شبهات وردود

زعم الشيعة أن أم المؤمنين رضي الله عنها شَوَّفت جاريةً بمكة

الشبهة السادسة والثلاثون

زعم الشيعة: أن أم المؤمنين رضي الله عنها شَوَّفت جاريةً بمكة.
 

قال ابن أبي شيبة في (المصنف): "حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: نَا وَكِيعٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْيَامِيِّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ عِمْرَانَ، رَجُلٍ مِنْ زَيْدِ اللَّهِ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا شَوَّفَتْ جَارِيَةً، وَطَافَتْ بِهَا، وَقَالَتْ: "لَعَلَّنَا نَصْطَادُ بِهَا شَبَابَ قُرَيْشٍ" ([1]).

قالوا: الرواية فيها أن عائشة رضي الله عنها زيّنت الجارية في مكة؛ لتصطاد بها الشباب!

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولاً: هذه الرواية لا تصح من جهتين:

الأولى: لضعف عمار بن عمران.

الثانية: جهالة المرأة التي روى عنها عمار بن عمران.

قال الذهبي: "عمار بن عمران الجعفي. عن سويد بن غفلة: كان بلال يسوى مناكبنا في الصلاة. وعنه الأعمش، وبعضهم يرويه عن الأعمش، فقال: عن عمران ابن مسلم. لا يصح حديثه، ذكره البخاري في (الضعفاء)" ([2]).

وقال ابن حجر: "عمار بن عمران الجعفي عن سويد بن غفلة، كان بلال يسوى مناكبنا في الصلاة، وعنه الأعمش، وبعضهم يرويه عن الأعمش. فقال عن عمران بن مسلم لا يصح حديثه ذكره في (الضعفاء"(([3]).

وأما المرأة: فهي مجهولة، ويقول الإمام الذهبي: "إذ المجهول غير محتج به"([4]).

وحديث المجهول مردود عند الشيعة أيضا: قال حسين العاملي: "لا تقبل رواية مجهول العدالة عند الجماهير منَّا ومن العامة"([5]).

ثانيًا: متن الرواية فيها أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تريد أن تصطاد الشباب بمكة، مع أن المعلوم أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تعيش في المدينة!، وهذا من دلائل بطلان الرواية.

ثالثًاً: حتى لو تنزلنا وقلنا بصحة الرواية؛ فإن تزيين الجارية بما يحلّ إظهاره منها وهو وجهها، وإلباسها الملابس الجميلة؛ لتحسن في أعين الخاطب وطالب النكاح، والجارية الشابة الصغيرة السن.

وكلمة "جارية" تقال للبنت الصغيرة غالباً، فيقول الرجل إذا رزق بمولودة "رزقت بجارية كالقمر"، وفي البخاري باب: "إِذَا حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً عَلَى عُنُقِهِ فِي الصَّلاَةِ"([6]).

وعليه: فهذا الفعل لا بأس به في الحقيقة، وها هم الشيعة يقولون: إن المعصوم نظر إلى الجارية نرجس، وقد زُيّنت ليصطاد بها النخاس الشباب، فاصطادت الحسن العسكري الذي نظر إليها على هذه الحال.

قال أبو محمد (عليه السلام): "إني أدخلت عماتي في داري فرأيت جارية من جواريهن قد زينت تسمى نرجس، فنظرت إليها نظرًا أطلته، فقالت عمتي حكيمة: أراك يا سيدي تنظر إلى هذه الجارية نظرًا شديداً" ([7]).

فلو لم يجز تزيين الجارية لاصطياد الشباب، لما جاز للحسن العسكري أن ينظر إليها ويشتريها.

والحمد الله رب العالمين

 

[1]- مصنف ابن أبي شيبة، (4/ 49).

[2]- ميزان الاعتدال، (3/ 166).

[3]- لسان الميزان، ابن حجر، (4/ 272-273).

[4]- ميزان الاعتدال، الذهبي، (1/3).

[5]- وصول الأخيار إلى أصول الأخبار، حسين بن عبد الصمد العاملي، (ص189).

[6]- صحيح البخاري، (1/ 109).

[7]- الهداية الكبرى، الحسين بن حمدان الخصيبي، (ص354)، بحار الأنوار، العلامة المجلسي، (51/25)؛ مدينة المعاجز، السيد هاشم البحراني، ( 8٨/21).


لتحميل الملف pdf

تعليقات