شبهة: "مناديل آل عمر نعالهم"

الشبهة التاسعة والستون

مناديل آل عمر نعالهم

 

محتوى الشبهة:

دائمًا ما يشغب الرافضة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتبهم ومنتدياتهم بما رواه ابن سعد: قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عن عاصم بن عبيد الله بن عَاصِمٍ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَمْسَحُ بِنَعْلَيْهِ، وَيَقُولُ: "إِنَّ مَنَادِيلَ آلِ عُمَرَ نِعَالُهُمْ"([1]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

والجواب عن هذا من وجوه:

أولاً: هذا الأثر ضعيف، وفيه ثلاث علل:

العلة الأولى: ضعف عاصم بن عبيد الله

قال ابن الجوزي: "عَاصِم بن عبيد الله بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب يروي عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة وَعبيد الله بن عمر سمع مِنْهُ الثَّوْريّ وَشعْبَة وَمَالك، وَضَعفه مَالك، وَقَالَ يحيى: ضَعِيف لَا يحْتَج بحَديثه، قَالَ ابْن حبَان: كَانَ سيء الْحِفْظ، كثير الْوَهم، فَاحش الْخَطَأ فَيتْرك. قَالَ المُصَنّف قلت: ثمَّ آخرَانِ يُقَال لَهما عَاصِم بن عبيد الله لم يقْدَح فيهمَا"([2]).

وقال الامام الذهبي: "ضعفه ابن معين، وقال البخاري وغيره: منكر الحديث"([3]).

وقال ابن حجر: "ضعيف من الرابعة، مات في أول دولة بني العباس سنة اثنتين وثلاثين"([4]).

بل إن ابن سعد صاحب (الطبقات)، قال: "لا يحتج بِهِ"([5]).

العلة الثانية: الانقطاع بينه وبين عمر، فلم يسمع من عمر، وقد مات في أول خلافة أبي العباس. ([6])

وقد تولى أبو العباس السفاح الخلافة سنة 132 هـ وبقي إلى سنة 136ه.

العلة الثالثة: مخالفته للثابت عن عمر رضي الله عنه

ثانيًا: روى ابن أبي شيبة بسنده عن ابْنَ عُمَرَ قَالَ:" كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُؤْتَى بِخُبْزِهِ وَلَحْمِهِ وَلَبَنِهِ وَزَيْتِهِ وَبَقْلِهِ وَخَلِّهِ فَيَأْكُلُ، ثُمَّ يَمُصُّ أَصَابِعَهُ وَيَقُولُ هَكَذَا، فَيَمْسَحُ يَدَيْهِ بِيَدَيْهِ، وَيَقُولُ: هَذِهِ مَنَادِيلُ آلِ عُمَرَ"([7]).

وهذا الأثر صحيح، كما قال عبد السلام بن محسن آل عيسى في كتابه (دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه)([8]).

"ولعل ذلك كان من عمر رضي الله عنه عند فقد الماء أو المناديل، وربما كان الطعام الذي يأكله ليس له زفر أو غمر كما نص على ذلك أهل العلم"([9]).

ولعل بعض الشيعة يستنكر ذلك بجهل، فنقول إن هذا وارد عندكم:

 عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه في فيه فمصها"([10]).

وبوب الحر العاملي في الوسائل: باب 78: استحباب لحس الأصابع من المأدوم([11]).

ثالثًاً: على فرض صحة هذا الأثر، فهل هذا موجب للطعن في صحابي جليل من أصحاب رسول الله له من الفضائل والمحاسن ما لا يمكن تسطيره في كتاب؟!

إن هذا بلا شك يكون من فضائله، سيما وقد ذكرنا أن ذلك لعدم وجود منديل أو ماء، وقد كان طعامه رضي الله عنه في الغالب الخبز والزيت، بل كان يشترط على عامله ألا يركب بِرْذَونًا، ولا يأكل نقيًّا، ولا يلبس رقيقًا، ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات.

وهذا الأثر – لو تنزلنا وقلنا بصحته- يمكن أن يستدلَّ به على الزهد في الدنيا، والتقلل منها، والبذاذة -وهي من الإيمان-، والبعد عن الترف والبذخ، سيما إذا عرفنا أن المناديل عند العرب أدنى الثياب ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لما "أُهْدِيَ له جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا". فذكر المناديل؛ لأنها أقل الثياب وأردأها.

رابعًا: ورد في كتب الشيعة ما هو أشنع من ذلك:

 فقد روى القُمِّي في كتابه: "أن أبا جعفر الباقر - عليه السلام- دخَل الخلاء، فوجد لقمة خبز في القَذَر، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك كان معه، فقال: تكون معك لآكلها إذا خرجت، فلما خرج -عليه السلام- قال للمملوك: أين اللقمة؟ قال: أكلتها يا بن رسول الله، فقال: إنها ما استقرَّت في جوف أحد إلا وجبت له الجنةُ، فاذهب، أنت حر، فإني أكره أن أستخدمَ رجلًا من أهل الجنة"([12]).

وبوب الحر العاملي، باب: أن من وجد كسرة أو تمرة استحب له رفعها وأكلها، وإن كانت في قذر استحب له غسلها وأكلها([13]).

فاللقمة التي وقعت في القذارة وفي الخلاء فإن المعصوم أمر الشيعة بأكلها.

خامساً: ورد في كتب الرافضة أن عليًّا رضي الله عنه وحاشاه كان أذل من النعل، ففي (بحار الأنوار): "فلما أطاع القوم الذين ولوا الأمر وصار أذل لهم من الحذاء، تركوه وسكتوا عنه".

فإذا كان عمر قد مسح يده في النعل، فقد مسح يده في شيء أعلى من معصوم الشيعة الأول - عياذًا بالله من هذا الكفر البواح-.

والحمد الله رب العالمين

 

([1]) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد بن منيع (3/242).

([2]) الضعفاء والمتروكون، عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (2/70).

([3]) الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، الذهبي (1/520).

([4]) تقريب التهذيب، ابن حجر (1/285).

([5]) انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي (13/405).

([6]) انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي (13/405).

([7]) مصنف ابن أبي شيبة (7/ 97).

([8]) (دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه) (1/ 276).

([9]) دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه (1/ 277).  

([10]) وسائل الشيعة (16/ 496).

([11]) وسائل الشيعة (16/504).

([12]) من لا يحضره الفقيه الصدوق (1/27).

([13]) وسائل الشيعة 16/ 503).


لتحميل الملف pdf

تعليقات