أكاديمية حفظني القرآن شبهات وردود

حديث أكْلِ عمر  مع عائشة ومسِّ يدها بيده.. رد واضح على شبهة الشيعة

واستدلوا برواية عنها في الأدب المفرد، وفيها: «كُنتُ آكُلُ مَعَ النبِيِّ ق حَيسًا، فَمَرَّ عُمَرُ، فَدَعَاهُ فَأَكَلَ، فَأَصَابَتْ يَدُهُ إِصْبَعِي، فَقَالَ: حَسَّ! لَوْ أُطَاعُ فِيكُن مَا رَأَتْكُن عَين، فنزل الحجاب»([1]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولًا: إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال.

هذه الرواية مختلف في صحتها وضعفها، والمختلف فيه لا يجوز الاحتجاج به.

قال الحافظ : «وروى ابن جرير في تفسيره من طريق مجاهد قال: بينا النبي ق يأكل ومعه بعض أصحابه وعائشة تأكل معهم؛ إذ أصابت يد رجل منهم يدها، فكره النبي ق ذلك فنزلت آية الحجاب»([2]).

وهذا الأثر الذي أخرجه ابن جرير في تفسير قوله تعالى: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا] {الأحزاب:53}.

فيه هشيم وهو مدلس، وليث هو ابن أبي سليم ضعيف مضطرب الحديث واختلط، فالخبر مع إرساله ضعيف.

وقد جاء هذا الحديث من طريق مجاهد عن عائشة، وبسياق أتم من السياق الذي ذكره، وفيه بيان الرجل الذي أصابت يدُه يدَ عائشة رضى الله عنها، فكان ذكره هو المتعين لا هذا المرسل الضعيف، وهو ما رواه النسائي في سننه الكبرى عن موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن عائشة قالت: «كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حَيْسًا في قَعْبٍ، فمر عمر ا فدعاه فأكل فأصابت أصبعه أصبعي، فقال: حَسّ، أو: أُوهْ، لو أُطاع فيكن ما رأتكن عَيْن، فنزل الحجاب»([3])([4]).

رواته أئمة مشهورون غير موسى بن أبي كثير وهو الأنصاري، وبالنظر في ترجمته من «التهذيب» يتبين أنه لا بأس به، قال الحافظ في «التقريب»: «صدوق رُمِي بالإرجاء لم يصب من ضعفه»([5]).

إلا أن الدارقطني رجح الرواية المرسلة على المتصلة كما في «العلل»: «وسئل عن حديث مجاهد، عن عائشة قالت: كنت آكل مع النبي ق فأكل مَعَنا عمر، فأصابت إصبعه إصبعي، فقال: حَس، والله لو أطاع فيكن ما رأتكن عين، فنزلت آية الحجاب».

فقال: «يرويه مسعر، واختلف عنه؛ فرواه ابن عيينة، عن مسعر، عن أبي الصباح: موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن عائشة، وغيره يرويه عن مسعر، عن أبي الصباح، عن مجاهد مرسلًا، والصواب المرسل»([6]).

والرواية المرسلة التي أشار إليها الدارقطني؛ أخرجها ابن أبي شيبة في «المصنف»([7])، وصورة الإرسال فيها أن مجاهدًا لم يدرك القصة؛ لأنه لم يدرك مرور عمر برسول الله ، ولا أسند حكايتها إلى عائشة ، فكان نقله لذلك مرسلًا.

ورجح ضعف هذا الخبر الدكتور عبد المجيد الشيخ في كتابه «الروايات التفسيرية في فتح الباري»([8]).

ثانيًا: ما كان من دون قصد فهو خطأ، والخطأ مرفوع عن هذه الأمة.

لو سلَّمنا جدلًا بأن الرواية صحيحة، فإن ما حدث من لَمْسٍ كان دون قصد؛ ولذلك قال عمر كلمة تَوَجُّع: «حس»، وهذا يدل أن الأمر وقع دون قصد، والخطأ مرفوع عن هذه الأمة كما هو معلوم.

وهذا كله كان قبل نزول الحجاب، بل كان هذا من ضمن أسباب نزول الحجاب، فكيف يعترض الشيعة على أمر منسوخ شرعًا؟!

هذا كمثل من يعيب رجلًا أسلم بأنه كان في يوم من الأيام كافرًا! ومعلوم أن الإسلام يَجُبُّ ما قبله، والناسخ يجُبُّ المنسوخ، فإذا كان ذلك قبل نزول الحجاب فلا يوجد ما يحرم ذلك، ولا عيب فيه على القول بصحة الرواية.

ثالثًا: جاء عند الرافضة ما هو أعظم وأطَمّ.

روت الرافضة -كُفْرًا وزورًا- أن النبي ق كان ينام بين علي وعائشة -حاشاها- في لحَاف واحد!

ففي كتاب سليم بن قيس الهلالي قال: «سألت المقداد عن علي  قال: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك قبل أن يأمر نساءه بالحجاب، وهو يخدم رسول الله  ليس له خادم غيره، وكان لرسول الله  لحاف ليس له لحاف غيره، ومعه عائشة، فكان رسول الله  ينام بين علي وعائشة ليس عليهم لحاف غيره، فإذا قام رسول الله ق من الليل يصلي حطَّ بيده اللحاف من وسطه بينه وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتهم، ويقوم رسول الله  فيصلي»([9]).

وقد ورد في كتب الإمامية: أن الرجل إذا وُجد مع امرأة في لحاف واحد فإنهما يجلدان، قال المجلسي: «وفي الصحيح عن صفوان عن عبد الرحمن الحذاء قال: سمعت أبا عبد الله  يقول: إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد جُلِدَا مائة جلدة»([10]).

فلماذا لم تقل الشيعة: إن الإمام المعصوم مستحق لحد الجلد؟!

بل ووصل طعن الشيعة في النبي صلى الله عليه وسلم وفي عليٍّ وفي أم المؤمنين عائشة أن ذكروا أن النبي  أَمَرَ عليًّا أن يجلس في حجر أم المؤمنين، وردت بكلام لا يليق!

ففي كتاب سليم بن قيس أيضًا: «دخل علي بن أبي طالب  على رسول الله ق وعائشة قاعدة خلفه وعليها كساء، والبيت غاص بأهله، فيهم الخمسة أصحاب الكتاب، والخمسة أصحاب الشورى، فلم يجد مكانًا فأشار إليه رسول الله : (ها هنا)، يعني خلفه، فجاء علِي  فقعد بين رسول الله  وبين عائشة، وأقعى كما يقعي الأعرابي، فدفعته عائشة وغضبت، وقالت: أما وجدت لِاسْتِكَ موضعًا غير حجري؟ فغضب رسول الله  وقال: مَهْ يا حُميراء، لا تؤذيني في أخي علي»([11]).

فهل هذه الروايات تليق بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بعلي رضي الله عنه، أو ببيت النبوة؟! قبَّحَ الله الرافضة.

اقرأ أيضا| عائشة تسمع الغناء، وتزعم أنه صلى الله عليه وسلم يسمعه.. رد تفصيلي على شبهة الشيعة

([1]) الأدب المفرد (1053/591).

([2]) فتح الباري (1/249).

([3]) النسائي في سننه الكبرى (11419).

([4]) الحَيْسُ، تَمْرٌ يُخلَطُ بسَمن وأقِطٍ فيُعجَن، تاج العروس (15/568). القَعْبُ: القَدَحُ الضَّخْمُ، تاج العروس (4/63).

([5]) تقريب التهذيب (7004).

([6]) العلل، الدارقطني (14/338).

([7]) المصنف، ابن أبي شيبة (32680) قال: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا مسعر، عن موسى بن أبي كثير، عن مجاهد قال: «مر عمر برسول الله ق وهو وعائشة يأكلان حَيْسًا، فدعاه فوضع يده مع أيديهما، فأصابت يده يد عائشة، فقال: أُوهْ، لو أُطَاع في هذه وصواحبها ما رأتهن أعين، وذلك قبل آية الحجاب، قال: فنزلت آية الحجاب».

([8]) الروايات التفسيرية في فتح الباري (2/943).

([9]) كتاب سليم بن قيس الهلالي (1/343).

([10]) روضة المتقين، محمد تقي المجلسي (10/9).

([11]) كتاب سليم بن قيس، تحقيق محمد باقر الأنصاري (ص287).


لتحميل الملف pdf

تعليقات