شبهات وردود

"الشتاء" في مأرب.. ضيف ثقيل يقتلع خيام المساكين الفارّين من حرب عصابات الحوثي

ضيف ثقيل، كما يعبر عنه اليمنيون، الذين فرّوا من جحيم حرب عصابات الحوثي الشيعية، التي خربت اليمن الشقيق.

ويومٌ بعد يوم تزداد معاناة آلاف النازحين الفارين من جحيم الحرب إلى مأوى النزوح المختلفة التي تصل إلى 130 مخيم نزوح تتوزع على أطراف مدينة مأرب، لا سيما عقب اندلاع نيران الحوثي وعصاباته الإرهابية.

هذه المعاناة ستتفاقم في حياة "صالح" النازح في مخيم "الميل" بعد اقتراب الشتاء ووصوله إلى الأبواب ضيفًا غير مرحب به لدى النازحين.

هذا المخيم يقع في سفح سلسلة جبلية إلى الشمال من مدينة مأرب، ويبعد عنها قرابة 17 كيلو متر، وتقطن فيه أكثر من 200 أسرة أغلبها من منطقة "نهم"، والحديث عن الشتاء بالنسبة للنازحين ليس حديثاً رائقاً؛ فهو موسم برد قارس سوف يعيشونه لأشهر بقسوته التي لا ترحم.

طبقًا لـ"صالح" وهو نازح في المخيم فإن "هذه المعاناة ليست وليدة اليوم" ومنذ أكثر من ثلاث سنوات – يقول: والمعاناة مستمرة لدى نازحي المخيم الذي أنشئ نهاية العام 2017م، وينزح فيه قرابة 2408 فرد.

ويتطابق حديث صالح، مع قول عديد أسر نازحة، إن المعاناة تتفاقم كلما اقترب البرد أكثر، مشيرةً إلى انه وفي كل بداية فصل شتاء تنطلق مناشدات لإنقاذهم من البرد، قلما تحصل لدعواتهم استجابة من منظمات لا يفي ما تقدم بـ50% مما يحتاجون لمواجهة البرد القارس.

على بعد أيام فقط من موجات برد قارسة تزداد حدة كلما ذهب يوم وجاء آخر، يؤكد نازحو الميل، إن لا استعدادت تذكر قاموا بها لمواجهة موجات البرد، فحتى مساكنهم التي أغلبها عبارة عن خيام يضع ساكنيها الأقمشة وأكياس البلاستيك أبوابًا لها، لا تقي البرد، ولا يمكنها أن تحافظ على الأطفال من قساوته.

يتذكر النازحين حادثة وفيات البرد في أوساط النازحين لـ3 أشخاص بينهم الطفلة سلمى الحكمي "4 أعوام" خلال يناير 2019م المنصرم في مخيم عرق آل جلال (مخيم نزوح يقع في القطاع الرابع من مديرية الوادي، يأوي أكثر من 41 أسرة نازحة بعدد أفراد يزيد عن 1000 نازح) في ظل عدم امتلاك أسرتها النازحة من محافظة إب، أبسط مقومات الإيواء المساعدة للعيش، وهو أمر يخافه اليوم نازحو الميل، وكل مخيمات النزوح الأخرى، حيث أصبح الشتاء وبرده عدواً لدوداً لهم.

وسط المعاناة المستمرة وآلام النازحين في المخيم وغيره من مخيمات النزوح، ترسم مخاوف برد الشتاء على وجوه صغار النازحين وكبارهم معالم بؤس وقصص عذاب مريرة مع النزوح وموجات البرد القارس التي عاشوها أعوامًا سابقة.

يقول نازحو المخيم إن كثيراً من الأسر التي تقطن في الخيام تفتقد لأبسط مقومات الإيواء في خيماتها بالرغم من اقتراب موسم البرد القارس، لافتين إلى غياب دور المنظمات الإنسانية والإغاثية في تخفيف ولو جزء مما يعانون، وتوفير مواد إيواء، ويقولون إن تدخلها (أي المنظمات) محدود.

وبحسب النازحين في المخيم الذي شهد عديد مرات كوارث لسيول وأمطار ورياح شديدة، فإن أغلب ما تقدمه تلك المنظمات وعودًا لا أكثر، وإن صدق فعلها (أي المنظمات) ونفذت بعضها فهي لا تعدو أن تكون سلة غذائية هي ما تقدم، في الغالب لا تتجاوز ذلك.

ليس برد الشتاء بقسوته الشديدة وحده من يخيم رعبه على نازحي الميل، إذ أن العيش في مخيم يفتقر لأدنى مقومات الحياة وأبسط سبل العيش الكريم، في مقدمتها الصحة والمياه النظيفة وغيرها، هي مشكلات أخرى وصعوبات تخيم بظلالها على نازحي المخيم. طبقًا لأسرة نازحة تحدثت لـ"المصدر أونلاين".

تقول ذات الأسرة: "هربنا من جحيم الحرب من منازلنا نبحث عن مأوى آمن، ومن حرب استهدفت بقذائفها مخيم سابق نزحنا إليه (في إشارة منها إلى مخيم الخانق، بمديرية نهم، شرقي صنعاء) إلى هذا المخيم الذي نواجه فيه اليوم بطش الحياة وقساوتها".

في السياق، يقول مدير إدارة الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة مأرب الأستاذ سيف مثنى،  إن الصعوبات والتحديات التي يواجهها النازحين كبيرة، لعل المأوى الطارئ غير المناسب لتقلبات الطقس في مأرب، هي أبرزها.

وأشار مثنى إلى أن قلة وجود المنظمات الدولية والتي تهتم بشؤون النازحين ورفع معاناتهم، إضافة إلى ضعف الإستجابة الإنسانية في كافة القطاعات الإنسانية، أيضًا مشاكل كبيرة تواجهها الأسر النازحة في مخيمات تحتوي أكثر من 25 ألف أسرة نازحة، وهي تمثل 9% من إجمالي النازحين إلى المحافظة.

وأكد أن الوحدة التنفيذية والسلطة المحلية بجميع مكاتبها الخدمية ومن أجل التخفيف من حدة المعاناة للنازحين تعمل جاهدةً في توفير أقصى ما يمكن من خدمات ضرورية ممكنة تساعدهم في التغلب على ما يواجهون من مشاكل، مؤكدًا إن الاهتمام بكافة مخيمات النزوح والنازحين أولوية قصوى لها وفي جدول أعمالها.


لتحميل الملف pdf

تعليقات