

([19]) قاله البيهقي تعقيبًا على خبر موسَى بنِ أنَسٍ قالَ: «خَطَبَ الحَجّاجُ بنُ يوسُفَ النّاسَ فقالَ: اغسِلوا وُجوهَكُم وأَيديَكُم وأَرجُلَكُم، فاغسِلوا ظاهِرَهُما وباطِنَهُما وعَراقيبَهُما؛ فإِنَّ ذلكَ أقرَبُ إلى جَنَّتِكُم. فقالَ أنَسٌ: صَدَقَ اللهُ وكَذَبَ الحَجّاجُ: (فامسَحوا برُءوسِكُم وأَرجُلِكُم إلى الكَعبَينِ). قالَ: قَرأَها جَرًّا». السنن الكبرى (1/117).

([20]) مصنف ابن أبي شيبة (ح187) وصححه الشثري.

([21]) صحيح ابن حبان (7/34- 35)، وصححه شعيب والألباني.

([22]) تفسير ابن كثير (3/54).

([23]) الكافي (5/91).

([24]) مرآة العقول (13/93).

([25]) السابق نفسه.

([26]) غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام (1/128).

([27]) إجماعات فقهاء الإمامية (1/276).

([28]) إرشاد الأذهان (1/223).

([29]) الأحكام الفقهية (ص22).

([30]) الكافي، الكليني (1/463).

([31]) الفوائد المدنية والشواهد المكية (ص59).

وقال المرتضى: «ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ أفضل مفسّر للنصّ السماوي هو النبيّ الإلهي الّذي يتّصل بالوحي المسدّد من قبل اللّه تعالى، ثمّ انتقلت هذه الْمَهمّة إلى خلفاء الأنبياء، ويمكن أن نصطلح على هذه المنهجيّة في التفسير (منهجية تفسير المعصوم)». نفائس التأويل (1/60).

وقال النراقي: «قد صحَّ عن النبيّ وعن الأئمّة القائمين مقامه أنَّ تفسير القرآن لا يجوز إلَّا بالأثر الصحيح والنصّ الصحيح، وروت العامَّة أيضًا عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من فسّر القرآن برأيه فأصاب الحقَّ فقد أخطأ»». أنيس المجتهدين (1/200).