شنعت الشيعة على أم المؤمنين رضي الله عنها بما روته عن نفسها أنها قالت: «قلتُ للنبيِّ: حسبُك من صفيَّة كذا وكذا، فقال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لقد قُلتِ كلمة لو مُزجتْ بماء البَحْرِ لمزجته».
ثم كالوا لها من الألفاظ لا يرضاه أدنى الناس على زوجته، فكيف بأشرفهم وأكرمهم صلى الله عليه وسلم؟!
الرد التفصيلي على الشبهة:
أولاً: الأمر العظيم والخطب الجسيم الإشارة إلى قصر صفية.
جَمَع أهلُ السنة كلَّ ما ورد في المسألة حتى يُفهم النصُّ فهمًا صحيحًا، وقد جاء تفسير ما حدث في روايات متعددة منها:
1. ما جاء في «مسند أحمد» عَن أَبِي حُذَيْفَةَ -وَكَان مِن أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، وَكَان طَلْحَةُ يُحَدِّثُ عَنهُ- عَن عَائِشَةَ قَالَتْ:.. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، إِن صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ -وَقَالَ بِيَدِهِ كَأَنهُ يَعْني قَصِيرَةً- فَقَالَ: «لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ، لَوْ مُزِجَ بِهَا مَاءُ الْبَحْرِ مَزَجَتْ».([1])
فهذا أحد أصحاب النبي يفسر ما قالته أم المؤمنين عائشة في صفية وهي كلمة «قصيرة»، بل ولم تتلفظ أم المؤمنين بتلك اللفظة، وإنما أشارت بيدها فقط.
2. جاء في الجامع لابن وهب: «عَن عَائِشَةَ بِنتِ طَلْحَةَ بْن عُبَيْدِ اللهِ، عَن عَائِشَةَ زَوْجِ النبِيِّ قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيْنا امْرَأَةٌ قَصِيرَةٌ، فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ بِيَدِي هَكَذَا: مَا أَقْصَرَهَا! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «اغْتَبْتِيهَا، قَوْمِي فَتَحَلَّلِيهَا»([2]).
فكانت مجرد إشارة باليد، فاعتبر النبي الحركة اليسيرة التي بها إشارة إلى شيء موجود في الشخص كلمة عظيمة، وكان هذا من تأديب النبي لأزواجه، وليس من المفترض أن يتزوج النبي نساءً معصومات، والخطأ وارد على كل أحد، ووظيفة النبي أن يربي ويبين الخطأ؛ ولذلك أمر النبي أم المؤمنين عائشة أن تقوم وتتحلل ممن اغتابتها، ولعلها لم تكن تعلم أن مجرد الإشارة هذه تدخل في الغيبة المحرمة، ومن ادعى علمها فعليه الدليل([3]).
تعليق رافضي مريض على كلام النووي في شرح الحديث:
قال النووي في شرح هذا الحديث: «قلتُ: مزجته أي: خالطته مخالطة يتغيرُ بها طعمُه أو ريحُه لشدّة نتنها وقبحها، وهذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، وما أعلم شيئًا من الأحاديث يبلغُ في الذمِّ لها هذا المبلغ»([4]).
وهنا علَّق أحد خبثاء الشيعة على كلام النووي قائلًا: «وهذا يدل على نتن وقبح فلانة (وسماها رضي الله عنها)!»([5]).
وهذا من غباء الرافضي وجهله؛ إذ إن النتن والقبح إنما هو وصف للغيبة لا للمغتاب نفسه، وشتَّان بينهما، وإنما صدر هذا القول عن ذاك الرُّوَيْفِضي لبغضه زوج النبي لا لأن كلام النووي يحتمل هذا بأي وجه من الوجوه، فكلام النووي في منتهى الوضوح والبيان.
ثانيًا: هذا القول خرج منها ل مخرج الغيرة.
وهذه من أمور الغيرة التي هي عادة بين النساء، وهي من الجبِلَّة التي طبع الله المرأة عليها، ففي «الكافي» عن إسحاق بن عمار قال: «قلت لأبي عبد الله : المرأة تغار على الرجل تؤذيه، قال: ذلك من الحب»([6]).
من حسن أخلاق الرجل وحق امرأته عليه أن يغفر لها إذا آذته، ففي «الكافي» عن إسحاق بن عمار قال: «قلت لأبي عبد الله : ما حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسنا؟ قال: يشبعها ويكسوها، وإن جهلت غفر لها، وقال أبو عبد الله : كانت امرأة عند أبي تؤذيه فيغفر لها»([7]).
وهذا تقدير لأمور الغيرة، فلا يجوز التثريب على أم المؤمنين بمجرد ذلك.
ثالثًا: إذا كان قول عائشة ل موجبًا للقدح والذم فقول الرافضة أعظم وأطم.
أين ما قالته أم المؤمنين في ضَرتها مما يقوله الرافضة في أمهات المؤمنين وفي أصحاب النبي؟!
بل أين هذا مما نسبه الشيعة لأهل البيت من ألفاظ بذيئة جرت على ألسنتهم؟!
1. الإمام أبو جعفر يجلس في المسجد الحرام ويطعن في الأعراض ويفحش
روى الكليني: «عَن زُرَارَةَ قَالَ: كَان أَبُو جَعْفَرٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَذَكَرَ بَني أُمَيَّةَ ودَوْلَتَهُمْ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنمَا نرْجُو أَن تَكُون صَاحِبَهُمْ، وأَن يُظْهِرَ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى يَدَيْكَ، فَقَالَ: مَا أَنا بِصَاحِبِهِمْ ولَا يَسُرُّني أَن أَكُون صَاحِبَهُمْ، إِن أَصْحَابَهُمْ أَوْلَادُ الزِّنا، إِن اللهَ -تَبَارَكَ وتَعَالَى- لَمْ يَخْلُقْ مُنذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ سِنين ولَا أَيَّامًا أَقْصَرَ مِن سِنينهِمْ وأَيَّامِهِمْ، إِن اللهَ يَأْمُرُ الْمَلَكَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْفَلَكُ فَيَطْوِيهِ طَيًّا»([8]).
أليست كلمة أولاد الزنا من الفحش والغيبة والطعن في الأعراض؟!
أم أن الحرام الذي حرمه الله على الخلق أحلَّته الشيعة للأئمة؟!
2. علي بن أبي طالب يسب النساء بأقذع الكلمات.
وهذه كتب الشيعة تطفح بالأخلاق الرزية المنسوبة كذبًا وزورًا لعلي بن أبي طالب ا، قال الصفار عن الأصبغ بن نباتة قال: «كنا وقوفًا على رأس أمير المؤمنين بالكوفة، وهو يعطي العطاء في المسجد؛ إذ جاءته امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، أعطيتَ العطاء جميع الأحياء إلا هذا الحي من مراد لم تعطهم شيئًا، فقال لها: اسكتي يا جرية، يا بذية، يا سلفع، يا سلقلقية، أو يا من لا تحيض كما تحيض النساء. قال: فولَّت ثم خرجت من المسجد، فتبعها عمرو بن حريث...»([9]).
وفي رواية أخرى قال: «فنظر إليها فقال لها: يا سلفع، يا جريئة، يا بذية، يا مذكرة، يا التي لا تحيض كما تحيض النساء، يا التي على هَنها شيءٌ بَيِّن مدلًى»([10]).
3. الشيعة منذ زمن الأئمة في سكر وزنا ولواط وفواحش!
وكانت تلك الأخلاق وأكثر منها هي صفات الشيعة على مر الزمان كما ورد في كتبهم، ففي علل الشرائع ذكر ابن بابويه بإسناده عَن أَبِي إِسْحَاقَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْبَاقِرِ : يَا بْن رَسُولِ اللهِ، أَخْبِرْني عَن الْمُؤْمِن الْمُسْتَبْصِرِ.... قُلْتُ: يَا بْن رَسُولِ اللهِ، إِني أَجِدُ مِن شِيعَتِكُمْ مَن يَشْرَبُ الْخَمْرَ، ويَقْطَعُ الطَّرِيقَ، ويُخِيفُ السُّبُلَ، ويَزْني ويَلُوطُ، ويَأْكُلُ الرِّبَا، ويَرْتَكِبُ الْفَوَاحِشَ، ويَتَهَاوَن بِالصَّلَاةِ والصِّيَامِ والزَّكَاةِ، ويَقْطَعُ الرَّحِمَ، ويَأْتِي الْكَبَائِرَ، فَكَيْفَ هَذَا....»([11]).
فتلك هي صفات الشيعة، وأنت ترى أنهم ما تركوا فاحشة كبيرةً أو صغيرةً إلا ارتكبوها، فلْيُحكَم عليهم إذًا بما حكموا به على أم المؤمنين!
اقرأ أيضا| الرد على زعم الشيعة بأن هناكَ من هن خير من عائشة
([1]) مسند أحمد (42/361) ط الرسالة.
([2]) الجامع: ابن وهب، ت مصطفى أبو الخير (ص654).
([3]) ذكر الشيعة رواية أوردها الواحدي في أسباب النزول عند قوله تعالى: «[ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ] {الحجرات:11} نزَلَتْ فِي امْرَأَتَيْن مِن أزواج النبي سَخِرَتَا مِن أُمِّ سَلَمَةَ، وَذَلِكَ أَنهَا رَبَطَتْ حَقْوَيْهَا -بِسَبَنيَّةٍ- وَهِيَ ثَوْبٌ أَبْيَضُ- وَسَدَلَتْ طَرَفَهَا خَلْفَهَا فَكَانتْ تَجُرُّهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِحَفْصَةَ: انظُرِي إِلَى مَا تَجُرُّ خَلْفَهَا كَأَنهُ لِسَان كَلْبٍ! فَهَذَا كَان سُخْرِيَتَهَا». أسباب النزول، الواحدي، ت زغلول (ص٤٠٩).
وهذه رواية لا يحتج بها على الإطلاق؛ إذ إنها بلا إسناد، ثم إن متنها مخالف لما كان عليه أخلاق أصحاب النبي ق فضلًا عن أكابرهم كأم المؤمنين عائشة .
([4]) الأذكار، النووي (ص٥٢٥).
([5]) قال ذلك الفاجرُ ياسر الحبيب في كتابه الفاحشة (ص٥٢٥).
([6]) الكافي، الكليني (5/506). وثقه المجلسي في المرآة (20/317).
([7]) الكافي، الكليني (5/115).
([8]) الكافي، الكليني (8/341).
([9]) بصائر الدرجات، محمد بن الحسن الصفار (ص377 – 378).
([10]) بحار الأنوار، المجلسي (41/293 – 294).
([11]) علل الشرائع، ابن بابويه القمي (2/606).
لتحميل الملف pdf