في حلقة جديدة من سلسلة "سيرة سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم"، استعرض الدكتور رامي عيسى، الباحث المتخصص في الشأن الشيعي، المراحل المفصلية المبكرة من حياة النبي الكريم، مسلطاً الضوء على فترة انتقاله بين الكفالة ووقوفه شاهداً على أبرز أحداث مكة قبل البعثة.
وبدأ الدكتور رامي عيسى الحلقة الثانية من السلسلة باستئناف الحديث من حادثة شق الصدر وعودة النبي ﷺ إلى أمه آمنة بنت وهب بعد مخاوف حاضنته حليمة السعدية.
وفاة الأم والكفالة العظمى
وأوضح د. عيسى أن السيدة آمنة بنت وهب اصطحبت النبي ﷺ، وهو في السادسة من عمره، لزيارة أخوال جده عبد المطلب في يثرب (المدينة المنورة)، إلا أنها توفيت في طريق العودة إلى مكة بمنطقة الأبواء، مستشهداً بما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله حول هذه الواقعة.
وعقب وفاة الأم، تولى عبد المطلب جد النبي ﷺ كفالته، وقذف الله حبه في قلب جده حتى كان لا يفارقه. واستشهد الباحث بحديث رواه الحاكم في "المستدرك" يوضح مدى جزع عبد المطلب على حفيده وحرصه عليه.
وبعد سنتين من الكفالة الحانية، توفي عبد المطلب وله من العمر ثماني سنوات (النبي صلى الله عليه وسلم)، وأوصى بحفظ وكفالة النبي محمد ﷺ إلى عمه أبي طالب، الذي اختاره لكونه الشقيق الأقرب لوالد النبي عبد الله. وظلت كفالة أبي طالب ورعايته وحمايته للرسول ﷺ مستمرة حتى بعد بعثته.
رحلة الشام
وتطرق الدكتور رامي عيسى إلى أهمية الرحلة التي قام بها أبو طالب إلى الشام والنبي ﷺ في الثانية عشرة من عمره، وذلك من باب الحرص عليه لعدم وجود من يقوم به في مكة.
وفي طريق هذه الرحلة، رآه "بحيرا الراهب" فعرفه بصفاته المذكورة في التوراة والإنجيل، محذراً أبا طالب من أن يراه اليهود في الشام فيقتلوه، ما دفع عمه للعودة به إلى مكة.
شاهد على حلف الفضول وعمل الأنبياء
كما تناول الباحث في الشأن الشيعي مشاركة النبي ﷺ في حلف الفضول وهو ابن خمس عشرة سنة، موضحاً سبب تسمية الحلف بهذا الاسم.
وأشار إلى أن هذا الحلف هو معاهدة بين قبائل قريش اجتمعوا عليها في دار عبد الله بن جدعان، وتعهدوا بألا يجدوا مظلوماً بمكة إلا قاموا معه حتى ترد إليه مظلمته.
واستشهد الدكتور عيسى بالحديث الصحيح الذي رواه ابن إسحاق عن النبي ﷺ: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت".
واختتم د. رامي عيسى الحلقة بالحديث عن عمل النبي ﷺ برعي الغنم في شبابه قبل البعثة مقابل "القراريط" لأهل مكة، مستشهداً بحديث صحيح للإمام البخاري. ونقل عن الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" الحكمة من إلهام الأنبياء رعي الغنم قبل النبوة، والتي تتلخص في التمرن على القيام بأمر الأمة، واكتساب الحلم والشفقة، والتدرج في تحمل الصبر على اختلاف طباع البشر قبل تكليفهم بأمر النبوة.
لتحميل الملف pdf