أكاديمية حفظني القرآن شبهات وردود

وضع عائشة رجليها في قِبلة النبي .. رد واضح على شبهة الشعية

قال محمد صادق النجمي: «إن هذا الفعل يدل على إساءتها الأدب تجاه النبي صلى الله عليه وسلم وعدم إكرامها وإجلالها للصلاة والعبادة، ومن ناحية أخرى ترى أن هذا العمل هو تنزل وتحجيم لمقام النبوة والرسالة؛ لأن المؤمن والملتزم يأنف أن يمزح ويتفَكَّه وهو في الصلاة التي هي معراج المؤمن ومقام الابتهال إلى الله، ويغمز زوجته وهو في حال السجود، فكيف بخاتم الأنبياء ؟»([1]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولًا: الانفصال الرافضي عن الواقع.

لقد كان بيت عائشة رضي الله عنها عبارة عن حجرة! ومعلوم أنها كانت ضيقة صغيرة، وكذلك فإن البيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح.

قال عبد العزيز الراجحي: «أي: لم يكن في البيوت نور، والحجرة صغيرة، ولو كانت كبيرة لنامت في مكان بعيد عن رسول الله»([2]).

قال الكِرْمَاني: «أرادت عائشة به الاعتذار، أي لو كانت المصابيح لقبضت رجلي عند إرادته السجود، ولما أحوجته إلى غمزي»([3]).

وقال العيني: «وَهَذَا اعتذار من عَائِشَة -رَضِي الله تعالى عَنهَا- عَن نومها على هَذِه الْهَيْئَة، وَالْمعْنى: لَو كَانتِ المصابيحُ لقبضت رجْلي عِند إِرَادَته السُّجُودَ، وَلما أحوجته إِلَى غمزي»([4]).

ثانيًا: سكوت النبي عن فعلها دلالة على جوازه.

لو كان فعلها  مخالفًا للشريعة، أو فيه انتقاص من شعيرة الصلاة، أو إساءة للنبيِّ لأنكر ذلك عليها، فالنبيُّ  لا يقر باطلًا حاشاه، لاسيما إذا كان الخطأ يتعلق بالصلاة، وقد أنكر على معاوية بن الحكم السلمي  لمَّا تكلم في الصلاة.

فقد روى الإمام مسلم بسنده عن مُعَاوِيَةَ بْن الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ؛ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِن الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَاني الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنكُمْ؟ تَنظُرُون إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُون بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونني لَكِني سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ،  فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَن تَعْلِيمًا مِنهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَني وَلَا ضَرَبَني وَلَا شَتَمَني، قَالَ: «إِن هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِن كَلَامِ الناسِ، إِنمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآن»([5]).

ثالثًا: حديث عائشة  أفتى به أئمتهم.

فهذا الحديث رواه علماء الرافضة في مصادرهم الحديثية المعتبرة، وذهب إلى مدلوله كثيرٌ منهم، ورأوا جواز صلاة الرجل على هذه الحال.

- قال يوسف البحراني: ما رواه الصدوق في الصحيح عن جميل عن أبي عبد الله  قال: «لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلي؛ فإن النبي -صلى الله عليه وآله- كان يصلي وعائشة مضطجعة بين يديه وهي حائض، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتى يسجد»([6]).

قال الصدوق: «روى جميل عن أبي عبد الله أنه قال: لا بأس أن تُصلي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلي؛ فإن النبي -صلى الله عليه وآله- كان يصلي وعائشة مضطجعة بين يديه وهي حائض، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتى يسجد»([7]).

فهذا جعفر الصادق ينقل الواقعة، بل ويستدل بها على جواز هذا الفعل، فإذا كان الأمر غير مشروع، أو فيه إهانة للصلاة أو للنبيّ ق فكيف جاز للصادق أن يستدل به على الجواز؟

والحديث صححه جملة من أعلامهم:

ويقول محمد السّند: «وصحيح جميل عن أبي عبد الله أنه قال: لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلي، فإن النبي -صلى الله عليه وآله- كان يصلي وعائشة مضطجعة بين يديه وهي حائض، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتى يسجد.

واستشهاده ردًّا على حكم جملةٍ منهم بالبطلان لو كانت المرأة بحذاء الرجل ولو لم تصل، ويظهر من الروايات أن القول بالبطلان كان قول جلِّهم، إلَّا أن الصادق  لما احتج عليهم بذلك رجع عن القول المزبور أبو حنيفة وبعضهم، وبقي البعض منهم عليه»([8]).

فالصادق نقل الحديث عن جدّه ، بل وأفتى بِناءً عليه بجواز صلاة الرجل والمرأة معترضة بين يديه وهي حائض.

رابعًا: إذا كان فعلُ عائشة مُستَنكَرًا، فكيف بضم الجواري في الصلاة؟!

إذا كان هذا الأمر مستنكرًا عند هؤلاء، ورأوا فيه عدم احترام لشعيرة الصلاة، فكيف يصنعون بما ورد في كتبهم من جواز ضم الجارية في الصلاة؟! أهذا الأمر يتوافق مع خشوع الصلاة والوقوف بين يدي رب العالمين؟!

فقد روى الحر العاملي تحت باب: «عدم بطلان الصلاة بضم المرأة المحللة ورؤية وجهها، وعدم جواز نظر المرأة الأجنبية في الصلاة» عن مسمع قال: «سألت أبا الحسن  فقلت: أكون أصلي فتمر بي الجارية فربما ضممتها إليَّ. قال: لا بأس»([9]).

فأيهما أخف وطأةً عند هؤلاء القوم، مَدُّ زوج النبي رجليها في قبلة صلاته لضيق الحجرة، وعدم اتساعها للمصلي والنائم، أم احتضان الجارية في الصلاة مع عدم الحاجة؟!

فإذا أضفت إلى ذلك إقرارَ النبي  وعدم اعتراضه على فعل زوجته ل لاستبان الأمر، ولكنها لا تعمى الأبصار! 

اقرأ أيضا| وضوء عائشة أمام سالم سَبَلان.. إليك الرد المفصل على شبهة الشيعة

([1]) أضواء على الصحيحين، محمد صادق النجمي (ص303).

([2]) شرح سنن النسائي، عبد العزيز الراجحي (9/24).

([3]) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري، الكرماني (4/47).

([4]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، العيني (4/114).

([5]) صحيح مسلم (1/381).

([6]) الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني (7/178).

([7]) من لا يحضره الفقيه، الصدوق (1/247).

([8]) سند العروة الوثقى - كتاب الصلاة، محمد السند (ص589).

وقال الحلي: «قال أبو الصلاح: يكره إلى السلاح المتواري، ومقابلة وجه الإنسان والمرأة نائمة أشد كراهية، والأقرب عندي لا يكره إلى المرأة النائمة، وهو قول بعض الجمهور، وقال آخرون منهم بالكراهية. لنا: ما رواه الجمهور عن عائشة: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله- يصلي في الليل وعائشة معرضة بين يديه كاعتراض الجنازة، والنبي -صلى الله عليه وآله- لا يفعل مكروهًا مع إمكان التحرز منه، ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن جميل، عن أبي عبد الله  أنه قال: لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلي؛ فإن النبي -صلى الله عليه وآله - كان يصلى وعائشة مضطجعه بين يديه وهي حائض، فكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتى يسجد». منتهى المطلب، الحلي (1/249) ط القديمة.

وقال محمد هادي المازندراني: «ولو صلَّى أحدهما مع كون الآخر بحيالِه قائمًا أو قاعدًا أو مستلقيًا أو مضطجعًا فلا كراهة عندنا وعند أكثر العامّة، إلَّا إذا كان ذلك الآخر مواجهًا على ما اشتهر، لمرسلة ابن رباط، ومثلها ما رواه الصدوق من أن النبيَّ -صلى الله عليه وآله- كان يصلي وعائشة مضطجعة بين يديه وهي حائض، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها حتَّى يسجد». شرح فروع الكافي، محمد هادي المازندراني (2/491).

([9]) وسائل الشيعة، الحر العاملي (4/1273).


لتحميل الملف pdf

تعليقات