وجود أصل من أصول الكفر فيه، وهو الحرص

روى الكليني (ت328هـ) بسنده عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله S: «أصول الكفر ثلاثة: الحرص، والاستكبار، والحسد؛ فأما الحرص فإن آدم S حين نهي عن الشجرة، حمله الحرص على أن أكل منها، وأما الاستكبار فإبليس؛ حيث أمر بالسجود لآدم فأبى، وأما الحسد فابنا آدم؛ حيث قتل أحدهما صاحبه» ([1]).

فجعلوا الحرص هو الذي دعا آدم S إلى الأكل من الشجرة أصلًا من أصول الكفر، وهذا يلزم منه تحقق هذا الأصل في نبي من أنبياء الله الكرام.

وهذا لا شك مناقض لقولهم واعتقادهم بعصمة آدم S، فعلماء الإمامية حين أتوا إلى قضية الأكل من الشجرة حاولوا بكل طريقة أن يجعلوها مما لا يتنافى مع العصمة المطلقة، فحملوا النهي على التنزيه وخلاف الأولى.

يقول الطوسي (ت460هـ): «وقال قوم آخرون: إنه وقع من آدم أكل الشجرة خطأ؛ لأنه كان نهي عن جنس الشجرة فظن أنه نهي عن شجرة بعينها، فأخطأ في ذلك، وهذا خطأ لأنه تنزيه له من وجه المعصية، ونسبة المعصية إليه من وجهين:

أحدهما: أنه فعل القبيح. والثاني: أنه أخطأ في الاستدلال.

وقال قوم: إنها وقعت منه عمدًا، وكانت صغيرة وقعت محبطة، وقد بينا أن ذلك لا يجوز عليهم (ع) عندنا بحال»([2]).

فكيف يجتمع هذا التقرير مع الرواية السابقة الدالة على أن آدم S أكل من الشجرة بسبب الحرص الذي هو أصل من أصول الكفر؟

ثم إن خصلة «الحرص» التي نسبها القوم إلى آدم S خصلة مذمومة، فقد ورد في كتب الإمامية عدة روايات في التحذير منها، وبيان مغبتها وسوء صاحبها أو المتصف بها، مثل قول البروجردي: «الحرص يذل ويشقي - ما أذل كالحرص- الحرص ينقص قدر الرجل، ولا يزيد في رزقه - الحرص لا يزيد في الرزق، ولكن يذل الفقير - كل حريص فقير- الحريص ذميم المغبة - الحرص علامة الأشقياء - عبد الحرص مخلد الشقاء - أشقاكم أحرصكم - الحرص يفسد الايقان - الحرص يزري بالمروة- الحرص موقع في كثير العيوب»([3]).

 

([1]) «الكافي» (3/709) قال المجلسي: «الحديث الأول: صحيح»، «مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول» (10/74).

([2]) «التبيان في تفسير القرآن» الشيخ الطوسي. بيروت: إحياء التراث العربي (7/217).

([3]) «جامع أحاديث الشيعة» السيد حسين البروجردي. قم: المهر ( 1373-1415هـ) (14/31).