شهدت إحدى الحلقات الحوارية التي يقدمها الباحث في الشأن الشيعي الدكتور رامي عيسى، نقاشًا مطولا بينه وبين متصل عراقي شيعي، تناول قضايا الخلاف العقدي والجدل التاريخي بين السنة والشيعة، خاصة ما يتعلق بمسألة الإمامة، وموقف الصحابة، ورزية الخميس، وافتراق الشيعة بعد وفاة كل إمام.
بدأت الحلقة باتصال المتصل العراقي، الذي أكد منذ اللحظة الأولى انتماءه للمذهب الشيعي، بعدما طلب منه الدكتور رامي عيسى القسم بشكل صريح بأنه “شيعي إثنا عشري”.
وبعد التأكيد، بدأ الحوار بسؤال مباشر من المضيف حول موقف المتصل من الصحابة، وهل يكفّرهم أم لا، ليجيب المتصل بأنه لا يُكفّر الصحابة جميعًا، لكنه يؤمن بأن “بعض الصحابة ارتدوا”، وفق اعتقاده.
وفي محور أساسي من الحوار، سأل الدكتور رامي ضيفه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهل يراه مرتدًا في معتقده، فأجاب المتصل: "نعم"، مستندًا – بحسب قوله – إلى قول عمر “حسبنا كتاب الله”، معتبراً أن ذلك منع وصية – يقول الشيعة إنها – “تعصم الأمة من الضلال”.
وردّ الدكتور رامي عيسى على هذا الطرح قائلاً إن اعتراف المتصل بأن الأمة لا تُعصم إلا بوصية مكتوبة من النبي، يعني – بحسب عبارته – أن الإمامة لا تعصم من الضلال، لأنه وفق الرواية الشيعية لم يبايع أحدٌ علياً بعد وفاة النبي، وأن القول بعدم تحقق البيعة ينسف مفهوم العصمة السياسية والدينية التي يطرحها المذهب الشيعي.
وانتقل الحوار بعد ذلك إلى مسألة بيعة الغدير، حيث أكد المتصل أن الصحابة – وفق الرواية الشيعية – بايعوا علياً يوم غدير خم، قائلين: “هنيئاً لك يا علي أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة”. إلا أن الدكتور رامي ردّ بأن الرواية “ضعيفة الإسناد” وأن العلماء تكلّموا في صحتها، وأضاف: “ولو كانت البيعة تمت، فلماذا كان النبي بحاجة – كما تدّعون – إلى كتابة وصية جديدة؟”.
وفي سياق الحديث عن رزية الخميس، أوضح المضيف أن عليًّا نفسه قال في نهج البلاغة: «وكفى بالكتاب حجيجاً وخصيمًا» متسائلًا: “فإذا كان قول عمر (حسبنا كتاب الله) ردة، فهل يصبح عليٌّ نفسه كذلك عندكم؟”.
وتوسّع النقاش عندما أشار المتصل إلى أن النبي – حسب كتب الشيعة – طرد بعض الصحابة أثناء الحادثة، وأبقى عليًا وأبا ذر وسلمان وعمارًا، وأخبرهم – وفق الرواية الشيعية – بأسماء الأئمة الاثني عشر من ذرية الحسين.
وهنا سأله الدكتور رامي: “إذا كان أبو ذر وعمار يؤمنان بالإثني عشر، فلماذا اختلف الشيعة بعد وفاة كل إمام؟ ولماذا ظهرت فرق: الإسماعيلية، الفطحية، الواقفة، الإثنا عشرية؟ ولماذا لم يعرف الشيعة اسم الإمام التالي رغم وجود نص كما تزعمون؟”.
المتصل أجاب بأن افتراق الشيعة سببه “وجود المنافقين” و“اختبار الله للناس”، كما شبّه ذلك بقصص الأنبياء وقوم موسى، وأضاف أن بعض المقربين من الأئمة – مثل علي بن حمزة البطائني – شاركوا في تضليل الناس بعد وفاة الإمام موسى الكاظم، ما أدى لظهور “الواقفة”.
لكن الدكتور رامي رفض هذه التبريرات، معتبرًا أن الجهل بأسماء الأئمة بعد وفاة كل إمام، رغم ادعاء وجود نص، دليل على بطلان فكرة التنصيص الإلهي، مضيفًا: “لو كان النبي ذكر أسماء الأئمة كما تقول، لما استطاعت فرقة أن تخدع الناس، تمامًا كما لا يستطيع أحد تغيير عدد ركعات الصلاة”.
وسأل المضيف سؤالًا مباشرًا: “ما فائدة الأئمة إذن؟ وما الذي قدّموه للأمة؟”، فرد المتصل بأن الأئمة “ينتظرون حركة الناس”، وضرب أمثلة بقصة الإمام علي واشتراط وجود أربعين ناصرًا، وهو ما رد عليه الدكتور رامي ساخرًا بقوله: “يمكن ما لقوش حلاق يحلق لهم رؤوسهم”.
وتطرق الحديث أيضًا إلى ضياع الأمة الشيعية، وعندما سأله الدكتور رامي: “هل الأمة الشيعية اليوم ضائعة؟”، أجاب المتصل: “نعم، هناك فرق منحرفة”.
فاستنتج عيسى أن ذلك اعتراف بأن “الإمام الغائب لم يحقق الهداية المزعومة، وأن الأمة الشيعية نفسها تاهت رغم وجود الإمام المعصوم”.
واستمر النقاش في استعراض أمثلة مختلفة من كتب الشيعة عن الاختلافات والفرق، وعن الأموال والخمس، وعن النفوذ الذي كان لبعض الشخصيات الشيعية التاريخية، وصولاً إلى الحديث عن مفهوم النص والتعيين الإلهي، وأثره في الخلافات المذهبية اللاحقة.
وفي ختام الحوار، ووسط استمرار الجدل، بقي الدكتور رامي عيسى مصرًّا على أن تعدد الفرق الشيعية بعد وفاة كل إمام هو أعظم دليل على عدم وجود نص نبوي مُحكم بأسماء الأئمة الاثني عشر.
لتحميل الملف pdf