أكاديمية حفظني القرآن شبهات وردود

قولها : «ما أنزل اللهُ فينا شيئًا من القرآن، إلَّا أن الله أنزل عذري»

يحاول الرافضة إنكار نزول آيات من كتاب الله في مدح أبي بكر، كآية الغار وغيرها، محتجين برواية أم المؤمنين عائشة في البخاري، عَن يُوسُفَ ابْن مَاهَكَ قَالَ: «كَان مَرْوَانُ عَلَى الحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ، فَخَطَبَ فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْن مُعَاوِيَةَ؛ لِكَيْ يُبَايَعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا، فَقَالَ: خُذُوهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا، فَقَالَ مَرْوَان: إِن هَذَا الَّذِي أَنزَلَ اللهُ فِيهِ: [وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي] {الأحقاف:17} فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِن وَرَاءِ الحِجَابِ: مَا أَنزَلَ اللهُ فِينا شَيْئًا مِن القُرْآن، إِلَّا أَن اللهَ أَنزَلَ عُذْرِي»([1]).

قال القمي الشيرازي: «وكيف يقال: إن الآية نزلت في أبي بكر؟ وقد أخرج البخاري في «صحيحه» عن عائشة: «ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا أنه أنزل عذري»، ويبعد أن ينزل في أبيها قرآن ولا تعلمه، مع شدة حرصها على رفعة شأنه»([2]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولًا: معارضة خاطئة

سياق كلام أم المؤمنين واضح في أنها تتكلم عن أبناء أبي بكر، وليس في أبي بكر نفسه، قال الحافظ: «وَقَدْ شَغبَ بَعْضُ الرَّافِضَةِ فَقَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن قَوْلَهُ: [ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ] {التوبة:40} لَيْسَ هُوَ أَبَا بَكْرٍ، وَلَيْسَ كَمَا فَهِمَ هَذَا الرَّافِضِيُّ، بَلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِ عَائِشَةَ: «فِينَا»، أَيْ: فِي بَني أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ الِاسْتِثْناءُ مِن عُمُومِ النفْيِ، وَإِلَّا فَالْمَقَامُ يُخَصَّصُ، وَالْآيَاتُ الَّتِي فِي عُذْرِهَا فِي غَايَةِ الْمَدْحِ لَهَا، وَالْمُرَادُ نفْيُ إِنزَالِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الذَّمُّ، كَمَا فِي قِصَّةِ قَوْلِهِ: [وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ] {الأحقاف:17} إِلَى آخِرِهِ»([3]).

وقال العيني: «قَوْلها: (فِينا) أَرَادَت بِهِ بني أبي بكر؛ لِأَن أَبَا بكر ا نزل فِيهِ: [ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ] {التوبة:40}، وَقَوله: [مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ] {الفتح:29}. [وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ] {التوبة:100}، وَفِي آي كَثِيرَة»([4]).

ومِن جهل الشيعة بمخارج الكلام وفهمه أننا وجدناهم يقولون بأن هذه الرواية تكذب صحيح البخاري وتكذب عمر بن الخطاب -في زعمه- بأن آيات سورة التحريم نزلت في عائشة .

ونحن لا نقول لم ينزل في أم المؤمنين أي آية إلا آيات الإفك، إنما نقول: لم ينزل فيها على وجه الخصوص مستقلة إلا آيات البراءة، أما كونها ل نزل فيها قرآن مع غيرها فهذا كثير في كتاب الله تعالى، فقد نزلت فيها وفي حفصة آيات التحريم، ونزل فيها وفي أمهات المؤمنين آيات سورة الأحزاب، ومنها الآية التي يسميها الشيعة بـ«آية التطهير»، بل وكل آية تخاطب المؤمنين أمرًا أو نهيًا فهي داخلة فيها ما لم تخرج بمخصص.

ثانيًا: إقرار بعض علماء الرافضة بنزول آية الغار في أبي بكر

قال الطوسي: ««فَقَد نصَرَهُ الله» أي قد فعل الله به النصر حين أخرجه الكفار من مكة «ثاني اثنين»، وهو نصب على الحال، أي: هو ومعه آخر، وهو أبو بكر في وقت كونهما في الغار من حيث «يَقُول لِصاحِبِه» يعني أبا بكر «لا تَحزَن» أي لا تخف ولا تجزع «إِن اللّه مَعَنا» أي ينصرنا»([5]).

وقال الطبرسي: «وهما رسول الله -صلى الله عليه وآله- وأبو بكر، وانتصابه على الحال، و[إِذْ هُمَا] بدل من [إِذْ أَخْرَجَهُ]، و[إِذْ يَقُولُ ] بدل ثان، و[الْغَارِ ] الثقب العظيم في الجبل، وهو ها هنا غار ثور، جبل في يمنى مكة على مسيرة ساعة، [ لَا تَحْزَنْ] أي: لا تخف [إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا] مطلع علينا وعالم بحالنا يحفظنا وينصرنا»([6]).

بل ذكر الطباطبائي أن صاحبه هو الصديق بالنقل القطعي فقال: «قوله تعالى: [ثَانِيَ اثْنَيْنِ] أي: أحدهما، و[الْغَارِ ] {التوبة:40}: الثقبة العظيمة في الجبل، والمراد به: غار جبل ثور قرب مِنى، وهو غير غار حراء الذي ربما كان النبي يأوي إليه قبل البعثة للأخبار المستفيضة، والمراد بصاحبه: هو أبو بكر للنقل القطعي»([7]).

فهذا الاعتراف يبطل شبهتهم على الرواية تمامًا.
 

اقرأ أيضا| زعمهم تحريض عائشة على قتل عثمان بن عفان 

([1]) صحيح البخاري (6/133).

([2]) كتاب الأربعين، محمد طاهر القمي الشيرازي (ص506).

([3]) فتح الباري، ابن حجر (8/577).

([4]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (19/170).

([5]) التبيان، الطوسي (5/221).

([6]) تفسير جوامع الجامع، الطبرسي (2/65).

([7]) تفسير الميزان، الطباطبائي (9/279).


لتحميل الملف pdf

تعليقات