* اختلف في إسناد هذا الخبر؛ فقد رُوي عن طاووس عن عبد الله بن عمرو، وهو غلط، وإنما يرويه ابن طاووس عن أبيه عن ابن عمرو، قال الخلال:
«وسألْتُ أحْمَدَ عَنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاووُسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ق: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ»([1]).
قال: إنما ابْنُ طَاووُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَوْ غَيْرِهِ، شَكَّ فِيهِ»([2]).
وكذلك ابن طاووس لا يرويه مباشرة عن أبيه إنما يرويه عنه بواسطة رجل مجهول
قال البخاري: «ويروى عَن معمر عَن بن طاووس عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَمْرو رَفعه فِي قصَّته، وَهَذَا مُنْقَطع لَا يُعْتَمد عَلَيْهِ»([3]).
وهذا الرجل المجهول قد بيَّنه الخلالُ وسماه فقال: «رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ قَالَ: سَمِعْت فَرْخَاشَ يُحَدِّثُ هَذَا الحديث عن أبي، عن عبد الله بن عَمْرٍو»([4]).
وهذا الإسناد يخالف الإسناد الذي قبله؛ إذ إنه يذكر أن ليثًا إنما رواه عن طاووس، فذكر الإمام أحمد أنه يرويه «ابن طاووس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أو غيره. شك فيه».
وقوله: «شك فيه» هي من كلام الخلال، يشير بذلك إلى أن الإمام أحمد V شك في رواية ابن طاووس –هو عبد الله بن طاووس بن كيسان- عن أبيه -طاووس- مباشرة بغير واسطة.
وهذه الواسطة الساقطة بينهما التي شك فيها الإمام أحمد، قد نص عليها البخاري إلا أنه جعله رجلًا مجهولًا، ثم بَيَّنَ الخلال أن شك الإمام أحمد صحيح؛ لأن الخبر ورد من رواية عبد الرزاق عن معمر بالتصويب الذي صوبه الإمام أحمد «ابن طاووس بدلًا من طاووس» إلا أن هذا الطريق قد ثَبَّتَ شك الإمام أحمد؛ إذ أظهر أن هناك واسطة ساقطة في هذا الخبر بين عبد الله بن طاووس وأبيه طاووس بن كيسان وهو فرخاش هذا([5]).
وفرخاش هذا مجهول، وهو «عثمان»، يُقال: «بن خاش»، ويقال: «فرخاش»، وهو ابن أخي الشمري، ذكر الحافظ بن حجر V احتمالية تصحيف لفظة «بن» إلى «فر» فصارت «فرخاش» بدلًا من «بن خاش» كما احتمل العكس كذلك([6]). وفرخاش هذا كان معتزليًّا ذاكرَ عمرَو بن عبيد فجره عمرٌو إلى بدعة الاعتزال!
* وأما المتن فوقع فيه اضطراب: ففي رواية البِلَاذُرِي أن الرجل الذي يطلع من أهل النار هو معاوية بن أبي سفيان، وفي مسند أحمد بسند صحيح على شرط مسلم([7]) من حديث عبد الله بن عمرو قال: قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ق، وَقَدْ ذَهَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ لِيَلْحَقَنِي، فَقَالَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: «لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ لَعِينٌ»، فَوَاللهِ مَا زِلْتُ وَجِلًا، أَتَشَوَّفُ دَاخِلًا وَخَارِجًا، حَتَّى دَخَلَ فُلَانٌ، يَعْنِي الْحَكَمَ»([8])، والحكم هذا هو ابن أبي العاص الأموي([9]).
وثَمَّ رواية أخرى ذكرها الهيثمي ونسبها للطبراني في الكبير، وفيها: «ليطلعن عليكم رجل يُبعث يوم القيامة على غير سنتي، أو على غير ملتي»([10])، ولم يعين فيها الطالع.
فمع كل هذا الاضطراب الإسنادي والمخالفة اللفظية لما هو أثبت منه متنًا، يسقط الخبر الطاعن في أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ا.
ولذلك قال ابن تيمية V: «هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْكَذِبِ الْمَوْضُوعِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ دَوَاوِينِ الْحَدِيثِ الَّتِي يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ»([11]).
ثم إن البلاذري هذا لم يوثقْه أحد ما خلا الشيعة كما سيأتي، وهو ليس من أهل الحديث حتى ينفرد بمثل هذه الأخبار! وإنما هو مؤرخ وله دراية بالشعر والأدب والنسب! مع بذاءة لسانه ووقوعه في أعراض الناس.
يقول الصفدي: «وَكَانَ أَحْمد بن يحيى بن جَابر عَالمًا فَاضلًا، شَاعِرًا، راويًا، نسَّابةً، متقنًا، وَكَانَ مَعَ ذَلِك كثير الهجاء، بذيء اللِّسَان، آخِذًا لأعراض النَّاس»([12]).
قال ابن عساكر: «بلغني أنه كان أديبًا راويةً، وأنه مدح المأمون وجالس المتوكل ...»([13]).
حاول بعض الرافضة مدلسًا أن يوهم أن الحافظ ابن حجر وثق البلاذري، فنقل قول الحافظ: «وقال البلاذري الثبت أن الذي باشر قتله أبو برزة الأسلمي»([14]).
وجعل هذه اللفظة «البلاذري الثبت» هو توثيق من الحافظ للبلاذري!
وهذا جهل عميق؛ إذ ليس اللفظ وصفًا للبِلاذُرِي، إنما هو بيان حال الخبر، ولو رجعنا لكلام البلاذري نفسه فإننا نجده يقول: «فقتله أَبُو بَرزة الأسلمي، واسمه نَضلة بْن عَبْد الله، وذلك الثبت»([15])، أي أن هذا هو الثابت تاريخيًّا والراجح عنده.
ولن نجد أحدًا وثق البلاذري إلا الشريف المرتضى الرافضي الذي قال: «وقد روى البلاذري في تاريخه وهو معروف الثقة والضبط، ويرى من مماثلة الشيعة ومقاربتها»([16]).
العلة الثالثة: رواية عبد الرزاق التي استشهد بها الشيعي ليست في كتاب عبد الرزاق، وقد ذكر أهل العلم أنه إذا حدث من غير كتابه فإن حديثه مردود([17])، فضلًا عن تصريح أهل العلم أن لعبد الرزاق أحاديثَ مناكير في (المثالب)، وأيضًا فإنه يروي عن معمر وهو يخطئ في الرواية عنه([18]).
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: «قَالَ ليِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: اكْتُبْ عَنِّي وَلَو حَدِيثًا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ، فَقُلْتُ: لَا، وَلَا حَرْفًا»([19]).
وقد ذكر الإمام أحمد V وهو يتكلم عن حديث عبد الرزاق الذي يرويه عن أبي هرير: «النَّارُ جُبَارٌ» أن الأحاديث التي ليست في كتب عبد الرزاق إنما أدخلوها عليه بعدما عَمِيَ وصار يُلَقن، فكانت هذه هي العلة التي من أجلها لم يعتمد أهل العلم مرويات عبد الرزاق التي ليست في أصل كتابه.
قال الإمام أحمد: «هذا باطل، ليس من هذا شيء، ثم قال: من يحدث به عن عبد الرزاق؟ قيل له: أحمد بن شبويه، قال: هؤلاء سمعوا بعدما عمي،كان يُلَقَّن، فَلُقِّنه وليس هو في كتابه، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه، كان يلقنها بعدما عمي»([20]).
قال ابن رجب: «وقد ذكر غير واحد أن عبد الرزاق حدث بأحاديث مناكير في فضل علي وأهل البيت، فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعدما عمي، كما قاله الإمام أحمد، والله أعلم، وبعضها مما رواه عنه الضعفاء ولا يصح عنه»([21]).
أخرج أبو نعيم في تاريخه عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ ق قَالَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ يَثْرِبَ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي»، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ أَبِي، وَكُنْتُ تَرَكْتُهُ يَتَهَيَّأُ، فَاطَّلَعَ فُلَانٌ([22]).
وفي الأنساب للبلاذري: عَنْ شريك، عن ليث، عن طَاوُوسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ق فَقَالَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي، قَالَ: وَكُنْتُ تَرَكْتُ أَبِي يَلْبَسُ ثِيَابَهُ فَخَشِيتُ أَنْ يَطْلُعَ، فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ»([23]).
✍ قلت: ضعيف جدًّا
فيه ليث بن أبي سليم، قال ابن الجوزي: «لَيْث بن أبي سليم بن زنيم اللَّيْثِيّ الْكُوفِي ... ضعفه ابْن عُيَيْنَة وَالنَّسَائِيّ، وَقَالَ أَحْمد: مُضْطَرب الحَدِيث، وَلَكِن قد حدث عَنهُ النَّاس، وَقَالَ السَّعْدِيُّ: يضعف حَدِيثه، وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَأَبُو زرْعَة: لَا يشْتَغل بِهِ، وَهُوَ مُضْطَرب الحَدِيث، وَقَالَ ابْن حبَان: اخْتَلَط فِي آخر عمره، فَكَانَ يقلب الْأَسَانِيد وَيرْفَع الْمَرَاسِيل وَيَأْتِي عَن الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من حَدِيثهمْ. تَركه يحيى الْقطَّان وَيحيى بن معِين وَابْن مهْدي وَأحمد»([24]).
وفيها شريك بن عبد الله القاضي، قال ابن الجوزي: «شريك بن عبد الله أَبُو عبد الله القَاضِي ... كَانَ يحيى بن سعيد لَا يحدث عَنهُ وَيَقُول: مَا زَالَ مخلطًا، وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: لَهُ أغاليط، وَقَالَ أَبُو زرْعَة: صَاحب وهم، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِيمَا ينْفَرد بِهِ، وَقد انْفَرد بالإخراج عَنهُ مُسلم»([25]).
والشيخان لم يحتج أحدهما بشريك، وقد بَيَّنَ الذهبي أنهما ما أخرجا عنه احتجاجًا به إنما فقط في المتابعات فقال: «وَمَا أَخْرَجَ لِشَرِيكٍ سِوَى مُسْلِمٌ فِي المُتَابَعَاتِ قَلِيلًا، وَخَرَّجَ لَهُ: البُخَارِيُّ تَعْلِيقًا»([26]).
وقد صرح أهل العلم بأن كل حديث في ذم معاوية فهو مكذوب مختلق.
يقول ابن القيم: «وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَضَعَهُ الْكَذَّابُونَ فِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ عَلَى التَّنْصِيصِ عَلَى اسْمَيْهِمَا، وَمَا وَضَعَهُ الْكَذَّابُونَ أَيْضًا فِي ذَمِّهِمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ق وَمَا يُرْوَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ، ومن ذلك الأحاديث في ذَمِّ مُعَاوِيَةَ، وَكَلُّ حَدِيثٍ فِي ذَمِّهِ فَهُوَ كذبٌ، وَكُلُّ حَدِيثٍ فِي ذَمِّ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فهو كذبٌ، وَكُلُّ حَدِيثٍ فِي ذَمِّ بَنِي أُمَيَّةَ فَهُوَ كذبٌ»([27]).
وقال ابن الجوزي V: «وَقَدْ رَوَى عَنْهُ -أي معاوية- وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ أَيْضًا»([28]).
لم تكن عادة النبي ق التصريح بأسماء المنافقين، ولا أدل على ذلك من حذيفة بن اليمان وإخبار النبي ق له بأسماء المنافقين، وكون ذلك من الأسرار؛ وذلك أن المنافق إذا علم بالتصريح بنفاقه من النبي ق فإنه بين أمرين: إما أن يترك النفاق ويؤمن إيمانًا صحيحًا، وإما أن يصرح بكفره كون النفاق أصبح لا أثر له بين المسلمين بعدما عرفوا أنه كافر باطنًا يقينًا لا ظنًّا بتصريح النبي ق، وبه نجزم أنه لا يمكن أن يصرح النبي ق بمثل ذلك بين الصحابة، ثم يخفى عليهم أو يسكتون عليه جميعًا ولا يعترضون على النبي ق لَمَّا استأمنه على كتابة الوحي، وقد علم أنه يموت على غير الإسلام، ولم يعترضوا على الخلفاء لما ولوه على البلاد والعباد.
ومما يجعلنا نقطع ببطلان ذلك الخبر عن عبد الله بن عمرو أنه كان مع أبيه في جيش معاوية، فلماذا لم يخبر عمرو بن العاص بتلك الرواية؟ لا سيما أنه كان معارضًا للقتال كله، فقد كان يكفي لإقناع والده بترك القتال في جيش معاوية أن يذكر له تلك الرواية!
ثم إننا لو سألنا الرافضة عن الأخطر على أمة محمد ق، هل أبو لهب أم معاوية؟ لقالوا وبضرس قاطع: معاوية، وهناك لا بد أن نجزم بأن التحذير من معاوية في القرآن أولى وأنفع من التحذير من أبي لهب، فلماذا يصرح ربنا في كتابه بحال أبي لهب بينما يترك الأخطر ولا يصرح به، بل لا يصلنا إلا مجرد رواية يتيمة رواتها متهمون وأسانيدها مضطربة؟!
بل إن الرواية لو وصلتنا بأصح الأسانيد ثم أعرض الأصحاب ولم يعملوا بها، فإن هذا في موازين الرافضة دليل قاطع على رفض الرواية وعدم اعتبارها.
يقول البروجردي: «ومن هنا اشتهر أن الرواية كلما ازدادت صحة ازدادت ضعفًا وريبًا إذا أعرض عنها الأصحاب، وكلما ازدادت ضعفًا زادت قوة إذا عمل بها الأصحاب، كما في المسألة المشار إليها»([29]).
ويقول الميرزا القمي: «وهذه الأخبار كلما ازدادت عددًا وسندًا ودلالةً مع هجر معظم الأصحاب إياها ازدادت ضعفًا، خصوصًا مع عملهم على ما هو أقل منها عددًا وسندًا ودلالةً»([30]).
ويقول حيدر حب الله: «ولهذا ضعّف الأدلّةَ الروائيّةَ هنا بعضُ الفقهاء في بحوثهم العلميّة، مثل الشيخ جعفر السبحاني، والسيد تقي القمي، والسيد العاملي صاحب (نهاية المرام)، لكنّهم عادوا وقوّوا الروايات بعمل الأصحاب وبالإجماع المحقّق على هذا الحكم ...»([31]).
ويقول المحقق الآبي: «عمل الأصحاب واعتمادهم يهدم البناء السندي المتشدّد في الأخذ بروايات غير الإمامية»([32]).
أخرج البخاري في صحيحه عن عُمَيْرَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَهُوَ نَازِلٌ فِي سَاحِلِ حِمْصَ، وَهُوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ، قَالَ عُمَيْرٌ: فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ق يَقُولُ: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا، قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: أَنْتِ فِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ق: أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ. فَقُلْتُ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لَا»([33]).
وعند ابن كثير: «فَقَالَتْ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: «أنت منَ الأوَّلين»، يعني جيش معاوية حين غزا قبرص، فَفَتَحَهَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَيَّامَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَكَانَتْ مَعَهُمْ أُمُّ حَرَامٍ فَمَاتَتَ هنالك بقبرص»([34]).
فهذه شهادة من النبي ق لمعاوية على وجه العموم.
ومن دعائه ق لمعاوية ما رُوي عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ق، يَقُولُ: «اللهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ»([35]) حسنه الألباني في الشواهد([36]).
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ الْأَزْدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ق أَنَّهُ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ وَقَالَ: «اللهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَاهْدِ بِهِ»،([37]) فأني لمن هذا حاله وتلك شهادة النبي ق له أن يوسم بما وُسِم به على ألسنة مناوئيه؟!
([1]) هذا الخبر بهذا الإسناد أخرجه البلاذري في الأنساب قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شريك، عن ليث، عن طَاوُوسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ق فَقَالَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي، قَالَ: وَكُنْتُ تَرَكْتُ أَبِي يَلْبَسُ ثِيَابَهُ فَخَشِيتُ أَنْ يَطْلُعَ، فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ».
✍ قلت: هذا منقطع، فالراوي هو ابن طاووس وليس طاووسًا، ويرويه عن أبيه بواسطة فرخاش وهو مجهول كما بيَّناه في متن الكتاب.
([2]) المنتخب من علل الخلال (1/228).
([3]) التاريخ الأوسط (1/136).
([4]) المنتخب من علل الخلال (1/228).
([5]) عثمان بن خاش، أو عثمان فرخاش، بصري.
([6]) قال الحافظ: «لكنني رأيته في نسخة قديمة من ضعفاء العقيلي: عثمان فرخاش فما أدري تصحفت (بن) فصارت (فر) أو بالعكس». لسان الميزان (5/379) (ت5108).
([7]) أفاده محققو المسند (11/71، 72) (ح6520).
([9]) وهو عم عثمان بن عفان والد مروان، كان من مسلمة الفتح، وله أدنى نصيب من الصحبة، سكن المدينة، ثم أخرجه رسولُ الله ق منها إلى الطائف، فبقي فيها إلى أن أعاده عثمان في خلافته إليها.
([10]) مجمع الزوائد (1/147).
([11]) منهاج السنة النبوية (4/444).
([12]) الوافي بالوفيات (8/156).
([13]) لسان الميزان (1/323).
([14]) https://2u.pw/GeSTMa
([15]) أنساب الأشراف، البلاذري (1/360).
([16]) الشافي في الإمامة، الشريف المرتضى (٤/147).
([17]) قال البخاري: «ما حَدَّثَ مِنْ كِتابِه فهُوَ أَصحُّ» التاريخ الكبير، البخاري (7/156) ت الدباسي والنحال.
([18]) قال الدارقطني: «ثقة، لكنه يخطئ على معمر في أحاديث». ميزان الاعتدال (2/110).
([19]) مسند أحمد (22/76) ط الرسالة.
([20]) الجامع لعلوم الإمام أحمد = علل الحديث (15/269).
([21]) شرح علل الترمذي (2/753).
([22]) تاريخ أصبهان = أخبار أصبهان (2/77).
([23]) أنساب الأشراف، البلاذري (5/126).
([24]) الضعفاء والمتروكون، ابن الجوزي (3/29).
([25]) الضعفاء والمتروكون، ابن الجوزي (2/39).
([26]) سير أعلام النبلاء (8/201) ط الرسالة.
([27]) المنار المنيف في الصحيح والضعيف = نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول، ابن القيم (ص١١٧ – ١١٦).
([28]) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، ابن الجوزي (1/279).
([29]) تقريرات في أصول الفقه - تقرير بحث البروجردي، الاشتهاردي (ص296).
([30]) غنائم الأيام - الميرزا القمي (1/414).
([31]) مباني منهاج الصالحين، الطباطبائي (10/4)، إضاءات في الفكر والدين والاجتماع، حيدر حب الله (ص٣٦٧).
([32]) كشف الرموز، المحقق الآبي (1/77، 245، 273).
([33]) صحيح البخاري (4/42) ط السلطانية.
([34]) البداية والنهاية، ت شيري (8/251).
([35]) صحيح ابن حبان (4/348)، مسند أحمد (28/383) ط الرسالة، مسند البزار = البحر الزخار (10/138).
قال الألباني: «أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (1938)، وابن حبان (2782)، وأحمد (4/127)، وفي «فضائل الصحابة» (1748)، والبزار (2723)، والفسوي في «التاريخ» (2/345)، والحسن بن عرفة في «جزئه» (61/122)، والطبراني في «المعجم الكبير» (18/251/628)، وابن عدي في «الكامل» (6/406)، ومن المخطوطات: أبو القاسم الكتَّاني في «جزء من حديثه» (ق 4/2)، وفي «مجلس البطاقة» أيضًا (ق 188/1)، وابن بِشران في «الأمالي» (ق 14/1)، وابن حمصة في «جزء البطاقة» (ق70/2)، وأبو طاهر الأنباري في «مشيخته» (ق 149/1)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (16/682، 683)، وأبو موسى المديني في «جزء من الأمالي» (ق1/2) كلهم عن يونس به.
([36]) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/688).
([37]) مسند أحمد (29/426 ط الرسالة)، [حكم الألباني]: صحيح، سنن الترمذي (5/687) ت شاكر، [تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]: إسناده حسن، جامع الأصول (9/107).