كرس الهاشمي سنوات طويلة جدا من حياته للوقوف صد الإرهاب الشيعي، والعصابات الإيرانية الممولة، ومكافحة التطرف وتنظيم داعش الإرهابي، وواجه بالأسابيع الأخيرة حملة شرسة من الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، قبل أن ينتهي قتيلا برصاص الغدر من عصابات إيرانية، وفقا لتحقيق أجرته صحيفة الواشنطن بوست.
الخبير الأمني العراقي، والكاتب والمختص في شؤون الجماعات الإرهابية الشيعية هشام الهاشمي، الرجل الذي حمل أكثر من صفة، لكنها تقاطعت جميعها في نبذ التطرف ومكافحة الإرهاب وتكريس السلام والاستقرار.
استفزت تحليلاته الأمنية التنظيمات المتطرفة والميليشيات الموالية لإيران وعصاباتها المختلفة في المنطقة العربية، التي يبدو أنها قررت تصفيته بذات الطريقة التي قتل بها الكثير من العراقيين ممن شكلوا، بطريقة أو أخرى، خطرا على النمط الظلامي المتطرف للإرهابيين والموالين لطهران من الرابضين بمفاصل الدولة العراقية أو على هامشها.
أكد مصدر مقرب من الهاشمي اغتياله برصاص مسلحين كانوا على متن دراجتين ناريتين، وصوبوا النار مباشرة نحوه في منطقة زيونة شرقي العاصمة بغداد، موضحا أن الهاشمي (47 عاما) توفي في مستشفى ابن النفيس في بغداد، متأثرا بإصابته.
ومؤخرا، تعرض الهاشمي لحملة انتقادات شرسة من قبل حسابات إلكترونية تابعة لميليشيات إيران في العراق، تتهمه بمعاداة مشروعها.
وقبل أيام فقط من اغتياله، تداولت حسابات الميليشيات مقطع فيديو يتهم الخبير الأمني بالتحول عن مذهبه الشيعي من أجل أن يصبح قياديا سنيا، في تهم أكد مراقبون أنها أوضحت بالكاشف وجود مخطط لتصفية الهاشمي.
وفي تغريدة كتبها قبل وقت قصير من اغتياله، قال الهاشمي: "تأكدت الانقسامات العراقية بـ:
1- عرف المحاصصة الذي جاء به الاحتلال "شيعة، سنة، كرد، تركمان، أقليات" الذي جوهر العراق في مكونات.
2- الأحزاب المسيطرة "الشيعية، السنية، الكردية، التركمانية.. التي أرادت تأكيد مكاسبها عبر الانقسام.
3- الأحزاب الدينية التي استبدلت التنافس الحزبي بالطائفي.
ويعتبر الهاشمي ناشطا عبر مواقع التواصل، ومدافعا شرسا عن سلطة القانون والدولة، وهو أيضا خبير أمني معتمد من قبل وسائل الإعلام العربية والعالمية وعدد من جامعات ودور البحث في العالم.
أثرى العديد من تقارير "العين الإخبارية" بقراءاته الأمنية الدقيقة، ورؤيته للعديد من المستجدات ببلاده، فكان ملما بالخفايا والخبايا، قادرا على تقديم تحليل مترابط ومنطقي قائم على تسلسل علمي يجمع بين المعرفة الأكاديمية والخبرة الأمنية.
وطوال حياته، تعرض الهاشمي للكثير من التهديدات من قبل التنظيمات المتطرفة، لكنه استطاع البقاء بمأن من أي استهداف حقيقي قبل أن تحصد روحه رصاصات غادرة في أوج استهدافه من قبل ميليشيات طهران ببلاده.
الهاشمي في سطور
ولد العام 1973 في بغداد، ونهل من مشارب أكاديمية مختلفة، فهو الحاصل على بكالوريوس إدارة واقتصاد، قسم الإحصاء، لكنه أيضا المؤرخ والباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والجماعات المتطرفة، والمختص بملف تنظيم داعش وأنصارها.
اكتسب خبرة واسعة في شؤون الجماعات الإسلامية العراقية، فلقد تابعها منذ نحو ربع قرن، وعمل في تحقيق المخطوطات التراثية الفقهية والحديثية.
اختبر مرارة السجن في عهد صدام حسين، ثم غادر زنزانته في 2002، ليدخل، عاما بعد ذلك، عالم الصحافة وبدأ يشارك في كتابة التقارير والوثائقيات مع الصحف والقنوات الأجنبية.
عمل على كتابة مدونة عن خارطة الجماعات المسلحة في العراق، ما جعله دائما بمرمى الإرهابيين والمتطرفين، وهدفا لجميع المارقين والفاسدين ممن يخشون قراءاته وتحليلاته العميقة وتقييمه للأشياء.
تعتبره التنظيمات المتطرفة والميليشيات المدعومة إيرانيا "مرتدا" و"عميلا"، بسبب مواقفه المناهضة لهم، ولأنه أول من كشف قيادات داعش من العراق و سوريا، وقدم أسماء ومعلومات تخص قيادات التنظيم وآلية عمله.
في رصيده العديد من الكتب التي تناولت التطرف بعين خبيرة، وبدقة الباحث الأمني، فكان العدو اللدود للمتطرفين، وكان اغتياله وفق جميع المقربين منه، مسألة وقت لا غير، حتى أنه كان دائما يسر لمقربيه بأنه كلما غادر منزله، كان يتملكه شعور بأنه لن يعود إليه أبدا.
لتحميل الملف pdf