اتهام إبراهيم عليه السلام بأنه ولد جاهلًا بالله كافرًا
من أشنع الأمور التي نسبها علماء الشيعة الإمامية لنبي الله إبراهيم S، نسبة الجهل بالله تعالى إليه.
قال الشريف المرتضى (ت436هـ): «المسألة الرابعة عشر حول قول إبراهيم: [الأنعام:76]: ما جواب من اعترض ما أورده (حرس الله مدته) في كتابه الموسوم ب«التنزيه» من تجويزه أن يكون قول إبراهيم S للنجم والشمس والقمر (هَذَا رَبِّي) أول وقت تعين فرض التكليف للنظر عليه، وأنه قال ذلك فارضًا له مقدرًا، لا قاطعًا ولا معتقدًا، فلما رأى أفول كل واحد منها رجع عما فرض وأحال ما قدر...؟
اعلم أنا قد تكلمنا في كتابنا الموسوم بـ«تنزيه الأنبياء والأئمة صلوات الله على جماعتهم» على تأويل هذه الآية، وأجبنا فيها بهذا الوجه الذي حكى في السؤال وبغيره، والوصل الذي يجب تحقيقه أن النبي G أو الإمام لا يجوز أن يخلق عارفًا بالله تعالى وأحواله وصفاته؛ لأن المعرفة ليست ضرورية، بل مكتسبة بالأدلة، فلا بد من أحوال يكون غير عارف ثم تجدد له المعرفة»([1]).
فالمرتضى (ت436هـ) يقرر أن الأنبياء والأئمة لا يجوز أن يخلقوا عارفين بالله تعالى وبصفاته، بل الأمر يكون طارئًا وحادثًا بعد ذلك، ولازم هذا أن النبي والإمام -ومنهم إبراهيم S- ولد كافرًا؛ لأن الجهل بالله تعالى كفر، كما صرح بذلك المرتضى نفسه لما قال: «مما يدل أيضا على تقديمهم Q وتعظيمهم على البشر أن الله تعالى دلنا على أن المعرفة بهم كالمعرفة به تعالى في أنها إيمان وإسلام، وأن الجهل والشك فيهم كالجهل به والشك فيه في أنه كفر وخروج من الإيمان»([2]).
فيلزم بناء على هذا التقرير من المرتضى اتهام إبراهيم O أنه ولد جاهلًا بالله تعالى، أي: كافرًا به، وهذا ما يتنافى مع عقائد الإمامية، وما قرروه في عصمة الأنبياء والأئمة، وأنهم يجب أن يولدوا معصومين، ولا يجوز الجهل عليهم في أي لحظة من حياتهم.
قال الصدوق (ت381هـ): «اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة والملائكة صلوات الله عليهم أنهم معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنبًا، لا صغيرًا ولا كبيرًا، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون. ومن نفي عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم»([3]).
فكيف يتوافق هذا التقرير مع كلام المرتضى السابق من جواز الجهل بالله تعالى في حق الأنبياء والأئمة في مرحلة من حياتهم؟!
([2]) «رسائل الشريف المرتضى» (2/251).