اتفقت الروايات على أن عليًّا قد بايع عثمان ب، ولم يتردد أو يتلكأ، ولم يكن ذلك عن خديعة كما زعموا، بل ثبت أنه ا بايع في أول الناس رضًا وطواعيةً.
ففي صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون: «... فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ وَاللهُ عَلَيَّ أَلَّا آلُ عَنْ أَفْضَلِكُمْ؟ قَالَا: نَعَمْ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ: لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ ق وَالقَدَمُ فِي الإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَاللهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ، ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَخَذَ المِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ، وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ»([1]).
فهذه الرواية تنص على أن عليًّا كان الرجل الثاني الذي يبايع عثمان، والأول بعد عبد الرحمن بن عوف؛ ولذلك قال ابن كثير: «وَبَايَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوَّلًا»([2]).
وفي رواية أخرى عند البخاري عن المسور بن مخرمة: «فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ، إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَالخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ»([3]).
انعقد إجماع الأصحاب ي على خلافة عثمان بن عفان ا، فقد روى ابن أبي شيبة عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: «حَجَجْتُ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ فَلَمْ يَكُونُوا يَشُكُّونَ أَنَّ الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِهِ لِعُثْمَانَ»([4])، ونقل الإمام أحمد الإجماع على ذلك فقال: «لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى بَيْعَةِ أَحَدٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى بَيْعَةِ عُثْمَانَ»([5]).
ونقله ابن كثير كذلك فقال: «ثُمَّ نَهَضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ا يَسْتَشِيرُ النَّاسَ فِيهِمَا وَيَجْتَمِعُ بِرُؤُوسِ النَّاسِ وَأَجْنَادِهِمْ؛ جَمِيعًا وَأَشْتَاتًا، مَثْنَى وَفُرَادَى وَمُجْتَمِعِينَ، سِرًّا وَجَهْرًا، حَتَّى خَلَصَ إِلَى النِّسَاءِ الْمُخَدَّرَاتِ فِي حِجَابِهِنَّ، وَحَتَّى سَأَلَ الْوِلْدَانَ فِي الْمَكَاتِبِ، وَحَتَّى سَأَلَ مَنْ يَرِدُ مِنَ الرُّكْبَانِ وَالْأَعْرَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، فَلَمْ يَجِدِ اثْنَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي تَقْدِيمِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ؛ إِلَّا مَا يُنْقَلُ عَنْ عَمَّارٍ وَالْمِقْدَادِ أَنَّهُمَا أَشَارَا بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ بَايَعَا مَعَ النَّاسِ عَلَى مَا سَيُذْكَرُ.
فَسَعَى فِي ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا لَا يَغْتَمِضُ بِكَثِيرِ نَوْمٍ إِلَّا صَلَاةً وَدُعَاءً وَاسْتِخَارَةً، وَسُؤَالًا مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَعْدِلُ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ا»([6]).
كل هذه النصوص تدلك على إجماع الصحابة - بمن فيهم علي بن أبي طالب - على بيعة عثمان بن عفان ا، وأنه لم يختلف في بيعته أحد، ولم تكن كما زعم الزاعمون بمجرد بيعة عبد الرحمن له، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية V: «عُثْمَانُ لَمْ يَصِرْ إِمَامًا بِاخْتِيَارِ بَعْضِهِمْ، بَلْ بِمُبَايَعَةِ النَّاسِ لَهُ، وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ بَايَعُوا عُثْمَانَ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ بَيْعَتِهِ أَحَدٌ... قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَمْدَانَ بْنِ عَلِيٍّ: مَا كَانَ فِي الْقَوْمِ أَوْكَدُ بَيْعَةً مِنْ عُثْمَانَ كَانَتْ بِإِجْمَاعِهِمْ، فَلَمَّا بَايَعَهُ ذَوُو الشَّوْكَةِ وَالْقُدْرَةِ صَارَ إِمَامًا، وَإِلَّا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَايَعَهُ، وَلَمْ يُبَايِعْهُ عَلِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَهْلِ الشَّوْكَةِ لَمْ يَصِرْ إِمَامًا»([7]).
وقد اعترفت بذلك كتب الشيعة، فقد نسبوا إلى علي ا قوله: «فخشِيَ القوم إن أنا وليتُ عليهم ألا يكونَ لهم في الأمر نصيب ما بقوا، فأجمعوا إجماعًا واحدًا، فصرفوا الولاية الى عثمان وأخرجوني منها»([8]).
ذكر الطوسي رواية طويلة عن علي بن أبي طالب جاء فيها أنه قال: «فَبَايَعْتُمْ عُثْمَانَ فَبَايَعْتُهُ»([9])، وهذا يتفق مع ذلك المنسوب إليه في نهج البلاغة في قوله: «وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل وَسَمَّوْهُ إِمَامًا كَانَ ذلِكَ لله رِضًى، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ منْه، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلَّاهُ اللهُ مَا تَوَلَّى»([10]).
ويقول هاشم معروف الحسني: «لقد وقف علي (ع) بين تلك الجماهير التي احتشدت في ذلك اليوم..، فقال: أيها الناس، لقد علمتم أني أحق الناس بهذا الأمر من غيري، أما وقد انتهى الأمر إلى ما ترون فوالله لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن جورٌ إلا عَلَيَّ خاصةً التماسًا لأجرِ ذلك وفضلِه، وزهدًا فيما تنافستموه من زخرفة.
وهكذا سالَمَ أمير المؤمنين (ع) وبايع لعثمان كما بايعه الناس، ومضى في السبيل الذي اختاره لنفسه، يعمل ما وسعه العمل في سبيل الصالح العام، لا يبخل عليهم بآرائه ولا بكل إمكاناته إذا أرادوها في سبيل الإسلام وانتشاره، كما سالم وساير ونصح من كان من قبله»([11]).
وهذا كذلك يتفق مع ما نُسب إليه في نهج البلاغة في قوله: «وَوَاللهِ لَأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِا جَوْرٌ إِلَّا عَلَيَّ خَاصَّةً، الْتِمَاسًا لأجْرِ ذلِكَ وَفَضْلِهِ»([12]).
فهذا نصٌّ صريحٌ في أن عليًّا قد بايع بكامل رضاه؛ لأنه رأى أن أمور المسلمين قد سلمت ببيعة عثمان، فبايع ودخل فيما دخل فيه الناس.
وقد نُسب إليه أيضًا قوله: «ولعمري ما كنت إلَّا رجلًا من المهاجرين، أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على ضلالة، ولا ليضربهم بالعمى»([13]).
-
- اعتقاد الصحابة ي بفضل عثمان علَى علِي
ظل المسلمون يعتقدون بصحة إمامة عثمان، وأنه أفضل من علي بن أبي طالب حتى في زمان خلافة علي، يقول الشريف المرتضى: «ومعلوم أن جمهور أصحابه وجلهم كانوا ممن يعتقد إمامة مَن تقدم علي S، وفيهم من يفضلهم على جميع الأمة»([14]).
القول بأن عليًّا قد بايعَ مكرهًا يلزمه الطعن في علي بن أبي طالب ا من وجوه:
-
- الوجه الأول: التزام التكفير
فعلماء الشيعة برروا عدم بيعة الحسين ليزيد بأن بيعة يزيد كفر، وروى أبو مِخنف في حديث عمار أنّه قال: «بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، لقد خرجتُ من جوارك كرهًا، وفُرّق بيني وبينك، وأُخذت قهرًا أن أُبايع يزيد، شارب الخمور، وراكب الفجور، وإن فعلت كفرت»([15]).
-
- الوجه الثاني: المخالفة الصريحة للدين الشيعي
الإكراه على البيعة مخالفةٌ صريحة للدين عند الشيعة؛ إذ الإكراه لا يمكن أن يصل إلى أن يكفر المعصوم، بأن يبايع على السمع والطاعة لكافر في عقيدة الشيعة، وهذا ما قرره الحسيني القزويني بقوله: «وفي حدود هذا التكليف الإلهي، فإن خروج الإمام من البلاد كـان كافيًا للقيام بالواجب المترتب عليـه نتيجة ذلك، وكذلك أيضًا لو أنه اختار صعود الجبال، والاختفاء عن الأنظار (كما اقترح عليه ابن عباس، بأن يذهب إلى شعاب الجبال)، وإذا ما افترضنا أنه كان قد اختار الاختفاء عن الأنظار في أحد البيـوت، فإنه يكون بذلك قد قام بواجبه أيضًا، لكنه لم يكن معذورًا فيما لو رضـخ للبيعة الإكراهية، فتَقَبُّل الإكراه من وجهة نظر الإسلام لا يشمل مثل هذه الحالات، وقاعدة: رُفع ما استكرهـوا عـليـه، ولا ضرر ولا ضرار.. لا يجوز تطبيقها عندما يكون المتضرر هو الإسلام، كأن يُجبر الإنسان أو يُكـره على كتابة كتاب ضد الإسلام أو معاند لأهل القرآن الكريم»([16]).
فها هو علي لم يغادر المدينة هربًا من البيعة، ولا اختفى في مكان، وقد كان يسعه ذلك على عقيدة الشيعة.
-
- الوجه الثالث: من بايع ولو مكرهًا فقد جُعل للكافر عليه سبيل
إن المكره على البيعة يَجعل للذي أكرهه سبيلًا عليه، وقد قال الله تعالى: [ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ] {النساء:141}.
والدليل على أن من أُكرِه على البيعة فقد جُعل للمُكرِه له سبيلٌ عليه ما رواه ابن ميثم البحراني قال: «ومن كتاب له S إلى طلحة والزبير، مع عمران بن الحصين الخزاعي..، فإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي طَائِعَيْنِ فَارْجِعَا وَتُوبَا إِلَى اللهِ مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي كَارِهَيْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِي عَلَيْكُمَا السَّبِيلَ بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَإِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ»([17]).
فهذا نص كلام عليٍّ عندهم يقرر مخالفة صريحة منْهُ لكتاب الله؛ حيث جعل لعثمان أعظم السبل عليه لما بايعه، حتى ولو كان مكرهًا.
-
- الوجه الرابع: الهجرة سبيل المستضعفين
قال الله تعالى: [ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ] {النساء:97}.
فهذه الآية تأمر المستضعفين بالهجرة من بلدانهم، ومن لم يهاجر وجعل للكافر عليه سبيلًا فهو في جهنم وساءت مصيرًا، فإما أن يكون عليٌّ بايع راضيًا، وإما أن يكون بايع مكرَهًا مستضعفًا وخالف الأمر بالهجرة، فاستوجب بالثانية العقوبة المذكورة في الآية، ولا مناص للشيعة إلى غيرهما.
قد جاءت روايات في كتب أهل السنة تذكر أن عليًّا إنما بايع مكرهًا، أو أنه تم خداعه، ونحن نذكر أشهرها لنبين ضعفها:
-
- أولاً: رواية الطبري
وفيها: «فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ وَشَاوَرْتُ، فَلَا تَجْعَلَنَّ أَيُّهَا الرَّهْطُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ سَبِيلًا وَدَعَا عَلِيًّا، فَقَالَ: عَلَيْكَ عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَسِيرَةِ الْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ أَفْعَلَ وَأَعْمَلَ بِمَبْلِغِ عِلْمِي وَطَاقَتِي، وَدَعَا عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِعَلِيٍّ، قَالَ: نَعَمْ، فَبَايَعَهُ، [فَقَالَ عَلِيٌّ: حَبَوْتَهُ حَبْوَ دَهْرٍ، لَيْسَ هَذَا أَوَّلَ يَوْمٍ تَظَاهَرْتُمْ فِيهِ عَلَيْنَا، فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ، وَاللهِ مَا وَلَّيْتَ عُثْمَانَ إِلا لِيُرَّدَ الأَمْرَ إِلَيْكَ، وَاللهِ كُلُّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ]، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَا عَلِيُّ لا تَجْعَلْ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا، فَإِنِّي قَدْ نَظَرْتُ وَشَاوَرْتُ النَّاسَ، فَإِذَا هُمْ لا يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ وَهُوَ يَقُولُ: سَيَبْلُغُ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»([18]).
وهذه الرواية لا تصح إسنادًا([19]) ولا متنًا.
ففي الإسناد شهر بن حوشب، طعن فيه شعبة والنسائي وابن حبان([20])، وفيه أبو مخنف لوط بن يحيى، أخباري تالف، لا يوثق به، على فرط تشيعه، ضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن عدي والذهبي([21])، وفيه يُوسُف بن يزِيد أَبُو معشر الْبَراء، ضعفه يحيى([22]).
وأما من جهة فساد المتن:
فيقول البرزنجي في تحقيقه على تاريخ الطبري تعقيبًا على هذه الرواية ما نصه: «هذا إسناد مركب جمع فيه الطبري الرواية من هذه الطرق (وهي ثلاثة) فخلط روايةَ البعض بالبعض الآخر، أما طريق شهر بن حوشب فقد أخرجه شيخ الطبري (عمر بن شبة) في كتابه القيّم (أخبار المدينة المنورة 6/3) مختصرًا ليس فيه إلا ذكر فضل أبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة، وأنه لو كانا على قيد الحياة لاستخلفهما (أي عمر ا)، وهذا يعني أن النكارة الشديدة من قبل أبي مخنف أو إبراهيم النخعي، ولا نظنه من قبل إبراهيم، فهو وإن كان يرسل كثيرًا كما قال الحافظ فإنه غير متهم بالكذب أو الوضع والافتراء كما هو حال أبي مخنف، وإن كان إبراهيم في إسناده هنا يرسل؛ لأنه ولد بعد الحادثة (أي وفاة عمر والشورى) بحوالي (22) سنة، فهو أرسل هنا أيضًا، ولكننا على يقين من أن التالف الهالك أبا مخنف هو الذي افترى وقال هذه النكارات الشنيعة التي تكذبها الروايات الصحيحة عند البخاري وغيره كما ذكرنا في قسم الصحيح فليراجع (4/227/قصة الشورى)، وسنذكر طرفًا من غرائب وعجائب اختلقها أبو مخنف، والروايات الصحيحة السند تكذبه، والحمد لله على نعمة الإسناد.
1- رواية أبي مخنف تؤكد أن عمرًا أمر صهيبًا أن يراقب مجلس الشورى المتكون من الصحابة المعروفين (عثمان، علي، طلحة، الزبير، سعد) فإن لم يتفقوا فإن عليه (أي على صهيب) أن يضرب رؤوسهم بالسيف.
وحاشا لسيدنا عمر أن يكون سيِّئ الأدب مع من مات رسول الله ق وهو عنهم راضٍ، (وباعتراف أمير المؤمنين عمر نفسه).
والرواية الصحيحة تكذب ذلك، فقد أخرج ابن سعد في طبقاته بسندٍ حسنٍ أن عمر ا أمر صهيبًا أن يضرب رأس من خالف مجلس الشورى بعد اتفاق هذا المجلس، وفيه: «فإذا اجتمعوا على رجل فمن خالفهم فاضربوا رأسه»([23]).
2- اختلق أبو مخنف كلامًا على لسان سيدنا علي ا، وهو أنه اتهم عبد الرحمن بالتحيّز إلى جانب عثمان بعد أن اتهمه عمه العباس بأنه قد تخلى عن أعوانه وأبنائه من آل بيت النبي ق وضعف أمام عثمان، وحاشا لعلي أن يقول مثل هذا، وحاشا لابن عوف ألَّا يعدل، ولم نجد رواية صحيحة تثبت ما قاله أبو مخنف، علمًا أن عبد الرحمن كان أقرب إلى علي بناحية الرابطة العشائرية وما إلى ذلك من عثمان، فعبد الرحمن زهري وهم أخوال رسول الله ق، فمَن أقربُ لِمَن؟!
3- رواية أبي مخنف التالف الهالك تقول بأن طلحة كان غائبًا عن اجتماع مجلس الشورى، بينما تذكر الروايات الصحيحة خلاف ذلك تمامًا، ولا نريد أن نطيل هنا في ذكر افتراءات أبي مخنف وزياداته الشنيعة وطعنه الخبيث في عدالة الصحابة، فيكفينا ما ذكرنا من الروايات الصحيحة في قسم الصحيح من عهد الخلفاء الراشدين»([24]).
وبمقارنة رواية أبي مخنف مع ما صح من رواية البخاري لقضية الشورى تجد أن أبا مخنف قد أضاف أمورًا مكذوبة نجملها في الآتي:
1- القول المنسوب لعمر أنه أمر بقتل من لم يرض ببيعة غيره من الستة، فهذا من الكذب البيّن؛ إذ إن الذي صح أنه ا قال: «ادْعُوا لِي صُهَيْبًا، فَدُعِيَ، فَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلَاثًا وَلْيَخْلُ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ فِي بَيْتٍ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ فَمَنْ خَالَفَهُمْ فَاضْرِبُوا رَأْسَهُ»([25]).
والإسناد رجاله ثقات، فهنا أمر عمر أن يُضرب عنق من يخالف الستة الذين هم أهل الشورى، وذلك أن النبي ق قال: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ»([26])، فهذا عمل بالسنة حتى آخر رمق في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ا.
2- اتهام علي للعباس بقوله: «عدلت عنا...» إلى أن قال عبد الرحمن: «...كلاكما يحب الإمرة»، كل هذا من الكذب الذي لا يليق أن ينسب إلى أصحاب النبي ق.
٣- قول علي: «وعبد الرحمن صهر عثمان، فلا يختلفون فيوليها أحدهما الآخر» كذب وتدليس متعمد، فعبد الرحمن أقرب إلى علي منه إلى عثمان، يقول ابن تيمية: «فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْسَ أَخًا لِعُثْمَانَ وَلَا ابْنَ عَمِّهِ وَلَا مِنْ قَبِيلَتِهِ أَصْلًا، بَلْ هَذَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَهَذَا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَبَنُو زُهْرَةَ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ أَكْثَرُ مَيْلًا مِنْهُمْ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، فَإِنَّ بَنِي زُهْرَةَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ ق، وَمِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ق: «هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» وَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ مُؤَاخَاةٌ وَلَا مُخَالَطَةٌ»([27]).
٤- الزعم بأنه حصلت مشادة بين بني هاشم وبني أمية أثناء البيعة كذب واضح لم يرد في رواية صحيحة؛ حيث بايعه علي، وعبد الرحمن، وسائر المسلمين بيعة رضًا واختيارٍ من غير رغبةٍ أعطاهم إياها، ولا رهبةٍ خوفهم بها.
وأما تقديم عثمان على علي ا فقد: «أجمع عليه المهاجرون والأنصار كما قال غير واحد من الأئمة منهم أيوب السختياني وغيره: من قدَّم عليًّا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، وقد ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال: كنا نفاضل على عهد رسول الله ق: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، وفي لفظ: ثم ندع أصحاب النبي ق لا نفاضل بينهم، فهذا إخبار عما كان عليه الصحابة على عهد النبي ق من تفضيل أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، وقد روي أن ذلك كان يبلغ النبي ق فلا ينكره، وحينئذ فيكون هذا التفضيل ثابتًا بالنص، وإلا فيكون ثابتًا بما ظهر بين المهاجرين، والأنصار على عهد النبي ق من غير نكير، وبما ظهر لما توفي عمر، فإنهم كلهم بايعوا عثمان بن عفان من غير رغبة، ولا رهبة، ولم ينكر هذه الولاية منكر منهم. قال الإمام أحمد: «لم يجتمعوا على بيعة أحد ما اجتمعوا على بيعة عثمان» وهو بيِّنٌ في قصة مبايعته ا»([28]).
٥- في الرواية: «وَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَجَلَسَا بِالْبَابِ، فَحَصَبَهُمَا سَعْدٌ وَأَقَامَهُمَا، وَقَالَ: تُرِيدَانِ أَنْ تَقُولا: حَضَرْنَا وَكُنَّا فِي أَهْلِ الشُّورَى! فَتَنَافَسَ الْقَومُ فِي الأَمْرِ»، فهذا لا يصدر حتى من رعاع الناس، ولذلك لم يرد ذلك في رواية صحيحة قط.
-
- ثانيًا: رواية اليعقوبي
أورد اليعقوبي الشيعي خبرًا فيه أن عليًّا والمقدادَ وأبا ذر لم يرضَوا ببيعة عثمان، وقال أحدهم: «فدنوت منه فقلت: من أنتَ يرحمك الله، ومن هذا الرجل؟ فقال: أنا المقداد بن عمرو، وهذا الرجل علي بن أبي طالب. قال فقلت: ألا تقوم بهذا الأمر فأعينك عليه؟ فقال: يا بن أخي! إن هذا الأمر لا يجري فيه الرجل ولا الرجلان»([29]).
وهذه الرواية مذكورة بلا إسناد، فلا نتكلف الجواب عما هو ظاهر البطلان.
-
- ثالثًا: رواية كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة
وجاء فيه: «فلما تم ذلك أخذ بيد عثمان، فقال له: عليك عهد الله وميثاقه لئن بايعتك لتقيمن لنا كتاب الله وسنة رسوله وسنة صاحبيك، وشرط عمر ألا تجعل أحدًا من بني أمية على رقاب الناس، فقال عثمان: نعم، ثم أخذ بيد علي، فقال له: أبايعك على شرط عمر ألا تجعل أحدًا من بني هاشم على رقاب الناس، فقال عليٌّ عند ذلك: ما لك ولهذا إذا قطعتها في عنقي؟ فإن علَيَّ الاجتهاد لأمة محمد؛ حيث علمت القوة والأمانة استعنت بها، كان في بني هاشم أو غيرهم، قال عبد الرحمن: لا والله حتى تعطيني هذا الشرط، قال عليٌّ: والله لا أعطيكه أبدًا، فتركه»([30]).
وهذه الرواية فيها انقطاع واضح؛ إذ لا يمكن أن يكون بين ابن قتيبة المتوفَّى سنة ٢٧٦ والحكاية التي كانت سنة ٢٣ هجرية ثلاثة رجال فقط؟ وعليه فالرواية ساقطة الإسناد بالانقطاع.
وكذلك متنها لم يرد في رواية صحيحة ما يؤيده، بل ما ورد في الصحيح يخالفه، فكيف يزعمون أن عمر اشترط ألَّا يجعل أحدًا من بني أمية على رقاب الناس، وعمر نفسه قد ولاهم ومات ومعاوية من ولاته؟ وكفى بهذا مسقطًا للرواية.
وكذلك فإن كتاب الإمامة والسياسة المنسوب لابن قتيبة إنما هو لمؤلف مجهول، قال الدكتور علي نفيع العلياني في «عقيدة الإمام ابن قتيبة» عن كتاب الإمامة والسياسة: «وبعد قراءتي لكتاب الإمامة والسياسة قراءة فاحصة ترجَّحَ عندي أن مؤلف الإمامة والسياسة رافضيٌّ خبيثٌ، أراد إدماج هذا الكتاب في كتب ابن قتيبة نظرًا لكثرتها ونظرًا لكونه معروفًا عند الناس بانتصاره لأهل الحديث، وقد يكون من رافضةِ المغرب، فإن ابن قتيبة له سمعة حسنة في المغرب»([31]).
-
- رابعًا: رواية كتاب البدء والتاريخ للمقدسي
وجاء فيه: «وبسط عثمان يده وبنو هاشم وبنو أمية قيام ينتظرون ما يكون، فضرب عبد الرحمن على يد عثمان وبايعه على الأمر، ثم تتابع الناس على ذلك، وخرج عثمان ووجهه يتهلل وعلي كاسف اللون أربد لم يبايعه، ودخل منزله ورفع عمَّار عقيرته يقول:
يا ناعي الإسلام قم فانعه
|
\
|
قد مات عرف وأتى منكر»([32]).
|
وهذه الرواية ساقطة؛ إذ هي بلا إسناد كسابقاتها.
وقد جاءت روايات أخرى أن عليًّا خُدع، وكلها ضعيفة لا تصح، ويكفينا ما نقلناه من روايات الصحيحين وغيرهما في بيعة علي لعثمان، وإجماع المهاجرين والأنصار على بيعته.
([1]) صحيح البخاري (5/15).
([2]) البداية والنهاية (10/213) ت التركي.
([3]) صحيح البخاري (9/78).
([4]) مصنف ابن أبي شيبة (7/440) ت الحوت.
وروى البيهقي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّه قَالَ: «كُنَّا فِي زمَنِ النَّبِيِّ ق لَا نَعْدِلُ بَعْدَ النَّبِيِّ ق أَحَدًا بأَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ق لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ». الاعتقاد للبيهقي (ص366).
([5]) منهاج السنة النبوية (6/154).
([6]) البداية والنهاية (10/211) ت التركي.
وقال أبو الحسن الأشعري: «وثبتت إمامة عثمان ا بعد عمر ا بعقد من عقد له الإمامة من أصحاب الشورى، الذين نص عليهم عمر ا، فاختاروه ورضوا بإمامته، وأجمعوا على فضله وعدله». الإبانة عن أصول الديانة (ص257) ت فوقية.
وقد نقل أبو حامد المقدسي كلامًا عزَاهُ للإمام الشافعي أنه قال: «واعلموا أن الإمام الحق بعد عمر ا عثمان ا بجعل أهل الشورى اختيار الإمامة إلى عبد الرحمن بن عوف، واختياره لعثمان ا وإجماع الصحابة ي، وصوبوا رأيه فيما فعله، وأقام الناس على محجة الحق، وبسط العدل إلى أن استُشهد ا». الموسوعة العقدية - الدرر السنية (7/388) بترقيم الشاملة آليًّا.
([7]) منهاج السنة النبوية (1/532).
([8]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد (6/96)، الغارات، إبراهيم الثقفي (1/307) ط الحديثة.
([9]) الأمالي، الطوسي (1/507) ط دار الثقافة.
([10]) نهج البلاغة، الشريف الرضي (1/587) ت الحسون.
([11]) سيرة الأئمة الاثني عشر، هاشم معروف الحسني (1/360).
([12]) نهج البلاغة، الشريف الرضي (1/136) ت الحسون.
([13]) تمام نهج البلاغة، صادق الموسوي (ص٦٥٥)، «مصباح البلاغة - مستدرك نهج البلاغة» (4/27)، نهج السعادة (4/93).
([14]) الشافي في الإمامة، الشريف المرتضى (3/144).
([15]) تاريخ أبي مخنف (ص٢٤)، الوثائق الرسميَّة لثورة الإمام الحسين، الحسيني القزويني (1/45).
([16]) الملحمة الحسينية، مرتضى مطهري (٣/١٠٨).
([17]) شرح نهج البلاغة، البحراني (5/188).
([18]) تاريخ الطبري (4/233)، تاريخ المدينة، ابن شبة (3/931).
([19]) قال الطبري: «حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شبة قال: حدثنا علي بن محمد، عن وَكِيعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عن قتادةَ، عن شهر بن حوشب وأبي مِخْنَفٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَيُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب لَمَّا طُعِنَ قِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوِ اسْتَخْلَفْتَ ...». تاريخ الطبري (4/233)، تاريخ المدينة، ابن شبة (3/931).
([20]) قال فيه ابن الجوزي: «... تَركه شُعْبَةُ وَطعن فِيهِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، لَا يُحْتَج بحَديثه، وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ يروي عَن الثِّقَات المعضلات». الضعفاء والمتروكين، ابن الجوزي (2/43)
([21]) «قال أبو حاتم: متروك. وقال الدارقطني: أخباري ضعيف، وقال ابن عدي: شيعي محترق صاحب أخبارهم، وقال الذَّهبي: ساقط، وقال أيضًا: أخباري تالف لا يوثق به». الجرح والتعديل (7/182)، لسان الميزان (4/492) ميزان الاعتدال (3/419)، سير أعلام النبلاء (7/301).
([22]) الضعفاء والمتروكين، ابن الجوزي (3/222).
([23]) الطبقات الكبرى (3/342).
([24]) صحيح وضعيف تاريخ الطبري (8/449).
([25]) الطبقات الكبرى (3/260) ط العلمية.
([26]) صحيح مسلم (3/1480) ت عبد الباقي.
([27]) منهاج السنة النبوية (6/171).
([28]) شرح العقيدة الواسطية (ص186).
([29]) تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب (2/163).
([30]) الإمامة والسياسة، ابن قتيبة (1/30) ت الزيني.
([31]) محتوى موقع الإسلام سؤال وجواب (9/9) بترقيم الشاملة آليًّا.
([32]) البدء والتاريخ (5/193).