الثابت في الروايات الصحيحة أن قاتل محمد بن أبي بكر هو معاوية بن حُديج وليس معاوية بن أبي سفيان ا، ولكن الشيعة كعادتهم يرجفون ويكذبون ويدلسون، فيجعلون قاتله هو ابن أبي سفيان لاشتباه الاسم الأول «معاوية»!
وقتل معاوية بن حديج لمحمد بن أبي بكر لم يكن بإيعاز من معاوية بن أبي سفيان –كما سيأتي بيانه- ولا من واليه على مصر عمرو بن العاص، بل إن الوارد في الروايات أن عمرو بن العاص نهى معاوية بن حديج عن قتل محمد بن أبي بكر.
فقد أخرج أبو عوانة -بسند صحيح- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ لِي: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، قَالَتْ: كَيْفَ وَجَدْتُمُ ابْنَ حُدَيْجٍ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ: وَجَدْنَاهُ خَيْرَ أَمِيرٍ، مَا مَاتَ لِرَجُلٍ مِنَّا عَبْدٌ إِلَّا أَعْطَاهُ عَبْدًا، وَلَا بَعِيرٌ إِلَّا أَعْطَاهُ بَعِيرًا، وَلَا فَرَسٌ إِلَّا أَعْطَاهُ فَرَسًا، فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي قَتْلَهُ أَخِي أَنْ أُحَدِّثَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ق، فَأَخْبِرْهُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ق يَقُولُ: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ، وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَشُقَّ عَلَيْهِ»»([1]).
وأصل الحديث في صحيح مسلم، لكنه لم يصرح باسم الأمير الذي سألت عنه أم المؤمنين، وإنما فيه: «فَقَالَتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا، إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ، وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ ... » الخبر([2]).
اعترف مؤرخو الشيعة بأن قاتل ابن أبي بكر هو ابن حديج وليس ابن أبي سفيان، قال اليعقوبي: «ومعاوية بن حديج الكندي على الخارجة، فلقيهم محمد بن أبي بكر بموضع يقال له: المسناة، فحاربهم محاربة شديدة ... فخلفوا محمد بن أبي بكر وحده، فجالد ساعة، ثم مضى فدخل منزل قوم خرابة، واتبعه ابن حديج الكندي، فأخذه وقتله، وأدخله جيفة حمار، وحرقه بالنار في زقاق يُعرف بزقاق الحوف»([3]).
وقال المسعودي الشيعي: «وفي سنة ثمان وثلاثين وجه معاوية عمرو بن العاص إلى مصر في أربعة آلاف ومعه معاوية بن خديج وأبو الأعور السلمي، واستعمل عمرًا عليها حياته، ووفَّى بما تقدم من ضمانه، فالتقوا هم ومحمد ابن أبي بكر -وكان عامل علي عليها بالموضع المعروف بالمسناة- فاقتتلوا، فانهزم محمد لإسلام أصحابه إياه وتركهم له، وصار إلى موضع بمصر، فاختفى فيه، فأحيط بالدار، فخرج إليهم محمد ومن معه من أصحابه، فقاتلهم حتى قُتل، فأخذه معاوية بن خديج وعمرو بن العاص وغيرهما، فجعلوه في جلد حمار وأضرموه بالنار، وذلك بموضع في مصر، يقال له: كوم شريك»([4]).
وأصل ذلك كله روايات أبي مِخنف الكذاب، ومع ذلك فهذا اعتراف منهم بأن قاتل محمد بن أبي بكر ليس هو ابن أبي سفيان، وإنما ابن خديج.
كانت هذه كلها حروب فتنة -كما حكم عليها علي بن أبي طالب- وقد ذكر أن محمد بن أبي بكر قد أفسد فسادًا عظيمًا في مصر، قال ابن تغري بردي: «ففتك محمد في المصريين، وهدم دور شيعة عثمان بن عفان، ونهب دورهم وأموالهم وهتك ذراريهم، فنصبوا له الحرب وحاربوه»([5]).
الروايات التي ذُكرت صفة مقتله بالحرق والوضع في جوف حمار جميعها لا يصح كما سيأتي، وأجود ما ورد في ذلك ما أخرجه الطبراني بسنده عن قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: «أُخِذَ الْفَاسِقُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي شِعْبٍ مِنْ شِعَابِ مِصْرَ، فَأُدْخِلَ فِي جَوْفِ حِمَارٍ فَأُحْرِقَ»([6])، ووثق الهيثمي رجاله في المجمع([7]).
وهذه الرواية رجالها ثقات كما ذكر الهيثمي، إلا أن فيها انقطاعًا، فقد كانت الواقعة بمصر والحسن البصري -الراوي- لم يذهب إلى مصر، فلا ندري عن من حمل الخبر!
وقد روى خليفة بن خياط بإسنادٍ رجاله ثقات ليس فيها ما جاء في رواية الحسن شيء، عن غنْدر قَالَ: نَا شُعْبَة بْن دِينَار قَالَ: «أُتِي عَمْرو بْن الْعَاصِ بِمُحَمد بْن أَبِي بَكْر أَسِيرًا فَقَالَ: هَل مَعَك عهد؟ هَل مَعَك عقد من أحد؟ قَالَ: فَأمر بِهِ فَقتل»([8]).
هذه الصفة المذكورة في مقتله قد نهى عنها الشارع حتى مع الكافرين، فـعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ق إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا»([9]).
وقال الشافعي: «وَإِذَا أَسَرَ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ فَأَرَادُوا قَتْلَهُمْ قَتَلُوهُمْ بِضَرْبِ الْأَعْنَاقِ، وَلَمْ يُجَاوِزُوا ذَلِكَ إلَى أَنْ يُمَثِّلُوا بِقَطْعِ يَدٍ وَلَا رِجْلٍ وَلَا عُضْوٍ وَلَا مِفْصَلٍ، وَلَا بَقْرِ بَطْنٍ وَلَا تَحْرِيقٍ وَلَا تَغْرِيقٍ، وَلَا شَيْءٍ يَعْدُو مَا وَصَفْت؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ ق نَهَى عَن الْمُثْلَةِ»([10]).
فإذا كان النهي عن مثل هذه القتلة مستقرًّا في مذاهب أهل الإسلام وفي دواوينهم وكتبهم الفقهية، فطبيعي جدًّا أنها لو كانت قد وقعت في ابن أبي بكر لنقلوه بالإسناد الصحيح، وما سكتوا عنه ولأَنكروه غاية الإنكار؛ لما فيه من المخالفة الشرعية، بل ولما سكت أعداء الإسلام من النصارى واليهود عن تدوين مثل ذلك، وجعلوه طعنًا في الإسلام، وهذا ما لم يكن قط، وهو مما يجعلنا نجزم أن تلك الصفة المذكورة في مقتله محال أن تكون قد حدثت، خاصة أن رواية صحيح مسلم أن أم المؤمنين ما علمت إلا أن أخاها قد قتله معاوية بن حديج، ولو علمت أنه مثَّل به بتلك المُثْلة الشنيعة لما ذكرت حديثًا يدل على مدحه، ولذكرت نهي النبي ق عنها، أما القتل فسكتت عنه؛ لأنها تعلم أنه قتال فتنة لا غير ذلك.
جميع الروايات التي ذكرت أن الذي قتل أو حرَّض على قتل محمد بن أبي بكر هو معاوية بن أبي سفيان ضعيفة لا تصح، وأكثرها عن طريق الكذاب أبي مِخنف، وأنا أذكر إسناد الرواية والشاهد منها فقط، ثم أذكر أوجه ضعفها، بغضِّ النظر عن كون الرواية فيها ما يؤيد دعوى المدعى أو يبطلها.
قال الطبري: «قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي أَبُو جهضم الأَزْدِيّ -رجل من أهل الشام- عن عَبْد اللهِ بن حوالة الأَزْدِيّ، أن أهل الشام لما انصرفوا من صفين ... فَقَالَ لَهُمْ مُحَمَّد: اسقوني من الماء، قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة بن حديج: لا سقاه الله إن سقاك قطرة أبدًا! إنكم منعتم عُثْمَان أن يشرب الماء حَتَّى قتلتموه صائمًا محرمًا، فتلقاه الله بالرحيق المختوم، والله لأقتلنك يا ابن أبي بكر فيسقيك الله الحميم والغساق! قَالَ له محمد: يا ابن اليهودية النساجة، ليس ذَلِكَ إليك وإلى من ذكرت، إنما ذَلِكَ إِلَى اللهِ D يسقي أولياءه، ويظمئ أعداءه، أنت وضرباؤك ومن تولاه، أما وَاللهِ لو كَانَ سيفي فِي يدي مَا بلغتم مني هَذَا»([11]).
✍ قلت: موضوع.
ويكفي في سقوط هذا الخبر أن راويه هو أبو مخنف الكذاب المتروك([12])، وزد عليه أبا جهضم الأزدي، وهو مجهول العين والحال([13]).
بل وجاء في الرواية ما يهدم كل دعوى يدَّعيها أي رافضي بأن قاتل ابن أبي بكر معاوية بن أبي سفيان أو عمرو بن العاص عامله على مصر، فجاء فيها: «وخرج مُعَاوِيَة وودعه وَقَالَ لَهُ عِنْدَ وداعه إِيَّاهُ: أوصيك يَا عَمْرو بتقوى الله والرفق فإنه يمن، وبالمهل والتؤدة، فإن العجلة من الشَّيْطَان، وبأن تقبل ممن أقبل، وأن تعفو عمن أدبر، فإن قبل فبها ونعمت، وإن أبى فإن السطوة بعد المعذرة أبلغ فِي الحجة، وأحسن فِي العاقبة، وادع الناس إِلَى الصلح والجماعة، فإذا أنت ظهرت فليكن أنصارك آثر الناس عندك، وكل الناس فأوْلِ حسنًا.
قَالَ: فخرج عَمْرو يسير حَتَّى نزل أداني أرض مصر، فاجتمعت العثمانية إِلَيْهِ، فأقام بهم، وكتب إِلَى مُحَمَّد بن أبي بكر: أَمَّا بَعْدُ، فتنح عني بدمك يا بن أبي بكر، فإني لا أحب أن يصيبك مني ظفر، إن الناس بهذه البلاد قَدِ اجتمعوا عَلَى خلافك، ورفض أمرك، وندموا عَلَى اتباعك، فهم مسلموك لو قَدِ التقت حلقتا البطان، فاخرج منها، فإني لك من الناصحين، والسلام»([14]).
وبذلك فاضرب بكل تهمة قالتها الرافضة في ذلك عُرض الحائط.
ذكر هِشَام عن أبي مخنف قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْحَارِث بن كعب بن فقيم، عن جندب، عن عَبْد اللهِ بن فقيم عم الْحَارِث بن كعب: «يستصرخ من قبل مُحَمَّد بن أبي بكر إِلَى علي .... وأما الأَنْصَارِيّ فكان مع مُحَمَّد بن أبي بكر، فحدثه الأَنْصَارِيّ بِمَا رَأَى وعاين وبهلاك مُحَمَّد»([15]).
وليس في الرواية شاهد يذكر أن معاوية هو قاتله، ومع ذلك فإسنادها ساقط؛ إذ هي من طريق أبي مخنف الكذاب، بل وفي نص الخبر أن السبب في مقتله هم الشيعة؛ إذ إن عليًّا استصرخهم لإنقاذ محمد بن أبي بكر، فلم يستجب منهم أحد وخذلوه!([16])([17])
قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي فضيل بن خديج، عن مالك بن الحور: «أن عَلِيًّا قَالَ: رحم الله مُحَمَّدًا! كَانَ غلامًا حدثًا، أما وَاللهِ لقد كنت عَلَى أن أولي المرقال هاشم بن عتبة مصر([18])، أما وَاللهِ لو أنه وليها مَا خلى لعمرو بن الْعَاصِ وأعوانه الفجرة العرصة، ولما قتل إلا وسيفه فِي يده، لا بلا دم كمُحَمَّد، فرحم الله مُحَمَّدًا، فقد اجتهد نفسه، وقضى مَا عَلَيْهِ»([19]).
وهذه الرواية أيضًا من طريق أبي مخنف الكذاب، ساقطة كراويها، ثم هي لا تثبت دعواهم في شيء!
ذكر الكندي في ولاة مصر قال: حدثنا حسن المديني قال: حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير قال: حدثني الليث، عن عبد الكريم بن الحارث قال: «ولما أجمع علي ومعاوية على الحكمين، أغفل علي أن يشترط على معاوية أن لا يقاتل أهل مصر، فلما انصرف علي إلى العراق بعث معاوية عمرو بن العاص في جيوش إلى أهل الشام وإلى مصر، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فقال عمرو: وشهدت ثمانية عشر زحفا براكاء فلم أر يومًا مثل المسناة، ثم انهزم أهل مصر، فدخل عمرو بأهل الشام الفسطاط، وتغيب محمد بن أبي بكر في غافق، فآواه رجل منهم، فأقبل معاوية بن حديج في رهط ممن يعينه على من كان مشى في عثمان، فطلب ابن أبي بكر، فوجدت أخت الرجل الغافقي الذي كان أواه كانت ضعيفة العقل، فقالت: أي شيء تلتمسون ابن أبي بكر أدلكم عليه ولا تقتلون أخي، فدلتهم عليه، فقال: احفظوني في أبي بكر، فقال معاوية ابن حديج: قتلت من قومي ثمانين رجلًا في عثمان وأتركك وأنت صاحبه، فقتله ثم جعله في جيفة حمار ميت، فأحرقه بالنار»([20]).
✍ قلت: ضعيفة جدًّا.
أخرجها الكندي من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب به، وهذا مرسل؛ فيزيد بن أبي حبيب من الخامسة، وكان يرسل، ولد بعد سنة خمسين في دولة معاوية([21])، والخبر ضعيف مع إرساله، فابن لهيعة ضعيف مدلس.
وللحديث طرق أخرى عن يزيد بن حبيب، أخرجها الكندي بسنده عن يزيد بن أبي حبيب به.
وذكر زيادة انفرد بها، وهي قوله: «وأمرت أم حبيبة بنت أبي سفيان بكبش فشوي، وبعثت به إلى عائشة فقالت: هكذا شوي أخوك. قال: فلم تأكل عائشة شواء حتى لحقت بالله»([22]).
وإسناد هذا الخبر مرسل؛ إذ فيه زيد بن أبي زيد، وهو مجهول الحال([23])، وزاد بعضهم أن عائشة قالت لحبيبة: «يا ابنة العاهرة»، وهذه زيادة لا تجد لها أثرًا مسندًا قط، إنما هي من زيادات بعض الكذبة!
أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن جرير بن حازم قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: «بعث عليُّ بن أبي طالب قيسَ بن سعد أميرًا على مصر ... فلما قدم على قيس بن سعد قال له قيس: انظر ما آمرك به، إذا كتب إليك معاوية بكذا وكذا فاكتب إليه بكذا وكذا، وإذا صنع كذا فاصنع كذا، وإياك أن تخالف ما أمرتك به، والله لكأني أنظر إليك إن فعلت قد قتلت، ثم أدخلت في جوف حمار فأحرقت بالنار، قال: ففعل ذلك به»([24]).
✍ قلت: ضعيف فيه انقطاع.
فمحمد بن سيرين لم يدرك الواقعة؛ إذ مولده ٣٣هـ وقيل: ٣١هـ([25])، والأقرب 33هـ، فعن أنس بن سيرين قال: «ولد محمد بن سيرين لسنتين بقيتا من خلافة عثمان بن عفان»([26])، وهذه الواقعة ذكرها الطبري في أحداث سنة أربعين، فيكون محمد بن سيرين وقت حدوث الواقعة ابن ست أو سبع سنين.
ثم إن الرواية ليس فيها أن معاوية هو الذي قتل أو حرَّض على القتل، بل القتل هنا منسوب لمجهول.
أخرج البلاذري عن الواقدي قوله: «ولم يزل عَبْد اللهِ بْن سَعْد واليًا حَتَّى غلب مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة عَلَى مصر، وهو كان أنغلها عَلَى عُثْمَان ثُمَّ إن عليًّا ا ولى قيس بْن سَعْد بْن عبادة الأنصاري مصر، ثُمَّ عزله واستعمل عليها مُحَمَّد بْن أَبِي بكر الصديق، ثُمَّ عزله وولى مالكًا الأشترَ فاعتل بالقلزم، ثُمَّ ولى مُحَمَّد بْن أبي بكر ثانية ورده عليها، فقتله معاوية بن حديج وأحرقه في جوف حمار، وكان الوالي عمرو بن العاصي من قبل معاوية بْن أَبِي سُفْيَان»([27]).
والواقدي متروك، فضلًا عن أنه لم يسق لها سندًا! بل وفي الرواية أن قاتل ابن أبي بكر هو معاوية بن حديج!
فهذه جميع الروايات التي وقفنا عليها، وما تناقلته كتب التاريخ إنما مصدره رواية من تلك الروايات الضعيفة، وبه يسقط ما زعمته الرافضة من قتل معاوية بن أبي سفيان ا لمحمد بن أبي بكر.
([1]) مستخرج أبي عوانة (4/381).
([2]) صحيح مسلم، عبد الباقي (3/1458) (ح1828).
([3]) تاريخ اليعقوبي (2/194).
([4]) مروج الذهب ومعادن الجوهر، علي المسعودي (2/317).
([5]) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (1/107).
([6]) المعجم الكبير، الطبراني (1/84).
([7]) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (9/97).
([8]) تاريخ خليفة بن خياط (ص١٩٢).
([9]) صحيح مسلم (3/1357).
([10]) الأم، الشافعي (4/259).
([11]) تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (5/97 و 104).
([12]) الضعفاء والمتروكون، ابن الجوزي (3/28)، سير أعلام النبلاء (7/10) ط الحديث.
([13]) المعجم الصغير لرواة الإمام ابن جرير الطبري (2/689).
فضلًا عن أن الرواية فيها ما يبطل دعوى الشيعة «أن معاوية بن أبي سفيان هو الذي قتل محمد بن أبي بكر»، وتُثبت أن الذي قتله معاوية بن حديج، وهذا ما نقلناه في أصل الرواية أعلاه، بل وكان في الرواية ما يدل على أن معاوية نهى عن ذلك، وأن قائده على مصر عمرو بن العاص أرسل إلى محمد بن أبي بكر أن لا يتعرض له؛ لأنه لا يريد أن يمسه بأذى، فكيف يقال بعد ذلك إن الذي قتله هو معاوية بن أبي سفيان؟!
([14]) تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (5/100).
([15]) تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (5/106، 108).
([16]) جاء في متن الخبر: «فلما كَانَ من الغد خرج يمشي، فنزلها بكرة، فأقام بِهَا حَتَّى انتصف النهار يومه ذَلِكَ، فلم يوافه مِنْهُمْ رجل واحد، فرجع فلما كَانَ من العشي بعث إِلَى أشراف الناس، فدخلوا عَلَيْهِ القصر وَهُوَ حزين كئيب، فَقَالَ: الحمد للهِ عَلَى مَا قضى من أمري، وقدر من فعلي، وابتلاني بكم أيتها الفرقة ممن لا يطيع إذا أمرت، وَلا يجيب إذا دعوت، لا أبا لغيركم! مَا تنتظرون بصبركم، والجهاد عَلَى حقكم! الموت والذل لكم فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى غير الحق، فو الله لَئِنْ جَاءَ الموت
-وليأتين- ليفرقن بيني وبينكم، وأنا لصحبتكم قالٍ، وبكم غير ضنين، للهِ أنتم! لا دين يجمعكم، وَلا حمية تحميكم، إذا أنتم سمعتم بعدوكم يرد بلادكم، ويشن الغارة عليكم أو ليس عجبًا أن مُعَاوِيَة يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه عَلَى غير عطاء وَلا معونة! ويجيبونه فِي السنة المرتين والثلاث إِلَى أي وجه شاء، وأنا أدعوكم
-وَأَنْتُمْ أولو النهي وبقية الناس- عَلَى المعونة وطائفة مِنْكُمْ عَلَى العطاء، فتقومون عني وتعصونني، وتختلفون علي!». تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (5/107).
وقال أيضًا: «وَقَدْ كنت قمت فِي الناس فِي بدئه، وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة، ودعوتهم سرًّا وجهرًا، وعودًا وبدءًا، فمنهم من أتى كارهًا، ومنهم من اعتل كاذبًا، ومنهم القاعد حالًا، أسأل الله أن يجعل لي مِنْهُمْ فرجًا ومخرجًا، وأن يريحني مِنْهُمْ عاجلًا، وَاللهِ لولا طمعي عِنْدَ لقاء عدوي في الشهادة لأحببت ألا أبقى مع هَؤُلاءِ يَوْمًا واحدًا، عزم الله لنا ولك عَلَى الرشد، وعلى تقواه وهداه، إنه عَلَى كل شَيْء قدير، والسلام». تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (5/109).
وكفى بكلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب طعنًا في الشيعة.
([17]) تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (5/107).
([18]) «هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص القرشي الزهري، ابن أخي سعد بن أبي وقاص، يكنى أبا عمرو، أسلم هاشم بن عتبة يوم الفتح، يعرف بالمرقال، وكان من الفضلاء الخيار، وكان من الأبطال البهم، فقئت عينه يوم اليرموك، ثم أرسله عمر من اليرموك مع خيل العراق إلى سعد وبيده كانت راية علي على الرجالة يوم صفين، ويومئذ قتل». انظر الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٤/١٥- ٤٧).
([19]) تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (5/107).
([20]) كتاب الولاة وكتاب القضاة (ص24) ط العلمية.
([21]) التقريب (ت7701)، وجامع التحصيل (ت891)، وسير أعلام النبلاء (6/31).
([23]) ترجم له الخطيب البغدادي (8/447)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
([24]) مصنف ابن أبي شيبة (17/166) (ح32741).
([25]) قال ابن عساكر: «وذكر أبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي -وفي الهامش قال: لم أجد له ترجمة- أن ابن سيرين ولد سنة إحدى وثلاثين في خلافة عثمان». تاريخ دمشق، ابن عساكر (53/174).
([26]) الطبقات الكبرى، ابن سعد (7/143)، التاريخ الأوسط، البخاري (1/260)، تاريخ دمشق، ابن عساكر (9/316)، المنتخب من ذيل المذيل، الطبري (1/127).
([27]) فتوح البلدان (ص225).