أكاديمية حفظني القرآن شبهات وردود

الرد على شبهة الشيعة أن عائشة كانت تحدث الناس بالأمور الخاصة

من الشبهات المنسوبة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما روي من أحاديث تتعلق بشؤونها الخاصة مع النبي صلى الله عليه وسلم مما يتعلق بأمور الجماع وما أشبه، فقالوا: «كيف جاز لها أن تُحدث بهذه الأشياء، خاصة مع ورود النهي عن ذلك من النبي ؟».

قال محسن الخياط: «في الصحاح (عائشة) شيطانةٌ!

عن أسماء بنت يزيد، أنها كانت عند رسول الله  والرجال والنساء قعودٌ عنده، فقال: «لعلَّ رجُلًا يقولُ ما يَفعلُ بأهلِهِ، ولعلَّ امرأةً تُخبِرُ بِما فعَلَتْ مع زوجها»، فأَرَمَّ القومُ، فقُلتُ: إي والله يا رسول الله، إنهُن ليقُلن، وإنهم ليفعلون، قال: «فلا تفعلوا، فإنما مثلُ ذلك مثلُ الشيطان لَقِيَ شيطانةً في طريقٍ فَغَشِيَها والناس ينظرون..».

أقول: رغم نهي النبي ص عن التحدث عما يجري بين الزوج والزوجة، لاحظ عائشة وهي تُخْبِرُ وبكل صراحةٍ وجُرأةٍ عَمَّا فَعَلَتْ مع زوجها!»([1]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولًا: إذا دعت الحاجة إلى ذلك جاز.

حكاية الأمور الخاصة بين الرجل وزوجه من أجل الحاجة والمصلحة الراجحة التي لا تُدرك إلا بذلك ليس فيه عيب أو مذمة؛ إذ لا حرج في حكاية الأمور الخاصة بين الرجل وزوجه ما دامت المناسبةُ مشروعةً، وأسلوبُ الحكاية أسلوبًا راقيًا غير مشين، والهدف هو المصلحة والحاجة.

قال حسين عوايشة: «أمَّا إِذا كانت هناك حاجة أو ضرورة للتحدُّث بشيء من ذلك فلا حرج»([2]).

ومن أدلة ذلك:

1. ما رواه عروةُ عن عائشةَ : «أَن امْرَأَةَ رِفَاعَةَ القُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ق فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِن رِفَاعَةَ طَلَّقَني فَبَتَّ طَلَاقِي، وَإِني نكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَن بْن الزَّبِيرِ القُرَظِيَّ، وَإِنمَا مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ق: «لَعَلَّكِ تُرِيدِين أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ»»([3]).

والشاهد: قول المرأة عن زوجها: «إنما معه مثل هدبة الثوب» أي: فرجه كهدبة الثوب، تريد بذلك أنه لا يتمكن من جماعها، أي أن المرأة اشتكت من أمر خاص يتعلق بينها وبين زوجها، ولم ينكر النبي  عليها، وهذا دليل جواز ذلك عند الحاجة، والحاجة هنا هي دفع تلك الخصومة، أي: يجوز الحديث والإخبار عن الأشياء التي يُستَحيى منها لدفع خصومة.

ثانيًا: الحاجة هي تعلُّم أحكام الدين، فلولا ذلك ما علموا هذه الأحكام.

كانت عائشة  تُعَلِّم الناس ما جاء به الشرع من الأحكام المتعلقة بالعلاقة بين الرجل وزوجه لحاجتهم إلى ذلك، ولا حياء في تعليم الناس أحكام الدين التي يحتاجون إليها.

وإلى من يشنعون على ذلك: متى كان تعليم الناس أمرًا في أحد الأحكام الخاصة بعَلاقة الرجل بزوجته للحاجة إليه، موردًا للنفور والاستهجان إلا عند النفوس الضعيفة؟!

7 ونقول: لو لم تَحْكِ السيدة عائشة  هذه الأحكام الخاصة بعلاقة الرجل بزوجته لما عَرَفها الناس، وكيف يفعل الرجال إذا واجهوا مثل هذه الأمور، وكيف تفعل النساء إذا واجهن مثل هذه الأمور.

 ومنشأ الخطأ عند الطاعنين أنهم يتكلمون عن السيدة عائشة ل كأنها امرأة عادية، وليست امرأة نبي تحكي ما يقع معها من أمور خاصة -على سبيل الإجمال- تبليغًا للشرع ولبيان الحكم الشرعي، وليتأسى الناس بفعل النبي ق في الأمور التي ربما تحرجوا من السؤال عنها.

ثالثًا: فعلها هو امتثالٌ للأمر الإلهي.

أحاديث السيدة عائشة  في هذه الأحكام الخاصة تدل على امتثال أمهات المؤمنين لقوله تعالى: [وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ] {الأحزاب:34}، والآية الكريمة فيها حض نساء النبي ق على نشر وتعليم العلم الشرعي المتمثل في القرآن والسنة، فالذي يُتلى في بيوت زوجات النبي ق هو كتاب الله، والحكمة التي هي سنة النبي ، فهذا أمرٌ للنساء أن يشاركن الرجال
-حيث لا فتنة- في تبليغ القرآن والسنة.

رابعًا: المعصوم كان يسأل ميمونة زوج النبي ق عما يحل للرجل من زوجته.

روى الشيعة عن ميمونة ل مثل ما ينقله أهل الإسلام عن عائشة ل، فقال الصدوق: «وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله  عن الحائض ما يحل لزوجها منها؟ فقال: تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها، ثم له ما فوق الإزار... وذكر عن أبيه  أن ميمونة كانت تقول: إن النبي -صلى الله عليه وآله- كان يأمرني إذا كنت حائضًا أن أتزر بثوب ثم أضطجع معه في الفراش»([4]).

خامسًا: خديجة  كانت تخبر في كتب الرافضة كعائشة .

جاء في كتب الرافضة روايات عن خديجة وهي تذكر بالتفصيل ليلة حملها بفاطمة، وما حدث لها مع رسول الله :

قال الحلي: «... قالت خديجة: فنادى النبي صلى الله عليه وآله بعذوبة كلامه وحلاوة منطقه: افتحي يا خديجة؛ فإني محمد. قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه وآله وفتحت الباب، ودخل النبي المنزل، وكان من أخلاقه صلى الله عليه وآله إذا دخل المنزل، دعا بالإناء فتطهر للصلاة ثم يقوم فيصلى ركعتين يوجز فيهما ثم يأوي إلى فراشه، فلما كان في تلك الليلة لم يدع بالإناء، ولم يتأهب بالصلاة، غير أنه أخذ بعضدي وأقعدني على فراشه وداعبني ومازحني، وكان بيني وبينه ما يكون بين المرأة وبعلها، فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء، ما تباعد عني النبي صلى الله عليه وآله حتى حسست بثقل فاطمة في بطني»([5]).

فهل تلوم الرافضة خديجة ل لذكر هذه التفاصيل؟!

سادسًا: من باب الإلزام نقول:

7يمكن أن يقال إلزامًا للشيعة: إنه إذا كان من عيب فهو على رسول الله  -وحاشاه- لأنه يعلم ما ستفعله زوجته من نشر أموره الخاصة للأمة، ومع ذلك تزوجها وأبقاها وأقرها زوجة له.

وإقراره  سُنة يجب على الأمة الإيمان بها، فوجب بناءً على ذلك إما إقرار أم المؤمنين عائشة على كل ما نقلته، أو يرجع الطعن إلى رسول الله  كونه مَن أقرها، بل قل مثل هذا في رب العالمين -تبارك اسمه وحاشاه سبحانه من ذلك- لأنه يعلم أن نبيه سيفتضح حاله وأموره الخاصة، ومع ذلك رضي بفضيحته -عياذًا بالله- ولم يأمره أن يغير عتبة بابه، بل مدح تلك الزيجة، وشرّف أم المؤمنين عائشة بلقب أم المؤمنين، وهذا كله يرجع بالطعن على ذلك المشغّب ويسقط دينه تمامًا، والحمد لله رب العالمين.

اقرأ أيضا| الرد على شبهة رفع عائشة صوتها عند رسول الله 

([1]) الإفصاح عن المتواري من أحاديث المسانيد والسنن والصحاح، محسن الخياط (2/65).

([2]) الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، حسين العوايشة (5/202).

([3]) صحيح البخاري (7/42).

([4]) من لا يحضره الفقيه، الصدوق (1/99).

([5]) العدد القوية، علي بن يوسف الحلي (ص222).


لتحميل الملف pdf

تعليقات