من الشبهات التي يرددها الرافضة، محاولين الطعن في زوج النبيّ النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، اتهامهم إياها بأنها كانت تستضيف الرجال الأجانب في بيتها.
قال صاحب كتاب «الفاحشة»: «والذي عُلِمَ من سيرة عائشة أنها كانت تستدخل على نفسها الرجال وتستضيفهم في بيتها بعد استشهاد رسول الله، وكأنهم لها أخلاء، فيمكثون عندها ويبيتون، بل ويجنبون، وتعلمهم كيف يحُكُّون المني الذي رأوه في ثيابهم بدلًا من غسله... وبعد هذه الروايات التي تكشف عن واقع دنيء، يحق للمرء أن يتساءل: ماذا كان يفعل أولئك الرجال الأجانب في بيت عائشة؟ وما الداعي لأن تدعوهم وتستضيفهم على هذا النحو المريب، وهي بعد في حكم المعتدة أبدًا؛ إذ يحرم عليها الزواج؟»([1]).
الرد التفصيلي على الشبهة:
أولًا: في هذه العبارات دلالة على ضحالة المستوى في فهم النصوص، ودناءة الطباع عند من طغت عليهم المتعة، حتى أصبحوا يفكرون بفروجهم.
فلفظة: «نزل بعائشة ضيف» لا تستلزم أنه نزل في بيتها أو حجرتها؛ لأن العرب إذا قالوا: نزل ضيف بفلان فإن المقصود أنه قصَد فلانًا بالمجيئ من بلدهِ البعيد، ولا يستلزم ذلك أن ينزل في بيته هو فضلًا عن بيوت أزواجه، بل إن من عادة العرب أن يُعِدوا بيتًا للضيوف حتى يكون الضيف أكثر حرية وطمأنينة، فينزل الضيف بمكان مخصص ومعدٍّ لاستقبال الضيوف، وهذه عادة العرب التي لا يعرفها الأعاجم مثيرو تلك الشبهات السخيفة، وقد كان في مدينة رسول الله ق فيما نعلم بيتان لاستقبال الضيوف.
الأولى: الدار الكبرى (دار الضيفان).
يقول السمهودي: «وذكر ابن شبة في دور بني زهرة أن من دور عبد الرحمن بن عوف التي اتخذها الدار التي يقال لها: الدار الكبرى، دار حميد ابن عبد الرحمن بن عوف بحُشّ طلحة. قال: وإنما سميت الدار الكبرى؛ لأنها أول دار بناها أحد من المهاجرين بالمدينة، وكان عبد الرحمن ينزل فيها ضيوف رسول الله ، فكانت أيضًا تسمَّى «دار الضيفان».
وقال المسعودي وهو يصف مدينة رسول الله في زمانه: «وفي شامي المسجد اليوم مما يلي الشرق دار تعرف بدار المضي، فلعل تسميتها بذلك؛ لكونها في موضع دار الضيفان المذكورة»([2]).
الثانية: دار بنت الحارث.
يقول السمهودي: «ودار بنت الحارث هذه لها ذكر في أماكن كثيرة، وكان النبي يُنزل بها الوفود، وجعل بها أسرى بني قريظة حتى خندق لهم الخنادق بالسوق وقتلوا، وروى ابن زبالة عن محمد بن أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم قال: جاء النبي إلى نفر من أصحابه من قريش والأنصار وهم في دار بنت الحارث، فلما رأوه أوسعوا له... الحديث»([3]).
فهذا كان هدي النبيّ في استقبال ضيوفه؛ فالذين كانوا ينزلون عليه كان ينزلهم في المسجد، أو في بيت من بيوت الضيفان، أو ينظر مَن يضيفهم من أصحابه، وأما بيته ق فهو غرفة لكل امرأة من نسائه، ولا نظن أن هناك رافضيًّا يقول بأنه كان يُدخل الضيوف في حجرات نسائه كما زعم الآثمون الطاعنون في أم المؤمنين بتلك الشبهة السخيفة الباردة.
والذي يؤكد هذا المعنى في الرواية ما يأتي في الوجه الثاني.
ثانيًا: ضيف عائشة كان في بيتٍ منفصلٍ تمامًا:
روى مسلمٌ عَن عَبْدِ اللهِ بْن شِهَابٍ الْخَوْلَانيِّ قَالَ: «كُنتُ نازِلًا عَلَى عَائِشَةَ فَاحْتَلَمْتُ فِي ثَوْبَيَّ فَغَمَسْتُهُمَا فِي الْمَاءِ، فَرَأَتْني جَارِيَةٌ لِعَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَبَعَثَتْ إِلَيَّ عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنعْتَ بِثَوْبَيْكَ؟ قَالَ قُلْتُ: رَأَيْتُ مَا يَرَى النائِمُ فِي مَنامِهِ، قَالَتْ: هَلْ رَأَيْتَ فِيهِمَا شَيْئًا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَتْ: «فَلَوْ رَأَيْتَ شَيْئًا غَسَلْتَهُ، لَقَدْ رَأَيْتُني وَإِني لَأَحُكُّهُ مِن ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ يابِسًا بِظُفُرِي»([4]).
ومن قرأ الحديث بتجرد وإنصاف فهم المقصود، وعلم أن هذا الرجل الكوفي الذي أتى المدينة طلبًا للعلم، لم ينزل في بيت عائشة، وإنما نزل ضيفًا عندها، يعني طالبًا للعلم منها ل، كيف لا وهي أفقه نساء الدنيا على الإطلاق؟ وكما سبق بيانه أنه نزل في بيت مُعدٍ للضيوف لا في حجرتها الخاصة، وهذا بدهي عند أصحاب العقول والفطر السليمة.
قال الشيخ عبد الكريم الخضير: «ليس معنى أنه كان ضيفًا عندها أنه نام معها في غرفتها، إنما في ضيافتها، ولا يلزم أن يكون في منزلها، إنما نزل في ضيافتها؛ لأن مثل هذا الخبر قد يتلقفه من يتلقفه من الذين يتبعون الشبهات والشهوات، فيستدل به على أن المرأة وإن كانت بمفردها في البيت يمكن أن ينزل بها رجل ضيف، هذا الكلام ليس بصحيح.
قال عبد الله بن شهاب الخولاني: كنت نازلًا على عائشة، يعني ضيفًا عندها، فاحتلمت في ثوبي، وهنا يقول: فأمرت له بملحفة، ولا يمنع أن ينسبه إلى نفسه؛ لأنه قد تغطى به، والنسبة تكون لأدنى ملابسه، فاحتلمت في ثوبي فغمسته في الماء، فرأتني جارية لعائشة، فأخبرتها فبعثت إلى عائشة، كل هذا يدل على أن عائشة ليست بحضرته وليس بحضرتها»([5]).
وقوله: «رَأَتْني جَارِيَةٌ لِعَائِشَةَ» دليل أنه لم يكن معها في نفس البيت، وإلا لرأته هي أيضًا مثل الجارية، وأصرح من هذا قوله: «فَبَعَثَتْ إِلَيَّ عَائِشَةُ» فكيف تبعث إليه وهما في نفس البيت أو الغرفة كما فهمه هذا المخذول ومن كان على شاكلته؟!
وجاء في لفظٍ للحديثِ عَن هَمَّامٍ قَالَ: «نزَلَ بِعَائِشَةَ ضَيْفٌ، فَأَمَرَتْ لَهُ بِمِلْحَفَةٍ لَهَا صَفْرَاءَ، فَنامَ فِيهَا، فَاحْتَلَمَ، فَاسْتَحَى أَن يُرْسِلَ بِهَا وَفِيهَا أَثَرُ الِاحْتِلَامِ، قَالَ: فَغَمَسَهَا فِي الْمَاءِ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا»([6]).
فالإرسال دليل على أنه لم يكن معها في نفس المكان، كما هو واضح لكل ذي عقل.
ثالثًا: حال عائشة وأصحاب النبي ق أتقى وأورع من تفكير أبناء المتعة.
كيف يُعْقَل أن أمَّ المؤمنين ل، زوج النبيِّ الكريم، تُبِيتُ رجلًا أجنبيًّا في بيتها، وعلى مرأى ومشهد من الصحابة الكرام، ولا منكر منهم عليها؟! وهل يعقل أن تفعل هذا، وهي قد تحرجت من إدخال عمها من الرضاعة إلى بيتها؟!
فقد روى البخاري بسنده عَن عَائِشَةَ ل أَنهَا قَالَتْ: «جَاءَ عَمِّي مِن الرَّضَاعَةِ، فَاسْتَأْذَن عَلَيَّ فَأَبَيْتُ أَن آذَن لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ فَسَأَلْتُهُ عَن ذَلِكَ فَقَالَ: «إنهُ عَمُّكِ، فَأْذَني لَهُ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنمَا أَرْضَعَتْني الْمَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْني الرَّجُلُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «إِنهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ»»([7]).
فمن أبَتْ أن تُدخل عمَّها من الرضاعة إلى بيتها وتحرَّجت من ذلك، أتقبل أن تُدخل رجلًا أجنبيًّا عليها؟!
رابعًا: لماذا أخبرته بالحكم؟!
أما استنكارُ بعضِهم إخبارَ أم المؤمنين عائشة ل بهذا الحكم للرجال، فمن أسخف ما يكون! فهي أخبرت بذلك طاعة لله، فهو سبحانه قال مخاطبًا لهن: [وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا] {الأحزاب:34} فالله أمرهن أن يُخبرن وأن يُعلمن الناسَ ما يُتلى في بيوتهن من القرآن والسنة النبوية؛ لأنهما علم شرعي يُنقل للأمة، ولا شك أن عائشة ل عندما تخبره بهذا فإنما هو من وراء حجاب ساتر كما قال الله تعالى: [وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ] {الأحزاب:53}.
قال البغوي: «أَيْ: مِن وَرَاءِ سِتْرٍ، فَبَعْدَ آيَةِ الْحِجَابِ لَمْ يَكُن لِأَحَدٍ أَن يَنظُرَ إِلَى امْرَأَةٍ مِن نسَاءِ رَسُولِ اللهِ مُنتَقِبَةً كَانتْ أَوْ غَيْرَ مُنتَقِبَةٍ»([8]).
فهذا الرجل ليس من محارمها، فعلَّمته مما علَّمها رسول الله ق، فأخبرته أنها كانت تفعل ذلك في ثوب رسول الله ، وهذا إشارةٌ إلى إقْرارِ رسولِ الله ق لفعلِها.
خامسًا: كانت فاطمة ل تُعلِّم الرجال أمور الدين
جاء في كتب الشيعة أن فاطمة كانت تُعَلِّم الرجال أمور الدين وتنشر علم رسول الله .
تقول الدكتورة كفاح الحداد، وهي تتكلم عن علم فاطمة ونشرها له: «ونشر العلم والمعرفة بين النساء، بل وحتى الرجال؛ حيث تجيبهم عن أسئلتهم، كما أن كثرة عدد الرواة الذين ينقلون الرواية عنها وعن أبيها لدلالة واضحة على أنها لم تكن معزولةً عن الناس، وأن الجميع كان يحب أن يتعلم منها ويأتي إليها ليسألها»([9]).
فهذه فاطمة كانت إذا استُفتِيَت من رجل في شيء من دين الله تجيب، أفي هذا عيبٌ عليها أيضًا؟ أم أنه الكيل بمكيالين؟ وكيف لا تجيب المرأة عن المسائل الفقهية أيًّا كان نوعها، وقد أجازوا لها أن تكون وكيلة للمرجع الجامع للشرائط، وأجازوا لها أن تكون خطيبة، ومذيعة في التليفزيون؛ ففي أحكام النساء لصادق الحسيني الشيرازي «سؤال: هل يمكن للمرأة أن تكون وكيلة عن المرجع الجامع للشرائط؟
جواب: نعم لها ذلك»([10]).
وفي موضع آخر: «سؤال: هل يمكن للمرأة أن تكون خطيبة أو مذيعة تلفزيونية مع حفظ الأصول الشرعية والأخلاقية؟ جواب: نعم»([11]).
ومجرد الكلام مع النساء الأجانب في شؤون العلم لا إشكال فيه، وقد أفتى بذلك مرجعهم الشيرازي: «السؤال (786): حديث الطالب مع الطالبة في شؤون الدراسة، هل هو جائز؟ وما معاييره؟ الجواب: في نفسه جائز إذا لم يستلزم حرامًا»([12]).
سادسًا: النساء علَّمْن الرجال، وأوّلهم المعصوم!
وجدنا في مصادر وكتب الرافضة تعليم المرأة تلك الأحكام للرجال بلا نكير من معصوميهم، بل قد علَّمَتْ معصوميهم أحكام الرجال والنساء على حد سواء، فروى شيخهم الصدوق أن عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَلِيٍّ الْحَلَبِيَّ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِ: «عَن الْحَائِضِ مَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا مِنهَا؟ فقَالَ: تَتَّزِرُ بِإِزَارٍ إِلَى الرُّكْبَتَيْن، وَتُخْرِجُ سُرَّتَهَا، ثُمَّ لَهُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ.
وَذَكَرَ عَن أَبِيهِ أَن مَيْمُونةَ كَانتْ تَقُولُ: إِن النبِيَّ كَان يَأْمُرُني إِذَا كُنتُ حَائِضًا أَن أَتَّزِرَ بِثَوْبٍ، ثُمَّ أَضْطَجِعَ مَعَهُ فِي الْفِرَاشِ»([13]).
فهل سيعيب الرافضة على أم المؤمنين ميمونة ل بتعليم هذا الحكم الشرعي للناس، والإخبار عن هذا الأمر الخاص الذي كان بينها وبين رسول الله ق للمعصوم؟ أم سيعيبون على المعصوم أنه كان يتعلم من النساء هذه الأحكام؟
سابعًا: فتاوى علماء الشيعة بشأن المرأة.
أجاز الشيعةُ للمرأة أن تسافر دون محرم إلى دولة أجنبية لِتَعَلُّمِ العلم، وهذا لا شك أفسد لها من مجرد دخول رجل عليها في بيت مُعَدٍّ للضيوف في وسط قومها، وقد وُجِّهَ لمرجع الشيرازية صادق الحسيني الشيرازي: «سؤال: هل تستطيع المرأة السفر للدول الأجنبية لكسب العلم بمفردها مع رعاية الموازين الشرعية؟ وإن لم تطمئن إلى ممارسة الأحكام الشرعية، فما حكمها؟
جواب: لا إشكال في ذلك في حالة الضرورة، مع التأكد من حفظ العقائد والالتزام بتعاليم الدين»([14]).
بل اعتبر الشيرازي أن المرأة إذا دخل عليها أجنبيٌّ بيتَها والباب مغلق عليهما ويمكن لمن في الخارج فتحه، اعتبر أن ذلك جائز لا شيء فيه، بل وإذا كان الباب مغلقًا لا يمكن فتحه، لكن معهما صبي ابن سبع سنوات فهذه ليست خلوة ولا فيها حرمة.
فقد جاء في «جامع المسائل الشرعية»: «يحرم (احتياطًا) بقاء الرجل والمرأة الأجنبيين في مكان لا يوجد فيه غيرهما، ولا يمكن لغيرهما الدخول فيه أيضًا، سواء كانا مشغولين بذكر الله، أو بكلام آخر، وسواء كانا نائمين أو يقظين، ولكن إذا كان ذلك المكان بحيث يمكن دخول غيرهما فيه، أو كان معهما صبي مميز فلا إشكال في ذلك، على تفصيل في المسألة»([15]).
ومن ذلك أيضًا جوابه عن السؤال رقم (617)، ونصه: «إذا خرج الزوج من المنزل لمدة ساعات قليلة، وترك صديقه في البيت مع زوجته في غرفتين منفصلتين، هل تصدُق على ذلك خلوة؟ علمًا أنهما مؤمنان ولا يخطر في بالهما أي شيء؟
الجواب: إذا أمكن دخول غيرهما إلى البيت بدون علمهما، أو كان معهما ولد صبي مميز جاز، وإلا فلا»([16]).
ومن الغرائب أن يعترض الشيعة على رواية عائشة، وقد أجاز مراجعهم للمرأة أن تتعلم قيادة السيارة مع رجل أجنبي في مكان خالٍ تمامًا من الرجال!
فقد جاء في فتاوى الصدر مسألة (407): «هل يجوز للمرأة أن تتعلم قيادة السيارة عند الرجل الأجنبي بحيث يذهبان معًا منفردَين بالسيارة في الأماكن الصالحة للتدريب والتعليم، وهي الأماكن التي تكون خالية من الرجال عادةً؟
باسمه تعالى: نعم يجوز لها أن تتعلم قيادة السيارة، بشرط ألا يستلزم الوقوع في الحرام»([17])، وقد أفتى بجواز ذلك جُلُّ مراجع الشيعة([18]).
فها هم مراجع الشيعة أجازوا أن يختلي الرجل بالمرأة لمجرد تعلم قيادة سيارة، فكيف بأمور الدين التي فيها النجاة في الدنيا والآخرة؟!
ثامنا: إذا كان نزولُ الضيف بعائشة معيبًا، فكيف بمن يرى رأس فاطمة وقدمها؟!
فالرافضة الذين يستنكرون مثل هذه الرواية التي بيَّنا سابقًا أنه لا إشكال فيها، وإنما الخلل في أفهامهم السقيمة، فهم أنفسهم يروون في كتبهم أن الرجل الأجنبي يدخل على فاطمة ويرى منها ما لا يجوز له رؤيته.
فقد روى ابن طاووس بسنده عن سلمان الفارسي قَالَ: «خَرَجْتُ مِن مَنزِلِي يَوْمًا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ ق بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَلَقِيَني عليٌّ بْن أَبِي طَالِبٍ ابْن عَمِّ الرَّسُولِ ، فَقَالَ لِي: يَا سَلْمَان، جَفَوْتَنا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ، فَقُلْتُ: حَبِيبِي أَبَا الْحَسَن، مِثْلُكُمْ لَا يُجْفَى، غَيْرَ أَن حُزْني عَلَى رَسُولِ اللهِ طَالَ، فَهُوَ الَّذِي مَنعَني مِن زِيَارَتِكُمْ. فَقَالَ لِي: يَا سَلْمَان، ايتِ مَنزِلَ فَاطِمَةَ بِنتِ رَسُولِ اللهِ ، فَإِنهَا إِلَيْكَ مُشْتَاقَةٌ، تُرِيدُ أَن تُتْحِفَكَ بِتُحْفَةٍ قَدْ أُتْحِفَتْ بِهَا مِن الْجَنةِ. قُلْتُ لِعَلِيٍّ : قَدْ أُتْحِفَتْ فَاطِمَةُ بِشَيْءٍ مِن الْجَنةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ؟ قَالَ: نعَمْ بِالْأَمْسِ. قَالَ سَلْمَان الْفَارِسِيُّ: فَهَرْوَلْتُ إِلَى مَنزِلِ فَاطِمَةَ بِنتِ مُحَمَّدٍ ، فَإِذَا هِيَ جَالِسَةٌ وَعَلَيْهَا قِطْعَةُ عَبَاءٍ إِذَا خَمَّرَتْ رَأْسَهَا انجَلَى سَاقُهَا، وَإِذَا غَطَّتْ سَاقَهَا انكَشَفَ رَأْسُهَا، فَلَمَّا نظَرَتْ إِلَيَّ اعْتَجَرَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا سَلْمَان جَفَوْتَني بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي؟ قُلْتُ: حَبِيبَتِي لَمْ أَجْفَكُمْ...»([19]).
فسلمان رجل أجنبي عن فاطمة، فكيف جاز له الدخول عليها في غياب زوجها على مثل تلك الحال؟!
ولا عجب فقد أجاز بعض علمائهم أن يرى الرجل من المرأة الأجنبية جميع بدنها إلا القبل والدبر فقط! قال شيخهم البهائي: «وحكم ابن الجنيد بمساواتها للرجل في وجوب ستر القبل والدبر فقط»([20]).
تاسعًا: طعن روايات الرافضة في عرض النبي صراحةً:
ورد في كتب الرافضة أن النبي وحاشاه أنام عليًّا في لحاف واحد مع عائشة .
قال محمد كاظم القزويني: «في التاسع من (البحار) نقلًا عن (كتاب مناقب ابن شهر آشوب) وكتاب (الاحتجاج) وغيرهما عن أمير المؤمنين قال:...وسافرت مع رسول الله وليس له خادم غيري، وكان له لحاف ليس له لحاف غيره، ومعه عائشة، وكان رسول الله ينام بيني وبين عائشة ليس علينا لحاف غيره، فإذا قام إلى صلاة الليل يحط بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتنا...إلخ.
هذا الحديث كما تراه يدل على شدة ثقة النبي بعليٍّ، وكثرة اختصاصه به، واطمئنانه به، وكثيرًا ما تحدث هذه القضايا في العوائل المحافظة على الحجاب والغيرة نظرًا لنزاهة الأفراد وطهارة القلوب، فكيف بالمعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا؟»([21]).
فهل يعقل أن يترك النبيّ زوجته مع رجل أجنبي في لحاف واحد؟!
والأدهى أن القزويني يعترف بحصول مثل هذا الأمر في العوائل المحافظة، فليت شعري إن كان هذا حال العوائل المحافظة، فكيف حال غيرها؟!
يقول نعمة الله الجزائري: «أما قوله بأن عليًّا كان يدخل على النبيّ في كل حين فهو حق؛ لأن عليًّا كان له من المحرمية بالنسبة إلى بيت النبي، فقد روي عنه قال: كنت في بعض الغزوات فحممت ولم يكن عند النبي سوى لحاف واحد، وكانت معه زوجته عائشة، فأنامني معه ومع زوجته تحت ذلك اللحاف، ولما قام إلى صلاة الليل ثنى بعض اللحاف بيني وبين زوجته»([22]).
ولا ندري من أين جاءت هذه المحرمية لعليٍّ ا مع زوجات النبيِّ حتى يدخل عليهن في أي وقت أراد، بل ينام معهن في لحاف واحد، عياذًا بالله؟!
عاشرًا: جواز نوم المرأة مع الرجل الأجنبي بغرفة واحدة في وجود المحرم:
أفتى زعيم الحوزة الشيعية السابق أبو القاسم الخوئي بجواز أن تنام المرأة مع رجل أجنبي في نفس الغرفة بوجود محرم معها، فقد سئل: «ما حكم المرأة التي تنام في غرفة واحدة مع محرم لها وغير محرم لها؟
الجواب: يجوز ذلك، ولا بأس به، والله العالم»([23]).
فلْتَحْكُموا إذًا على الخوئي بأنه يفتي بالخَنا والفجور؛ لأنه أجاز نوم المرأة مع غير المحرم إذا كان بوجود المحرم! ولْتحْكُمُوا على مراجع الشيعة أنهم قوَّادُون لنساء الشيعة يبيحون ويشرعون لهن الفجور باسم الدين لمجرد أن تتعلم المرأة قيادة السيارة!
([1]) الفاحشة الوجه الآخر لعائشة، ياسر الحبيب (ص842 -844).
([2]) وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (٢٤٢/٢).
([3]) وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (٢٥٠/٢).
([4]) صحيح مسلم: كتاب الطهارة، باب حكم المني (1/239)، رقم (290).
([5]) شرح سنن الترمذي: عبد الكريم الخضير (24/18)، بترقيم المكتبة الشاملة.
([6]) مصنف ابن أبي شيبة (1/83)، رقم (920).
([7]) صحيح البخاري (7/38).
([8]) تفسير البغوي، ط طيبة (6/370).
([9]) قراءة في السيرة الفاطمية، كفاح الحداد (1/762).
([10]) أحكام النساء، صادق الحسيني الشيرازي (ص١٨٥).
([11]) أحكام النساء، صادق الحسيني الشيرازي (ص١٧٧).
([12]) ألف مسألة في بلاد الغرب، صادق الحسيني الشيرازي، (ص٤٣٦)، وانظر الفتوى نفسها في كتاب مسائل وردود، محمد الصدر (٣/١٠٦).
([13]) من لا يحضره الفقيه، الصدوق (1/99).
([14]) أحكام النساء، صادق الحسيني الشيرازي (ص١٩٦).
([15]) جامع المسائل الشرعية، صادق الحسيني الشيرازي (١/٣٦٢).
([16]) ألف مسألة في بلاد الغرب، صادق الحسيني الشيرازي (ص٣٣٧).
([17]) مسائل وردود، محمد الصدر (١/١٣٦).
([18]) وانظر الفتوى نفسها في كتاب المسائل الشرعية (استفتاءات) (المعاملات) (1416هـ)، الخوئي (ص٢١١)، وأيضًا في كتاب الفتاوى الميسرة، السيستاني، (ص٤١٩)، ومثلها في أجوبة السائلين، فاضل اللنكراني، (ص١٤٧)، وفي أجوبة الاستفتاءات (ج٢/85)، وقريبًا منها في كتاب الفتاوى - أسئلة وأجوبة، محمد سعيد الحكيم (ص٢٦٤).
([19]) مهج الدعوات ومنهج العبادات، ابن طاووس (ص6).
([20]) الحبل المتين (ط. ق)، البهائي العاملي (ص١٧١).
([21]) الإمام علي من المهد إلى اللحد، محمد كاظم القزويني (ص144).
([22]) الأنوار النعمانية، نعمة الله الجزائري (1/53).
([23]) رابط الفتوى: http://www.al-khoei.us/fatawa1/?id=2294
لتحميل الملف pdf