زعم الشيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتداوى بماء الرجال!

الشبهة الواحد والثلاثون

زعم الشيعة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتداوى بماء الرجال

 

محتوى الشبهة:

من المقالات السخيفة والمقززة التي يكررها البعض: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مصابًا بداء، ولا يهدأ إلا بماء الرجال -وحاشاه-.

وممن روج هذه الشناعة، نعمة الله الجزائري بطريقة خبيثة ماكرة؛ إذ زعم أن هذا الأمر نقلته مصادر أهل السنة، فقال: "وأما أفعاله -يعني عمر- الجميلة فلقد نقل منها مُحبّوه ومتابعوه ما لم ينقله أعداؤه...ومنها: ما قاله المحقق جلال الدين السيوطي في حواشي القاموس عند تصحيح لغة الأُبْنَة، وقال هناك: "وكانت في جماعة في الجاهلية، أحدهم سيّدنا عمر".

وأقبح منه ما قاله الفاضل ابن الأثير، وهما من أجلاء علمائهم، قال: "زعمت الروافض أن سيِّدنا عمر كان مخنَّثاً. كذبوا، ولكن كان به داء دواؤه ماء الرجال".

وغير ذلك مما يُستقبح منا نقله، وقد قصَّروا في إضاعة مثل هذا السر المكنون المخزون، ولم أرَ في كتب الرافضة مثل هذا... وقد نَقَلتْ أهل السنة ههنا عن إمامهم ما هو أقبح من هذا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"([1]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولاً: هذا الكلام المنقول والذي زعم الجزائري أنه من كتب أهل السنة، من الكذب الواضح، والافتراء الصريح؛ وذلك أنه لا يوجد هذا الكلام في المصادر التي أحال إليها، لعدم وجود هذه المصادر أصلا إلا في مخيلته.

فكتاب (حاشية القاموس) كتاب وهمي لا وجود له، ولم يسمع به أحد من علماء السنة، ولم يذكروه في أي من مصادرهم، ولو بلغهم مثل هذا الاتهام الساقط، كانوا سيردون عليه، وهذا لم يحصل مع أنهم كانوا يردون على ما هو أقل شأنًا من هذه المسألة.

كما أن علماء الرافضة أيضا لم يسمعوا بهذه الافتراء، وإلا كانوا تلقفوه وملؤوا به كتبهم، وهذا غير حاصل.

وهذه الفرية لا وجود لها في أي كتاب معتبر أو غير معتبر عند أهل السنة قبل السيوطي، وبينه وبين عمر رضي الله عنه نحو تسعة قرون حتى ينقلها في أي من مصنفاته.

فلم يذكر الكتاب، ولا الكلام المنسوب للسيوطي أحد غير نعمة الله الجزائري، ومعلوم أن السيوطي توفي سنة 911 هجرية، أما نعمة الله الجزائري ولد سنة 1050 هجرية، فكيف اقتصر السماع بهذا اﻷمر على الجزائري وحده؟؟!!

والعجيب أن علماء الرافضة مازالوا يتناقلون هذه الفرية:

فقد جاء في هامش كتاب (بحار الأنوار): "ومنها: ما جاء في حاشية السيوطي المدونة على القاموس في لفظ (الأبنة): أنها كانت في خمسة في زمن الجاهلية أحدهم سيدنا عمر!"([2]).

ولم يحلنا المحقق إلى هذا المصدر المزعوم.

وجاء في (موسوعة الأسئلة العقائدية التابعة للسيستاني): "ولا يفوتنا أن نذكّركم بأنّ هذا الموضوع بالذات، قد جاء في بعض كتب أهل السنّة أيضاً، ففي (حاشية السيوطي المدّونة على القاموس) في لفظ "الابنة" جاء: " بأنّها كانت في خمسة في زمن الجاهلية، أحدهم سيّدنا عمر"([3]).

والعجيب أنهم أحالوا هذا الكلام إلى هامش (بحار الأنوار) المتقدم، وهكذا لتكن الأمانة العلمية.

 

ثانيًا: الكلام القبيح المنسوب إلى ابن الأثير، من الافتراء والتزوير؛ لأنه لا يوجد في كتب ابن الاثير، ولم ينقله أحد سوى الجزائري الدجال -عامله الله بما يستحق-.

فابن الأثير مؤرخ توفي في القرن 7 هجري وله أربع مؤلفات: الكامل في التاريخ، التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية، أسد الغابة في معرفة الصحابة، اللباب في تهذيب الأنساب.

أين قال هذا ابن الأثير؟

أيضاً لا مصدر...لا مرجع...لا شيء على الاطلاق!!

وهذا لا شك بناء على مبانيهم في جواز الكذب والافتراء على الخصوم والمخالفين.

 

ثالثًا: مصدر هذه الفرية التي روّجها الجزائري بطريقة ماكرة خبيثة، وزعم أنها من مصادر أهل السنة، هي كتب الرافضة أساسًا.

روى العياشي في (تفسيره) عن محمد بن إسماعيل الرازي عن رجل سماه عن أبي عبد الله  قال: "دخل رجل على أبي عبد الله فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين فقام على قدميه فقال: مه هذا اسم لا يصلح إلا لأمير المؤمنين ’، الله سماه به ولم يسم به أحد غيره فرضى به إلا كان منكوحًا وان لم يكن به ابتلى به..."([4]).

فهذا هو مصدر هذه الفرية التي افتراها رجل مجهول عن الإمام الصادق، ثم تلقفها الجزائري ونسبها كذباً وزوراً لأهل السنة.

ومنه تبين كذب الجزائري لما قال: "ولم أرَ في كتب الرافضة مثل هذا"([5]).

 

رابعًا: لا يوجد من نقل هذا الكلام المزعوم قبل الجزائري، ولا بعده من علماء الرافضة، ولو كان موجوداً فعلاً لما فاتهم مثل هذا الأمر الشنيع، والطعن القبيح، مع ما هو معلوم من شدة عدواتهم وبغضهم لعمر رضي الله عنه.

فهل يعقل أن يغفل الجميع عن هذه الشناعة حتى أتى الجزائري الدجال وأخرجها؟

خامسًا: لو كان هذا حال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحاشاه، فكيف يقبل ويأذن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يكون زوجًا لابنته؟

كيف رضي الإمام أن يصاهر ويبايع ويكون وزيرًا عنده؛ إن كان هذا الأمر صحيحًا فعلاً؟

بل لو كان هذا حال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحاشاه، كيف يقبل النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج من ابنه، ويكون صهرًا ووزيراً له؟

سبحانك هذا بهتان عظيم

والحمد الله رب العالمين

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

([1]) الأنوار النعمانية (1/63).

([2]) بحار الأنوار، المجلسي (31/96).

([3]) موسوعة الأسـئلة العقائدية، مركز الأبحاث العقائدية (4/390).

([4]) تفسير العياشي، محمد بن مسعود العياشي (1/276).

([5]) الأنوار النعمانية (1/63).


لتحميل الملف pdf

تعليقات