أكاديمية حفظني القرآن شبهات وردود

د. رامي عيسى يستعرض تفاصيل "المقاطعة الجائرة" وحصار بني هاشم في سيرة النبي ﷺ (فيديو)

قال الدكتور رامي عيسى، الباحث في الشأن الشيعي، إن قريشًا لجأت إلى أسلوب المقاطعة الظالمة ضد بني هاشم وبني المطلب بعد أن رأت انتشار الإسلام وأمان المسلمين في الحبشة، مؤكدًا أن تلك المرحلة تُعد من أدق وأقسى مراحل الدعوة في مكة المكرمة.

وأوضح عيسى، في الحلقة الخامسة عشرة من سلسلة حلقاته حول سيرة سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والتي جاءت بعنوان “المقاطعة الجائرة”، أن قريشًا لما علمت بهجرة أصحاب النبي ﷺ إلى الحبشة، وما وجدوه هناك من أمن وسلامة في ظل حماية النجاشي، ومع إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووقوفه إلى جانب حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وبدء انتشار الإسلام في القبائل، اجتمعت وتشاورت على اتخاذ إجراء جماعي ضد بني هاشم وبني المطلب.

وبيّن أن قريشًا كتبت صحيفة تعاقدت فيها على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب، ونصّت على ألا يناكحوهم ولا يبيعوهم ولا يشتروا منهم، ثم علّقوا هذه الصحيفة في جوف الكعبة توكيدًا على أنفسهم. وعلى إثر ذلك، انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب بن عبد المطلب، ودخلوا معه في شعبه، فيما خرج أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب إلى قريش، فظاهرهم وناصرهم على أقربائه.

وأشار الدكتور رامي عيسى إلى ما رواه الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال وهو بمنى: «نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر»، موضحًا أن قريشًا وبني كنانة تحالفوا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله ﷺ. وذكر أن الإمام النووي فسّر عبارة «تقاسموا على الكفر» بأنها تعاهد وتحالف على إخراج النبي ﷺ وبني هاشم وبني المطلب إلى الشعب، وكتابة الصحيفة المشهورة المليئة بأنواع الباطل وقطيعة الرحم.

وأضاف أن الله سبحانه وتعالى قيّض لنقض تلك الصحيفة الجائرة رجالًا من قريش كانوا كارهين لها، وعلى رأسهم هشام بن عمرو بن الحارث، الذي سعى مع المطعم بن عدي وآخرين، بعدما أطلع الله رسوله ﷺ على أمر الصحيفة، وأن الأرضة أكلت ما فيها من جور وظلم. فأخبر النبي ﷺ عمه أبا طالب، الذي خرج إلى قريش وأخبرهم، فدخلوا الكعبة وأنزلوا الصحيفة، فوجدوها كما أخبر النبي ﷺ، فعاد بنو هاشم وبنو المطلب إلى مكة.

وتناول الدكتور رامي عيسى بعد ذلك وفاة أبي طالب عم النبي ﷺ، موضحًا أنه توفي بعد الخروج من الشعب في أواخر العام العاشر للبعثة، مع اختلاف الروايات في تحديد الشهر.

وذكر ما رواه الترمذي والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة مرض أبي طالب، وحضور قريش، ومحاولة أبي جهل منع النبي ﷺ من الاقتراب من عمه، وحوار النبي ﷺ مع أبي طالب حين طلب منه كلمة واحدة تذل بها العرب وتؤدى بها جزية العجم، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وما نزل في ذلك من آيات سورة “ص”.

كما أشار إلى ما رواه الشيخان عن المسيب بن حزن، من أن النبي ﷺ حضر وفاة عمه أبي طالب، وعرض عليه كلمة التوحيد ليحاجّ له بها عند الله، إلا أن صحبة السوء من أبي جهل وعبد الله بن أبي أمية حالوا دون ذلك، حتى مات أبو طالب على ملة عبد المطلب، فنزل قوله تعالى: «ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى»، وقوله: «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء».

اقرأ أيضا| الهجرة الثانية إلى الحبشة.. تفاصيل مواجهة جعفر بن أبي طالب ووفد قريش أمام النجاشي (فيديو)

وختم الدكتور رامي عيسى حديثه بالإشارة إلى ما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أبا طالب امتنع عن النطق بكلمة التوحيد خشية تعيير قريش له، مؤكدًا أن الهداية بيد الله وحده، وأن عدم إيمان أبي طالب كان لحكمة إلهية بالغة، يجب التسليم لها، لافتًا إلى أنه لولا النهي الإلهي عن الاستغفار للمشركين لاستُغفر لأبي طالب وترحّم عليه.


لتحميل الملف pdf

تعليقات