دائمًا ما يحاول الرافضة الاستدلال على النيل من عِرْض رسول الله والطعن في حبيبة قلبه أم المؤمنين عائشة، ويبررون ذلك بالقياس على زواج نوح ولوط بامرأتين كافرتين.
الرد التفصيلي على الشبهة:
هذا القياس باطل من وجوه عدة:
أولًا: حصرية أمومة المؤمنين على زوجاته
زوجات الأنبياء لسْن أمهاتٍ للمؤمنين، بخلاف زوجات نبينا، فإنهن أمهات للمؤمنين، مقرونة محبتهن وولايتهن وتوقيرهن وتشريفهن وإكبارهن بمقام نبينا محمد؛ حيث قال تعالى: [ النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ] {الأحزاب:6}، ولا شك عند كل عاقل أن هذا وصف تكريم لا توبيخ، بل هو غاية التكريم، وسيأتي تفصيل الرد على من ينكر ذلك إن شاء الله تعالى.
ثانيًا: حرمة نكاحِ الكافرات أو الإبقاء عليهن في شرعه
معلوم من الدين بالضرورة أنه لا يجوز نكاح الكفار غير الذميين، ولا يجوز الإمساك بعصمة الكافرة، قال تعالى: [وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ] {الممتحنة:10} ومعلوم أن نبينا أمسك بعصمة أم المؤمنين عائشة، وكذلك حفصة، وهما باتفاق من أمهات المؤمنين، فلم يُطَلِّقهما، وضرب عليهما الحجاب، ومات وهما في عصمته، وبالتالي فقد أمسَكَ نبيُّ الرافضةِ بعِصَم الكوافر مخالِفًا للآية!!
فإن قالوا: بل كانتا منافقتين!
قلنا: النفاق نوعان: نفاق إسلام، ونفاق كفر.
فإن كان الأول فقد بطل قياسكم وكلامكم كله.
وإن كان الثاني قلنا: قد ذكر الرافضي الخبيث أن الله يعلم حالهن قبل نكاحهن، فنقول: كذلك يعلم أن نفاقهن ليس نفاق كفر؛ إذ لا شك أن نفاق الكفر أعظم من الكفر؛ ولذلك كان أصحاب هذا النفاق في الدرك الأسفل من النار، فلماذا رضي الله لنبيه أن يخالف الآية؟! ومعلوم أن الله لا يُقرُّ نبيَّه على مخالفة أبدًا، سواء علمها النبي ق أو لم يعلمها.
ففي سنن أبي داوود عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: «بَيْنمَا رَسُولُ اللهِ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ؛ إِذْ خَلَعَ نعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَن يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَاتَهُ، قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نعَالِكُمْ؟»، قَالُوا: رَأَيْناكَ أَلْقَيْتَ نعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنا نعَالَنا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِن جِبْرِيلَ أَتَاني فَأَخْبَرَني أَن فِيهِمَا قَذَرًا» أَوْ قَالَ: «أَذًى»»([1]).
أفيُخْبِرُ اللهُ نبيَّه عن قذارة في نعل، ولا يخبره عما نعَتُوا به امرأة يعاشرها، بل ويحبها؟!
ثالثًا: قياس الرافضي باطل في دينه، وهو سبيل إبليس:
القياس في دين الرافضة باطل حتى وإن كان صحيحًا، فقد روى الكليني في «الكافي» عن عيسى بن عبد الله القرشي قال: «دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله فقال له: يا أبا حنيفة، بلغني أنك تقيس، قال: نعم، قال: لا تقس؛ فإن أول من قاس إبليس حين قال: [أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ] {الأعراف:12} فقاس ما بين النار والطين، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين وصفاء أحدهما على الآخر»([2]).
وفي وسائل الشيعة: «قال الصدوق: عن جعفر بن محمد قال:... يا نعمان! إياك والقياس؛ فإن أبي حدثني عن آبائه أن رسول الله ق قال: من قاس شيئًا من الدين برأيه قرنه الله مع إبليس في النار، فإن أول من قاس إبليس حين قال: [ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ] {الأعراف:12}، فدع الرأي والقياس، وما قال قوم ليس له في دين الله برهان، فإن دين الله لم يوضع بالآراء والمقاييس»([3])
وعليه فقد ارتكب الرافضي الخبيث محرمًا يوجب اقترانه في جهنم مع إبليس، وذلك حسب دينه الذي ينتسب إليه.
هذا وقد اتفقت العقول على بطلان قياس الفاضل على المفضول، والأحسن بالحسن، والأعلى بالأدنى، ونبينا بلا شك أعلى رتبة من نوح ولوط، وعليه يسقط هذا القياس على رأس صاحبه.
رابعًا: نكاح النبي ق للتأسي به إلا ما خرج بالنص عن ذلك:
زواج النبي موضع أسوة لأمته؛ لقوله تبارك وتعالى: [لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ] {الأحزاب:21} إلا ما دل الدليل على تخصيصه به عن أمته، كجواز الزيادة عن أربع، ولا يوجد نظير ذلك في أنكحة من كان قبله من الأنبياء كنوح ولوط .
فمن أوجه التأسي به حسن الاختيار للزوجات، فقد قال النبي كما عند مسلم عَن أَبِي هُرَيْرَةَ: «تُنكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَدَاكَ»([4]).
وفي كتب الرافضة عن أبي جعفر قال: قال رسول الله: «من تزوج امرأة لا يتزوجها إلا لجمالها لم ير فيها ما يحب، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلا له وكله الله إليه، فعليكم بذات الدين»([5]).
وفي «الكافي»: «عن أبي جعفر قال: قال رسول الله: قال الله: إذا أردت أن أجمع للمسلم خير الدنيا وخير الآخرة جعلت له قلبًا خاشعًا، ولسانًا ذاكرًا، وجسدًا على البلاء صابرًا، وزوجة مؤمنة تسره إذا نظر إليها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله»([6]).
فإذا كان هذا هو الإرشاد النبوي في اختيار الزوجات، فلا شك أنه أول الأمة وأولاها أن يُحسن هذا الاختيار، ويكون هو الأجدر به والأسبق إليه!
اقرأ أيضا| قولها: ألست تزعم أنك رسول الله؟.. رد واضح على شبهة الشيعة
([1]) سنن أبي داود (1/175).
([2]) الكافي (1/58) وصححه المجلسي في المرآة (1/201).
([3]) وسائل الشيعة (27/47).
([4]) صحيح مسلم (2/1086).
([5]) تهذيب الأحكام، الطوسي (7/399).
([6]) وسائل الشيعة، باب استحباب اختيار الزوجة الصالحة المطيعة الحافظة لنفسها ومال زوجها، الحر العاملي (20/40)، والكافي، الكليني (5/327).
لتحميل الملف pdf