- القول بأن ذبح الحسين I يرمز إلى ذبح النفس البهيمية:
قال محمد السند: «ذبح البهائم والأنعام لها رمزية، فالإنسان له جانب بهيمي حيواني، وعندما يقال: قتل الإنسان فالذي يقتل منه نفسه الحيوانية البهيمية، وليس المعنى هو قتل الروح الناطقة أو الروح المطمئنة أو الروح الملهمة، فهذه الأرواح لا تقتل، النفس البهيمية هي التي تفصل عن البدن وتكابد الآلام، وقتل إسماعيل كان يرمز إلى قتل النفس البهيمية الحيوانية، ولو تحقق الأمر الإلهي لإبراهيم بذبح ابنه عمليًا لكانت سنة الله إلى يوم القيامة أن كل حاج يقتل ابنه، ولكن خفف الله تعالى ذلك، فكيف يكون القتل والذبح في التشريع الإلهي أو فداء الذبح بقرابين في فلسفة القرابين في الحج، هي في الحقيقة من أجل ذبح النفس الحيوانية البهيمية تارة بالسكين وتارة أخرى بأن تضعضع وتعبد وتطوع لأمر الله تعالى وبرامج الله في الجانب المعنوي»([1]).
ثم يقول: «فكيف يكون سيد الشهداء فداء لإسماعيل S في قوله تعالى: [الصافات:107]؟
الجواب: أن ما أصيب به سيد الشهداء S يعتبر رمزًا لذبح النفس البهيمية، ورمز لذبح الأنانية، وذبح لما يعرف بأصالة الذات في مقابل أصالة الإله، من أصول وقواعد بناء المجتمع الديني التوحيد، وأن يكون المحور هو حق الإله لا حق الذات الإنسانية»([2]).
فما أشبه هذه العقيدة بما يقوله النصارى في عيسى S، وأن الذي صلب هو الناسوت دون اللاهوت!
2- اتهامه بأنه ألقى بنفسه إلى التهلكة:
من عقائد الشيعة الإمامية أن الأئمة الاثني عشـر يعلمون الغيب، وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم وإرادتهم، وقد عقد الكليني (ت328هـ) في كتاب «الكافي» بابًا كاملًا بعنوان: «باب أن الأئمة Q يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم»، وأورد فيه جملة من الروايات منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد الله S: «أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير، فليس ذلك بحجة لله على خلقه»([3]).
وبمقتضى هذا يكون الحسين Iعالِمًا بمقتله قبل خروجه لكربلاء، ومع ذلك اختار هذا الأمر، وهذا يلزم عليه أنه ألقى بنفسه إلى التهلكة، وهذا ما قرره شيخهم المفيد على ما نقل عنه.
قال موسى الإحقاقي([4]): «ومنهم شيخنا الجليل الشيخ المفيد عليه الرحمة، الذي هو من معتبري أساطين الدين، وخرج في حقه سبع توقيعات من الناحية المقدسة، وفي بعضها خوطب ب(يا أخي)، وفقك الله، ويا أخي سددك الله، وعزاه الحجة S بعد وفاته، قال في بعض رسائله بعد السؤال عن الحسين S قبل شهادته يوم الطف، هل كان عالِمًا بها أم لا؟ ما هذا مضمونه: أنه S كان يعلم بأخبار جده G أنه يقتل، لكن في أي ساعة وأي يوم وأي أرض ما كان يعلم؛ إذ يلزم من علمه بها إلقاء نفسه إلى التهلكة، وقد نهى الله عنه»([5]).
وبناء على هذا التقرير من شيخهم وعالمهم المفيد، فالشيعة بين خيارين:
إما أن الحسين Iلم يعلم بتفصيل مقتله في ذلك اليوم، وهذا مسقط لحجيته وإمامته وعلمه الغيب كما تقدم في الروايات.
وإما أنه ألقى بنفسه إلى التهلكة، وخالف أمر الله تعالى.
وعليهم أن يلزموا أنفسهم ويختاروا.
([1]) «الشعائر الحسينية فقه وغايات(محمد السند. قم: دار زين العابدين، 2011م (2/409 -410).
([2]) المرجع السابق (2/412 - 413).
([4]) الميرزا موسى بن محمد باقر بن محمد سليم الإحقاقي التبريزي الحائري الإسكوئي، ولد في عام 1279هجرية، من مؤلفاته: كتاب إحقاق الحق، لطائف الدُّرر في الفقه: وهي رسالته العملية للمقلّدين باللغة العربية، وغيرهما، توفي 1364هـ.
انظر: كتاب «قرنان من الاجتهاد» مجلة المواقف (تصدر من البحرين) جمادى الآخر 1412هـ.تعليق واحد على (آية الله الحاج الميرزا موسى الحائري الإحقاقي).
([5]) «إحقاق الحق» الميرزا موسى الإحقاقي الإسكوئي. الطبعة الرابعة. الكويت: منشورات جامع الإمام الصادق، 1421هـ/2000م (ص170).