أكاديمية حفظني القرآن شبهات وردود

طوافُ النبي على نسائه في يوم واحد.. رد واضح على شبهة الشيعة

روى الإمام البخاري في «صحيحه» عَن إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْمُنتَشِرِ، عَن أَبِيهِ قَالَ: ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: «يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن، كُنتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ  فَيطُوفُ عَلَى نسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنضَخُ طِيبًا»([1]).

يقول العاملي معلقًا: «هذه الأحاديث وفظاعتها -أيها المسلم العزيز- لا تليق بالنبي  ولا بأزواجه وعرضه»([2])، ووجه الاعتراض عندهم أن من كان هذا حاله فقد أضاع الليل والنهار لا يشغله سوى النساء، ولا وقت لديه للدعوة ولا للجهاد، وقد أطالوا الكلام في هذا، لا بارك الله لهم.

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولًا: الممدوح عند العرب مذموم عند الروافض

فمن المعلوم عند العرب تمدُّحُها بكثرة التزويج؛ لدلالة ذلك على الرجولة والفحولة، فيبدو أن هذه الرجولة والفحولة قد أقضَّت مضاجع مخانيث الرافضة، فجعلوا هذه الأخبار من المذمومات بدلًا من أن تكون من الممدوحات.

فكان في كثرة نكاحه  إعجازٌ لغيره، قال الحافظ: «وَكَان مَعَ كَوْنهِ أَخْشَى الناسِ لِلهِ وَأَعْلَمَهُمْ بِهِ يُكْثِرُ التَّزْوِيجَ لِمَصْلَحَةِ تَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ، وَلِإِظْهَارِ الْمُعْجِزَةِ الْبَالِغَةِ فِي خَرْقِ الْعَادَةِ؛ لِكَوْنهِ كَان لَا يَجِدُ مَا يَشْبَعُ بِهِ مِن الْقُوتِ غَالِبًا، وَإِن وَجَدَ كَان يُؤْثِرُ بِأَكْثَرِهِ وَيَصُومُ كَثِيرًا وَيُوَاصِلُ، وَمَعَ ذَلِكَ، فَكَان يَطُوفُ عَلَى نسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَا يُطَاقُ ذَلِكَ إِلَّا مَعَ قُوَّةِ الْبَدَن، وَقُوَّةُ الْبَدَن -كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ- تَابِعَةٌ لِمَا يَقُومُ بِهِ مِن اسْتِعْمَالِ الْمُقَوِّيَاتِ مِن مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ، وَهِيَ عِندَهُ نادِرَةٌ أَوْ مَعْدُومَةٌ، وَوَقَعَ فِي الشِّفَاءِ أَن الْعَرَبَ كَانتْ تَمْدَحُ بِكَثْرَةِ النكَاحِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرُّجُولِيَّةِ...».

إِلَى أَن قَالَ: «وَلَمْ تَشْغَلْهُ كَثْرَتُهُن عَن عِبَادَةِ رَبِّهِ، بَلْ زَادَهُ ذَلِكَ عِبَادَةً لِتَحْصِينهِن، وَقِيَامِهِ بِحُقُوقِهِن، وَاكْتِسَابِهِ لَهُن، وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُن، وَكَأَنهُ أَرَادَ بِالتَّحْصِين قَصْرَ طَرْفِهِن عَلَيْهِ، فَلَا يَتَطَلَّعْن إِلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْعَزَبَةِ، فَإِن الْعَفِيفَةَ تَتَطَلَّعُ بِالطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ إِلَى التَّزْوِيجِ، وَذَلِكَ هُوَ الْوَصْفُ اللَّائِقُ بِهِن»([3]).

وقال مشيرًا إلى أن ذلك: «مِن خَرْقِ الْعَادَةِ لَهُ فِي كَثْرَةِ الْجِمَاعِ مَعَ التَّقَلُّلِ مِن الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَكَثْرَةِ الصِّيَامِ وَالْوِصَالِ، وَقَدْ أَمَرَ مَن لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُؤَن النكَاحِ بِالصَّوْمِ، وَأَشَارَ إِلَى أَن كَثْرَتَهُ تَكْسِرِ شَهْوَتَهُ فَانخَرَقَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ فِي حَقِّهِ ق»([4]).

ومن مظاهر خوارق العادة له في تعدد زوجاته: أنه كان يقوم على شؤون نسائه ويتلطف معهن ويقضي حوائجهن، ولا يشغله شيء عن شيء، فكان مع كثرة جهاده وانشغاله بالدعوة لا ينسى حقوق أزواجه والتلطف معهن، وكان أكثر ليله ق صلاةً كما تحكي أم المؤمنين عائشة .

فعَنهَا ل قَالَتْ: «كَان النبِيُّ  يُصَلِّي مِن اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، مِنهَا الوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الفَجْرِ»([5]).

ووصفت تلك الصلاة فقالت: «يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَن حُسْنهِن وَطُولِهِن، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَن حُسْنهِن وَطُولِهِن، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا»([6]).

وكان عامة يومه مع أصحابه وفي جهاده وسفراته، ولم يشغله كل ذلك عن تحسس حاجات أزواجه.

ثانيًا: نتساءل: هل يلزم من الطواف الجماع؟

لا يظن أحدٌ أن الطواف يستلزم الجماع، فقد روت أم المؤمنين عائشة ل عند أبي داود، عَن هِشَامِ بْن عُرْوَةَ، عَن أَبِيهِ أَنهَا قَالَتْ: «يَا بْن أُخْتِي، كَان رَسُولُ اللهِ  لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِن مُكْثِهِ عِندَنا، وَكَان قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنا جَمِيعًا، فَيَدْنو مِن كُلِّ امْرَأَةٍ مِن غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِندَهَا».

 وَلَقَدْ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنتُ زَمْعَةَ حِين أَسَنتْ وَفَرِقَتْ أَن يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللهِ : يَا رَسُولَ اللهِ، يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ  مِنهَا، قَالَتْ: نقُولُ فِي ذَلِكَ أَنزَلَ اللهُ تعالى وَفِي أَشْبَاهِهَا أُرَاهُ قَالَ تعالى: [وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا ] {النساء:128}»([7]).

وهذا نص يبين حقيقة هذا الطواف، وأنه لا يستلزم الجماع، وجاء ذلك صريحًا من حديثها حينما سَأَلَها الأَسْوَدُ: مَا كَان النبِيُّ ق يَصْنعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: «كَان فِي مِهْنةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ»([8]).

فكان طوافه ق حبًّا ومداعبةً ومؤانسةً لأهله، وهو الذي قال كما في حديثها: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»([9]).

ثالثًا: أكبر لذَّاتِ النبي  عند الرافضة هي النساء

جاء عند الشيعة عدة روايات تقول بأن لذة النبي  كانت في النساء، منها ما روي عن أبي عبد الله  قال: قال رسول الله ق: «جعل قرة عيني في الصلاة، ولذتي في النساء»([10]).

وهذا شأن الأئمة عندهم، فهذا أبو عبد الله  «سُئل: أي الأشياء ألذ؟ فقال : ألذ الأشياء مباضعة النساء»([11]).

ويقول المامقاني: «ويستحبُّ حبُّ النساء المحلَّلات وإخبارهن به، واختيارهن على سائر اللَّذات، فقال الصادق : ما أظن رجلًا يزداد في الإيمان خيرًا إلَّا ازداد حبًّا للنساء، وقال: إِن العبد كلَّما ازداد حبًّا للنساء، ازداد في الإيمان فضلًا، وقال : كلُّ من اشتدَّ لنا حبًّا، اشتدَّ للنساء حبًّا وللحلوى»([12]).

أرأيت كيف أن الرافضة يصورون النبي  أنه كانت أكبر لذاته في النساء، بينما الذي عند أهل السنة أن قرَّة عينه كانت في الصلاة.

فعَن أَنسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «حُبِّبَ إِلَيَّ مِن الدُّنيَا النسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْني فِي الصَّلَاةِ»([13]).

فكانت غايته العظمى ولذته الأكبر في الصلاة، لا كما يصوره الرافضة أن أعظم لذاته في الجماع!

رابعًا: الموروث الروائي الشيعي يشهد بمثل رواية عائشة 

كيف يستنكر الرافضةُ طوافَ النبي على نسائه في ليلة واحدة أو في ساعة واحدة، وكتبهم طافحة بذكر ذلك وتقريره، والاستدلال به على الأحكام الشرعية؟!

قال البحراني: «وفي صحيح هشام بن سالم المتضمن لإهداء الله الهريسة لنبيه -صلى الله عليه وآله- وأهل بيته، قال: فجلس رسول الله ص وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين -عليهم الصلاة والسلام-، فأكلوا وأُعْطِي رسول الله -صلى الله عليه وآله- في المباضعة من تلك الأكلة قوةَ أربعين رجلًا، فكان إذا شاء غَشِيَ نساءه كلَّهن في ليلة واحدة»([14]).

وقال محمد تقي المجلسي: «وفي القوي كالصحيح عن الحسن بن جهم قال: رأيت أبا الحسن  اختضب فقلت: جعلت فداك، اختضبت؟ فقال: نعم، إن التهيئة مما تزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء -أو نساء- العفة بترك أزواجهن التهيئة، ثمَّ قال: أيسرك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت: لا، قال: فهو ذاك.

ثمَّ قال: من أخلاق الأنبياء -صلوات الله عليهم- التنظف والتطيب وحلق الشعر وكثرة الطَّرُوقَة، ثمَّ قال: كان لسليمان بن داود R ألف امرأة في قصر واحد، ثلاثمائة مهيرة وسبعمائة سُرِّيَّة، وكان رسول الله ص له بُضْعُ أربعين رجلًا، وكان عنده تسعُ نسوة، وكان يطوف عليهن في كل يوم وليلة»([15]).

وقال المجلسي: «بيان: البُضع بالضم: الجِمَاع»([16])، وفي روضة المتقين: «وكثرة الطَّرُوقة أي: الجماع»([17]).

خامسًا: كثرة الجماع من سنن الأنبياء عند الشيعة

أخرج الكليني في «الكافي» عن عَلِيِّ بْن مُوسَى الرِّضَا  قال: «ثَلَاثٌ مِن سُنن الْمُرْسَلِين: الْعِطْرُ، وَأَخْذُ الشَّعْرِ، وَكَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ»([18]).

وقد صرح علماء الإمامية بأن النبي ص كان يطوف على نسائه بغُسلٍ واحد.

قال الجواهري: «لا بأس أن يجامع مراتٍ من غير غسل يتخللها، ويكون غسله أخيرًا للأصل، وفعل النبي -صلى الله عليه وآله-، بل فرق في الخبر بأن الاحتلام من الشيطان بخلافه، لكن يستحب غسل الفرج ووضوء الصلاة بلا خلاف، كما عن المبسوط»([19]).

وقال الحلي: «الخامس: الجماع للمحتلم خاصة قبل أن يغتسل، ولا بأس بتكرار الجماعِ من غير غسل يتخللها؛ لأنه S كان يطوف على نسائه بغُسلٍ واحد»([20]).

وقال محمد تقي المجلسي: «والمشهور في أخبار العامة والخاصة أنه  كان يأتي نساءه كلَّهن في كل ليلة، والظاهر أنه كان كذلك ليتأسوا به»([21]).

وقال الكركي: «ويجوز أن يكرر الجماع مرات من غير غسل يتخللها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله- كان يطوف على نسائه ثم يغتسل أخيرًا»([22]).

وقال الشهيد الثاني: «ولا بأس بتكرر الجماع من غير غسل؛ للأصل، وَلِمَا روي من أن النبي كان يطوف على نسائه ثم يغتسل أخيرًا»([23])، فلم الإنكار إذًا يا مَن يدعي الفضيلة؟!

اقرأ أيضا| "عائشة  لبست ثوبًا منهيًّا عنه وهي مُحرِمة".. رد واضح بالأدلة على شبهة الشيعة

([1]) صحيح البخاري (1/62).

([2]) الانتصار، العاملي (4/352).

([3]) فتح الباري، ابن حجر (9/114 -115).

([4]) فتح الباري، ابن حجر (9/115).

([5]) صحيح البخاري (2/51).

([6]) صحيح البخاري (2/53).

([7]) سنن أبي داود (2/242)، وصححه الألباني، وقبله الحاكم ووافقه الذهبي، صحيح سنن أبي داود، ط غراس (6/352).

([8]) صحيح البخاري (8/14).

([9]) سنن الترمذي، ت شاكر (5/709).

([10]) الكافي (10/563)، وقال المجلسي في مرآة العقول، «كالحسن» (٢٠/٦).

([11]) المصدر السابق.

([12]) مرآة الكمال، عبد الله المامقاني (2/68).

([13]) سنن النسائي (7/61).

([14]) الحدائق الناضرة، البحراني (23/150).

([15]) روضة المتقين، محمد تقي المجلسي (8/89).

([16]) بحار الأنوار، المجلسي (22/211).

([17]) روضة المتقين، محمد تقي المجلسي (1/337).

وفي روضة المتقين: «وفي القوي عن أبي بصير، عن أبي عبد الله  قال: إن الله -تبارك وتعالى- أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هريسةً من هرائس الجنة، غرست في رياض الجنة، وفركها الحور العين، فأكلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فزاد في قوته بُضع أربعين رجلًا، وذلك شيء أراد الله  أن يَسُرَّ به نبيه محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم». روضة المتقين (7/585).

وقال المجلسي: «صحيفة الرضا S: عن الرضا، عن آبائه  قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله-: ضعفت عن الصلاة والجماع، فنزلت عليَّ قِدْرٌ من السماء، فأكلت منها فزاد في قوتي قوة أربعين رجلًا في البطش والجماع». بحار الأنوار، المجلسي (16/224 – 225).

فانظر إلى طعن الرافضة في النبي ، وكيف يصورونه بأنه كان ضعيفًا جنسيًّا حتى أنزل الله له هريسةً فزادت قوته في الجماع.

([18]) الكافي، الكليني (5/320)، وقال عنه المجلسي في (مرآة العقول): «صحيح» (20/5).

([19]) جواهر الكلام، الجواهري (29/57).

([20]) تذكرة الفقهاء، الحلي (1/243).

([21]) روضة المتقين، محمد تقي المجلسي (8/91).

([22]) جامع المقاصد، الكركي (12/24).

([23]) مسالك الأفهام، الشهيد الثاني (7/35).


لتحميل الملف pdf

تعليقات