عقاب الله له بسبب حسده لأهل البيت
قال الصدوق (ت381هـ) بسنده: «عن عبد السلام بن صالح الهروي([1])، قال: قلت للرضا S يا بن رسول الله، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء ما كانت؟... قال:... وإن آدم S لما أكرمه الله تعالى ذكره بإسجاد ملائكته، وبإدخاله الجنة، قال في نفسه: هل خلق الله بشرًا أفضل مني؟ فعلم الله D ما وقع في نفسه فناداه: ارفع رأسك يا آدم، وانظر إلى ساق العرش، فرفع آدم رأسه، فنظر إلى ساق العرش، فوجد عليه مكتوبًا: لا إله إلا الله محمد رسول (ص)، وعلي بن أبي طالب S أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. فقال آدم S: يا رب من هؤلاء؟ فقال D: هؤلاء من ذريتك، وهم خير منك ومن جميع خلقي، ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ولا السماء والأرض، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجك عن جواري، فنظر إليهم بعين الحسد وتمنى منزلتهم، فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نُهي عنها، وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة P بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم S»([2]).
أيعقل أن ينسب إلى نبي من أنبياء الله أنه وقع في الحسد المحرم حتى عاقبه الله تعالى على ذلك؟! وقد حاول بعض أعلام الإمامية التخلص من هذا الإشكال، فحملوا الحسد الوارد في الرواية على الغبطة الجائزة شرعًا، دون الحسد المنهي عنه.
يقول المجلسي (ت1111هـ): «لعل المراد بنظر الحسد تمني أحوالهم والوصول إلى منازلهم، وكان ذلك منهما ترك الأولى؛ لأنه مع العلم بأن الله تعالى فضلهم عليهما كان ينبغي لهما أن يكونا في مقام الرضا والتسليم، وألَّا يتمنيا درجاتهم صلوات الله عليهم»([3]).
وهذا التخريج غير مسلم به لأمرين:
- أن الله تعالى -حسب الرواية- قد نهاه عن هذا الحسد وتمني منزلة أهل البيت، ومع ذلك وقع في هذا المنهي عنه.
- أن كان ارتكاب هذا الفعل من باب خلافِ الأولى فقط، وليس من باب المعصية، فلماذا عاقبه الله تعالى بوقوع وسوسة الشيطان عليه حتى أنزله إلى الأرض بسبب ذلك؟ هل خلاف الأولى يترتب عليه عقاب شرعًا؟
([1]) عبد السلام بن صالح الهروي أبو الصلت، خادم علي بن موسى الرضى، قال ابن عدي: «له أحاديث مناكير في فضل أهل البيت وهو متهم فيها» وقال النسائي: «ليس بثقة» وأمر أبو زرعة بالضرب على حديثه وقال: «لا أحدث عنه ولا أرضاه(وقال العقيلي: «رافضي خبيث» وكلام أهل الحديث قدحًا فيه كثير. أما تعديل ابن معين فهو تعديل مجمل قابله جرح مفسر، فيقدم الجرح على التعديل، وأما عند الشيعة فهو ثقة فقد قال النجاشي عنه: «ثقة، صحيح الحديث».
انظر: «تهذيب الكمال» (18/7581)، «سير أعلام النبلاء» (۱۱/٤٤٧) رقم (۱۰۳)، «معجم رجال الحديث» (۱۱/۱۸) رقم (٦٥١٥)، «رجال النجاشي» (ص٢٤٥) رقم (٦٤٣)، «رجال الكَشّي» (2/872) (ح1142).
([2]) «عيون أخبار الرضا (ع) « (2/274).
([3]) «بحار الأنوار» (26/273).