زعمهم أن أبا حنيفة ساوى بين إيمان الصديق وإبليس

الشبهة:

يزعم الشيعة أن أبا حنيفة شبه إيمان أبي بكر بإيمان إبليس، وجعلهما متساويين في الإيمان، ويقولون: أبو بكر عندكم كالشيطان!

الرد علي الشبهة:

أولا: هذا تدليس من الشيعة كعادتهم في تحريف النصوص والتفصيل كالتالي:

وردت رواية في تاريخ بغداد للخطيب بسنده فقال: حدثني: محمد بن هارون، نا أبو صالح قال: سمعت الفزاري، وحدثني إبراهيم بن سعيد، نا أبو توبة، عن أبي إسحاق الفزاري قال: «كان أبو حنيفة يقول: إيمان إبليس وإيمان أبي بكر واحد، قال أبو بكر: يا رب، وقال إبليس: يا رب»([1]).

والرواية ليس فيها ما يسيء لأبي بكر رضي الله عنه، بالعكس ففيها مدح للصديق، فأبو حنيفة اختار النقيضين: قمة الإيمان وهو أبو بكر رضي الله عنه، وقمة الكفر وهو إبليس لعنه الله.

بل إن نفس العبارة ذُكرت في كتاب «تاريخ بغداد» للخطيب، لكن ذكر فيها اسم سيدنا آدم عليه السلام بدل سيدنا أبي بكر، فيقول نقلًا عن الفزاري: «قال أبو حنيفة: إيمان آدم وإيمان إبليس واحد، قال إبليس: (رَبِّ بما أغْوَيْتَنِي) وقال: (رَبِّ فأنْظِرْني إلى يَوْمِ يُبْعَثُون) وقال آدم: (رَبَّنَا ظلَمْنَا أنفُسَنَا)»([2]).

فأبو حنيفة لا يتعرض هنا لآدم أو لأبي بكر، وإنما لمسألة أصل الإيمان، فكلاهما -آدم أو أبو بكر- ثم معهما إبليس اللعين جميعهم مُؤمن بوجود الله، إلا أنهما طلبا المغفرة، والشيطان لعنه الله استكبر ولم يستغفر، فاتفقا بالإيمان واختلفا بالعمل([3]).

وقد تناول العلماء تلك المسألة حين تكلموا عن إرجاء الفقهاء، فلينظر في محله.

ثانيًا: قال ابن النجار البغدادي قال أبو المظفر عيسى بن أبي بكر بن أيوب الحنفي: «فهذا أيضًا لم ينقل عن أبي حنيفة، لكن لو نقل لكان على ما ذكرت لك من الأصل أن معرفة أبي بكر الصديق بالله كمعرفة إبليس، وهذا لا ينكره عالم؛ لأنا قد أصلنا أن الإيمان هو المعرفة، ولا يشك أن إبليس رأى صنع الله تعالى عيانًا، وأبو بكر إنما ثبت هذا عنده بقول النبي صلى الله تعالى وسلم والنقل، ولا شك أن ثبوت العلم في القلب بالرؤية أكثر من ثبوته بالنقل، ويدل على هذا: أن من وصف له طريق حتى حفظ صفاتها كالماء الجاري ثم أراد أن يسلكها فإنه لا يقدر على ذلك، ومن سلكها دفعة بعد أخرى قدر على سلوكها وإن لم يصفها، ويدلك على ما ذكرت أن أكابر الفقهاء إذا حجوا احتاجوا من يعرفهم، فإذا عرفت هذا كان القياس أن يقول: إن إيمان إبليس أقوى من إيمان أبي بكر، إلا أن العلم لما استوى قلنا: إنه مثله»([4]).

ثالثًا: ما رأيكم أن روايات الشيعة تثبتُ إيمان إبليس إيمانًا حقيقيًّا؟!

فقد روي المجلسي في بحاره قال: «قال علِي عليه السلام: كنت جالسًا عند الكعبة، فإذا شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر، وفي يده عكازة وعلى رأسه برنس أحمر، وعليه مدرعة من الشعر، فدنا إلى النبي صلى الله عليه وآله والنبي مسند ظهره على الكعبة، فقال: يا رسول الله، ادع لي بالمغفرة، فقال النبي صلى الله عليه وآلِه: خاب سعيك يا شيخ وضل عملك، فلما تولى الشيخ قال لي: يا أبا الحسن أتعرفه؟ قلت: لا، قال: ذلك اللعين إبليس، قال علي عليه السلام: فعدوت خلفه حتى لحقته وصرعته إلى الأرض، وجلست على صدره ووضعت يدي في حلقه لأخنقه، فقال لي: لا تفعل يا أبا الحسن، فاني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، والله يا علي إني لأحبك جدًّا، وما أبغضك أحدٌ إلا شركت أباه في أمه فصار ولد زنا، فضحكت وخليت سبيله»([5]).

فهنا إبليسُ مؤمنٌ حقًّا بحبه لعلي، وهذا الإيمان الذي يُدخل الجنة وينجي من النار، فهل سيدخل إبليس الجنة، أم يكون مؤمنًا ويدخل جهنم؟!

ردوها يا رافضة إن استطعتم!

 

 

 

 ([1]) تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف (15/502).

([2]) المصدر السابق.

([3])     أقول: وفي الكامل لابن عدي عن حماد بن زيد: قالَ: قُلتُ لأبي حنيفة أن جابرا روى عنك، وإنك تقول: إيماني كإيمان جبريل وميكائيل، قَال: مَا قلت هذا، ومَنْ قَالَ هذا فهو مبتدع، قَالَ فذكرت ذلك لمحمد بْن الحسن صاحب الرأي قول حَمَّاد بْن زيد، فَقَالَ صدق حَمَّاد؛ إن أَبَا حنيفة كَانَ يكره أن يَقُول ذلك.

 ([4]) الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي، ابن النجار البغدادي تأليف الملك المعظم أبي المظفر عيسى بن أبي بكر بن أيوب الحنفي. (22/٤٨).

 ([5]) بحار الأنوار (27/148).