أخرج الحاكم والطبراني عَن عَمْرِو بْن مُرَّةَ، عَن خَيْثَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن قَالَ: «كُنا عِندَ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ بَعْضُنا: حَدِّثْنا يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا سَمِعْتَ مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَوْ فَعَلْتُ لَرَجَمْتُمُونِي، قَالَ: قُلْنا: سُبْحَان اللهِ! أَنحْن نفْعَلُ ذَلِكَ؟! قَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ حَدَّثْتُكُمْ أَن بَعْضَ أُمَّهَاتِكُمْ تَأْتِيكُمْ فِي كَتِيبَةٍ كَثِيرٍ عَدَدُهَا، شَدِيدٍ بَأْسُهَا صَدَّقْتُمْ بِهِ؟ قَالُوا: سُبْحَان اللهِ! وَمَن يُصَدِّقُ بِهَذَا؟! ثُمَّ قَالَ حُذَيْفَةُ: أَتَتْكُمُ الْحُمَيْرَاءُ فِي كَتِيبَةٍ يَسُوقُهَا أَعْلَاجُهَا؛ حَيْثُ تَسُوءُ وُجُوهَكُمْ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ مَخْدَعًا»([1]).
قال محمد الخرسان: «وهذا الحديث يؤكد مذهب أصحابنا في فسق أصحاب الجمل، إلَّا من ثبتت توبته منهم، وهم الثلاثة»([2]).
وقال ياسر الحبيب: «إن حذيفة بن اليمان -رضوان الله تعالى عليه- (الذي هو صاحب سر رسول الله) يصرح بأن عائشة ستخرج في كتيبة سوء»([3]).
الرد التفصيلي على الشبهة:
أولًا: فساد الدليل إسنادًا
رواية المستدرك:
إسنادها منقطع بين خيثمة بن عبد الرحمن وحذيفة؛ فإن كلَّ من ترجم لخيثمة بن عبد الرحمن لم يذكر في شيوخه حذيفة، بل المعلوم عند أهل العلم أن خيثمة يروي عن حذيفة بن اليمان بواسطة، كما في (صحيح مسلم) قال: «حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ بْن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَن الْأَعْمَشِ، عَن خَيْثَمَةَ، عَن أَبِي حُذَيْفَةَ، عَن حُذَيْفَةَ قَالَ: ...« وساق الحديث([4]).
فهذا من القرائن الدالة على عدم سماع خيثمة من حذيفة([5])، بل ومن الدلائل كذلك على عدم سماع خيثمة لهذا الحديث من حذيفة بن اليمان: أنه قد رواه عنه بواسطة فيما ساقه الرقي في جزئه فقال: «حَدَّثَنا هِلالُ بْن الْعَلاءِ، ثنا أَبِي، وَعَبْدُ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، قَالا: ثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَن زَيْدِ بْن أَبِي أُنيْسَةَ، عَن عَمْرِو بْن مُرَّةَ، عَن خَيْثَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَن فُلْفُلَةَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: كُنا عِندَ حُذَيْفَةَ...»([6]).
فلاحظ أن إسناد المستدرك، هو نفسه إسناد جزء الرقي من أول هلال بن العلاء، ولكن الفارق أن هلال بن العلاء رواه عن أبيه، وعن عبيد الله بن جعفر.
وهلال بن العلاء يروي عن أبيهِ أشياء مناكير، ولا يُدرى الطامة فيها منه أم من أبيه([7])، وعلى كلٍّ فالمقصود أن الإسناد نفسه جاءت فيه الواسطة بين خيثمة بن عبد الرحمن وحذيفة.
ومعلوم أن خيثمة يروي عن فُلْفُلَةَ كما قال الحافظ الْمِزّي: «فلفلة بن عَبد اللهِ الجعفي الكوفي رَوَى عَن حذيفة بْن اليمان، والحسن بْن علي بْن أَبي طالب، وعبد الله بْن مسعود، رَوَى عَنه خيثمة بْن عَبْدِ الرَّحْمَن الجعفي»([8]).
وهذه من الأدلة القاطعة على أن رواية الحاكم منقطعة، وبمثل هذا لا تقوم حجة.
رواية الطبراني:
قال الطبري: «حَدَّثَنا أَحْمَدُ قَالَ: نا عُبَيْدُ اللهِ، عَن زَيْدِ بْن أَبِي أُنيْسَةَ، عَن عَمْرِو بْن مُرَّةَ، عَن فُلْفُلَةَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: كُنا عِندَ حُذَيْفَةَ...» الخبر([9]).
وهذه الرواية معلولة بـ«فلفلة بن عبد الله الجعفي الكوفي»، وقد قال الحافظ عنه: «مقبول من الثانية»([10])، وهذه المرتبة حديثها ضعيفٌ عند جمهور أهل العلم، فحكم حديث الراوي المقبول هو الضعف؛ لأنه يمثل حكم حديث الراوي المجهول والجمهور على رده وتضعيفه([11]).
ثانيًا: فساد الدليل متنًا
الرواية معلولة متنًا من وجوه:
الوجه الأول: موت حذيفة قبل وقوع هذه الحادثة.
جاء في لفظ الخبر قول حذيفة: «أَتَتْكُمُ الْحُمَيْرَاءُ فِي كَتِيبَةٍ يَسُوقُهَا أَعْلَاجُهَا...» وحذيفة مات قبل مسير أم المؤمنين عائشة .
قال ابن عبد البر: «ومات حذيفة سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان في أول خلافة علي، وقيل: توفي سنة خمس وثلاثين، والأول أصح، وكان موته بعد أن أتى نعي عثمان إلى الكوفة ولم يدرك الجمل»([12]).
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الشيعي: «وحذيفة أجمع أهل السيرة على أنه مات في الأيام الَّتي قتل عثمان فيها، أتاه نعيه وهو مريض فمات وعليٌّ لم يتكامل بيعة الناس، ولم يدرك الجمل»([13]).
فكيف يقول حذيفة: «أتتكم فلانة...» وهي لم تخرج بعد؟! وكان الأولى أن يقول: «تأتيكم أو ستأتيكم»، أما أن يعبر بما يشعر بكونها خرجت فعلًا فهذا ما لا يُقبل.
الوجه الثاني: كلمة «الحميراء»
قال الدكتور محمود ميرة في كتابه «الحاكم وكتابه المستدرك» تعليقًا على الرواية: «جاءت (الحميراء) في المطبوعة فقط، واغترت دار التأصيل فأخذت بها، وخالفت ما في جميع المخطوطات وفي الدرعية: «الحمراء» ودار الكتب المصرية، والمغربية، والمراوعة، والهندية، والناصرية، وعندما أورده السيوطي في (الخصائص الكبرى): «أتتكم الحمراء في...»، وكذلك الصالحي في (سبل الهدى والرشاد): «أتتكم الحمراء»([14]).
قلت: فإذا كان اللفظ الصحيح «أتتكم الحمراء»، فإن المقصود إنما هم الروم، وقد احتج الرافضي صاحب الشبهة([15]) برواية فيها قول أصحاب علي له: «غلبتنا عليك هذه الحمراء»([16]) وقد استشهد المجلسي بقول ابن الأثير في الحمراء أنهم العجم والروم فقال: «وقال ابن الأثير في مادة «حمر» من كتاب النهاية: في حديث علي ا قيل له: غلبتنا عليك هذه الحمراء، يعنون: العجم والروم، والعرب تسمي الموالي: الحمراء».
ثالثًا: لو سلمنا بالصحة وأن المقصود أم المؤمنين جدلًا، فلا قادح في الخبر
فلو تنزلنا وقلنا: الرواية مقصود بها مسير أم المؤمنين عائشة ، فليس فيها طعن البتة؛ إذ إنه إخبار عن فتنة وحرب ستقع، وسيكون اسم أم المؤمنين عائشة على رأس تلك الحرب التي ما قصدتها قط، والكل متفق على أن الحرب وقعت، وهذا غاية ما في هذا الحديث.
أما لفظة: «حيث تسوء وجوهكم» ففي جميع النسخ المخطوطة للمستدرك (تسوق) إلا الدرعيةَ فقط، كتب فوق القاف من تسوق (ء) في صلب النص، وهذا السوق للناس لا مطعن فيه، بل فيه الطاعة الكاملة من المؤمنين لأمهم أم المؤمنين.
ولو قلنا بصحة لفظ «تسوء وجوهكم» لما كان فيه طعن أيضًا، قال في (المحيط في اللغة): «وساءَ الشيْءُ: إذا قَبُحَ. والسُوءُ: الاسْمُ الجامِعُ للآفاتِ والداءِ...»([17]).
ومعلوم أن الحرب تسوء وجه كل غيور على دينه وعلى المسلمين، وليس فيه وصف لفريق أم المؤمنين بأنها كتيبة سوء كما زعم الخبيث، بل هو وصف لما يكون من السوء بسبب وقوع الحرب والفتنة بين طائفتين عظيمتين من المسلمين، وعليه فليس في ذلك أي طعن في أم المؤمنين عائشة ل.
وأما كلمة: «أعْلاجها» فقد أجاب عنها الشيخ البغدادي في (الجواهر البغدادية)([18]) وأنا أسوقه هنا بتصرف: «هناك ألفاظ لها معان مشتركة، فيجب تحديد المعنى على حسب السياق والقرينة، وجمع الأدلة الواردة في المسألة، وسوف أضرب مثالًا على ذلك من القرآن الكريم؛ لأبين من خلاله وجوب الانقياد لذلك، قال الله تعالى في القرآن الكريم عن الكليم موسى : [قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ] {الشعراء:20} ومن المعلوم أن الضلال لفظ مشترك بين عدة معان، وأحد معانيه طريق الكفار المخالف لطريق الأنبياء وهو الهدى، ولهذا قال تعالى: [ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ] {الفاتحة:6، 7}.
فمن حمل اللفظ الوارد عن الكليم موسى على هذا المعنى، وأطلق لفظ الضلال على موسى فقد كفر وهلك، فإذا ما تبين لك ذلك فلا بد من الرجوع إلى سياق كلام حذيفة ؛ حيث يدل -وبكل وضوح- على أن المراد بكلامه هذا هو القوة، والشدة، والغلظة فيمن كان مع أم المؤمنين في معركة الجمل؛ حيث قال: «تَسُوءُ وُجُوهَكُمْ»، وسوف أبَين معنى كلمة العلج في اللغة، واستخدام عليّ لها من غير تكفير للمسمى، أو الموصوف لها.
يستشكل الرافضة في هذا الأثر على كلمة (أعلاجها)، وإشكالهم هذا باطل؛ حيث إن لفظ «العِلْج» لفظ مشترك يحتمل عدة معان، ويطلق على المسلم، والكافر، وذلك لأن معناه القوة، والشدة، والغلظة.
قال ابن منظور: «(علج) العِلْج: الرجل الشديد الغليظ، وقيل: هو كلُّ ذي لِحْيةٍ، والجمع: أَعْلاج وعُلُوج، ومَعْلُوجَى مقصور ومَعْلُوجاء ممدود اسم للجمع يُجري مَجْرَى الصفة عند سيبويه، واسْتَعْلَج الرجل خرجت لحيته وغَلُظ واشتدَّ وعَبُل بدنه، وإِذا خرج وجهُ الغلام. قيل: قد اسْتَعْلَج واسْتَعْلَج جلد فلان أَي غلُظ، والعِلْج: الرجل من كفَّار العجم، والجمع: كالجمع، والأُنثى: عِلْجة، وزاد الجوهري في جمعه: عِلَجة والعِلْج الكافر ويقال للرجل القويِّ الضخم من الكفار: عِلْج...»([19]).
فالوصف الجامع لهذا اللفظ على المسلم، والكافر هو الشدة، والغلظة، والقوة، وهذا اللفظ لا يدل على تكفير من أُطلق عليه، إلا إذا عرفنا عقيدته، فمجرد لفظ العلج لا يدل على التكفير، وقد أطلق عليٌّ ا هذا اللفظ على اثنين من أصحابه.
ففي مسند الإمام أحمد عَن عَبْدِ اللهِ بْن سَلَمَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ ابْن أَبِي طَالِبٍ أَنا وَرَجُلان: رَجُلٌ مِن قَوْمِي، وَرَجُلٌ مِن بَني أَسَدٍ -أَحْسَبُ- فَبَعَثَهُمَا وَجْهًا، وَقَالَ: أَمَا إِنكُمَا عِلْجَان، فَعَالِجَا عَن دِينكُمَا، ثُمَّ دَخَلَ الْمَخْرَجَ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَأَخَذَ حَفْنةً مِن مَاءٍ فَتَمَسَّحَ بِهَا، ثُمَّ جَعَلَ يَقْرَأُ الْقُرْآن، قَالَ: فَكَأَنهُ رَآنا أَنكَرْنا ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: كَان رَسُولُ اللهِ ق يَقْضِي حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَقْرَأُ الْقُرْآن، وَيَأْكُلُ مَعَنا اللَّحْمَ، وَلَمْ يَكُن يَحْجُبُهُ عَن الْقُرْآن شَيْءٌ، لَيْسَ الْجَنابَةَ»([20]).
فهذا عليٌّ ا يطلق كلمة العلج على اثنين من المسلمين، والمعنى واضح من السياق أنه أراد منهما الحرص.
قال العلامة الأزهري: «وفي حديث عليٍّ أنه بعث رجلين، وقال لهما: «إنكما عِلجان فعالجا»، العِلج: الرجل القوي الضَّخم، وقد استعلجَ الغلامُ، إذا خرج وجههُ وعَبُل بدنه، وقوله: «فعالجا»، أي: حارسَا العَمل الذي ندبتكما له وزاولاه»([21]).
وقال ابن منظور في (اللسان): «وفي حديث عليّ ا أنه بعَث رجُلَين في وجه وقال: «إِنكما عِلْجان فعالِجا عن دينكُما»، العِلْج: الرَّجُل القويُّ الضخم، وعالجا أَي: مارِسَا العمَل الذي ندَبْتُكما إِليه واعْمَلا به وزاوِلاه»([22]).
رابعًا: الأثر ليس به طعن في أم المؤمنين:
أثر حذيفة قد أثبت فيه أمومة عائشة لعموم المؤمنين، ومع هذا الإخبار المنقول عنه فإن الثابت عند الأمة أن أهل الجَمَلِ مؤمنون، وقد ثبت ذلك بالتواتر عن علي بن أبي طالب .
قال الإمام البيهقي: «عن عبد خير قال: سئل عليٌّ عن أهل الجمل، فقال: إخواننا بغَوْا علينا، فقاتلناهم وقد فاءوا، وقد قبلنا منهم»([23]).
وفي «المصنف» عْن شَقِيقِ بْن سَلَمَةَ: «أَن عَلِيًّا لَمْ يَسْبِ يَوْمَ الْجَمَلِ وَلَمْ يَقْتُلْ جَرِيحًا» وعَن عَبْدِ خَيْرٍ: «أَن عَلِيًّا لَمْ يَسْبِ يَوْمَ الْجَمَلِ وَلَمْ يُخَمِّسْ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنين، أَلَا تُخَمِّسُ أَمْوَالَهُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ: هَذِهِ عَائِشَةُ تَسْتَأْمِرُهَا، قَالَ: قَالُوا: مَا هُوَ إِلَّا هَذَا، مَا هُوَ إِلَّا هَذَا»([24]).
وفي «المستدرك» عَن أَبِي حَبِيبَةَ مَوْلَى طَلْحَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ مَعَ عُمَرَ بْن طَلْحَةَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِن أَصْحَابِ الْجَمَلِ، قَالَ: فَرَحَّبَ بِهِ وَأَدْناهُ، قَالَ: إِني لَأَرْجُو أَن يَجْعَلَني اللهُ وَأَبَاكَ مِن الَّذِين قَالَ اللهُ: [وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ] {الحجر:47} فَقَالَ: يَا بْن أَخِي، كَيْفَ فُلَانةُ؟ كَيْفَ فُلَانةُ؟ قَالَ: وَسَأَلَهُ عَن أُمَّهَاتِ أَوْلَادِ أَبِيهِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: لَمْ نقْبِضْ أَرَاضِيَكُمْ هَذِهِ السَّنةَ إِلَّا مَخَافَةَ أَن يَنتَهِبَهَا الناسُ، يَا فُلَان، انطَلِقْ مَعَهُ إِلَى بَني قُرَيْظَةَ، فَمُرْهُ فَلْيُعْطِهِ غَلَّتَهُ هَذِهِ السَّنةَ، وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ أَرْضَهُ، فَقَالَ رَجُلَان جَالِسَان إِلَى ناحِيَةٍ، أَحَدُهُمَا الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ: اللهُ أَعْدَلُ مِن ذَلِكَ أَن نقْتُلَهُمْ وَيَكُونوا إِخْوَاننا فِي الْجَنةِ، قَالَ: قَوْمًا أَبْعَدُ أَرْضِ اللهِ وَأَسْحَقُهَا، فَمَن هُوَ إِذا لَمْ أَكُن أَنا وَطَلْحَةُ؟ يَا بْن أَخِي، إِذَا كَانتْ لَكَ حَاجَةٌ فَأْتِنا».
قال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»([25]).
ونقل ابن أبي شيبة قول أبي جعفر الباقر في إيمان أهل الجمل، فساق بسنده عَن ثَابِتِ بْن عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ: «لَمْ يَكْفُرْ أَهْلُ الْجَمَلِ»([26]).
وفي كتب الرافضة، بإسناد معتبر ذكره الحميري في قرب الإسناد عن جعفر، عن أبيه: «أن عليًّا لم يكن ينسب أحدًا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول: هم إخواننا بغَوْا علينا»([27]).
وفيه أيضًا: جعفر، عن أبيه: «أن عليًّا رضي الله عنه كان يقول لأهل حربه: إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم، ولم نقاتلهم على التكفير لنا، ولكنا رأينا أنا على حق، ورأوا أنهم على حق»([28]).
وفي مسند زيد بن علي يتبين عدم تكفير علِي ا لمن قاتله، فقال: حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي Q أنه أتاه رجل فقال: «يا أمير المؤمنين، أكَفَرَ أهل الجمل وصفين وأهل النهروان؟ قال: لا، هم إخواننا بغَوْا علينا، فقاتلناهم حتى يفيئوا إلى أمر الله »([29]).
اقرأ أيضا| زعمهم أن عليًّا أحبُّ إلى النبي من عائشة وأبيها
([1]) المستدرك على الصحيحين، الحاكم (4/517).
([2]) موسوعة عبد الله بن عبّاس، محمد مهدي الخرسان (3/105).
([3]) الفاحشة (ص260).
([4]) صحيح مسلم (3/1597).
([5]) موقف الإمامين (ص351).
قال خالد الدريس: «وموقف الإمام مسلم من رواية المحدث عمن عاصره -ولم يَثبُتْ لُقِيُّهُمَا- إذا جاء في بعض الطرق زيادة رجل أو أكثر بينهما أن ذلك يعد دلالة بينة على عدم السماع واللقاء، كما هو موقف كبار أئمة النقد».
([6]) الخامس من حديث زيد بن أبي أنيسة، هلال الرقي (281 هـ)، مخطوط (ص12).
([7]) قال النسائي: «روى أحاديثَ منكرة عَن أبيه، فلا أدري الريب منه أو من أبيه» تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الْمِزِّي (30/348).
([8]) تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي (23/316).
([9]) المعجم الأوسط، الطبراني (360 هـ) (2/35).
([10]) تقريب التهذيب (ص448).
([11]) انظر: مصطلح «مقبول» عند ابن حجر وتطبيقاته على الرواة من الطبقتين الثانية والثالثة في كتب السنن الأربعة، لمحمد راغب راشد الجيطان، رسالة ماجستير 2010م (ص277).
([12]) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/335).
([13]) موسوعة عبد الله بن عبّاس، محمد مهدي الخرسان (3/105).
([14]) الخصائص الكبرى، السيوطي (2/233)، سبل الهدى والرشاد، الصالحي (10/149).
([15]) الفاحشة (ص٢٣٥).
([16]) نقلها المجلسي عن ابن الأثير، وفسرها بالروم في (بحار الأنوار) (32/523).
([17]) المحيط في اللغة، الصاحب بن عباد (2/285).
([18]) الجواهر البغدادية في حوار الشيعة الإمامية، أبو عبد الرحمن أحمد بن عبد الله بن عباس.
([19]) لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور (2/326).
([20]) مسند الإمام أحمد، تحقيق شعيب الأرناؤوط (2/204).
([21]) تهذيب اللغة، أبو منصور، محمد بن أحمد الأزهري (1/112).
([22]) لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور (2/326).
([23]) السنن الكبرى، البيهقي (8/182).
([24]) مصنف ابن أبي شيبة (15/256).
([25]) المستدرك على الصحيحين، مع تعليق الإمام الذهبي في التلخيص (3/424)، والسنن الكبرى للبيهقي (8/173)، والإسناد صحيح.
([26]) مصنف ابن أبي شيبة (15/257)، وتعظيم قدر الصلاة، محمد بن نصر المروزي (2/547).
([27]) قرب الإسناد، الحميري القمي (ص94).
([28]) قرب الإسناد، الحميري القمي (ص93).
([29]) مسند زيد بن علي (ص410).
لتحميل الملف pdf