شبهات وردود

زعم الشيعة أن عمر كان يرضي بالاختلاط بين الرجال والنساء ويأمر بالسفور!

الشبهة الثلاثون

زعم الشيعة: أن عمر كان يرضي بالاختلاط بين الرجال والنساء، ويأمر بالسفور!

 

محتوى الشبهة:

ذكروا رواية ابن جرير الطبري، وفيها قال: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَنَابٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُحَجَّلِ الرُّدَيْنِيُّ، عَنْ مَخْلَدٍ الْبَكْرِيِّ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ إِذَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَيْشٌ مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ.....فَدَخَلْتُ -أي الرجل الغريب- عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى مَسْحٍ مُتَّكِئٍ عَلَى وِسَادَتَيْنِ مِنْ أَدَمٍ مَحْشُوَّتَيْنِ لِيفًا، فَنَبَذَ إِلَيَّ بِإِحْدَاهُمَا، فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا، وَإِذَا بَهْوٌ فِي صُفَّةٍ فِيهَا بَيْتٌ عَلَيْهِ سَتِيرٌ، فَقَالَ: يَا أُمَّ كُلْثُومٍ، غَدَاءَنَا! فَأَخْرَجَتْ إِلَيْهِ خُبْزَةً بِزَيْتٍ فِي عَرَضِهَا مِلْحٌ لَمْ يُدَقَّ، فَقَالَ: يَا أُمَّ كُلْثُومٍ، أَلا تَخْرُجِينَ إِلَيْنَا تَأْكُلِينَ مَعَنَا مِنْ هَذَا؟ قَالَتْ: إِنِّي أَسْمَعُ عِنْدَكَ حِسَّ رَجُلٍ، قَالَ: نَعَمْ وَلا أَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ- قَالَ: فَذَلِكَ حِينَ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْنِي- قَالَتْ: لَوْ أَرَدْتَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الرِّجَالِ لَكَسْوَتَنِي كَمَا كَسَا ابْنُ جَعْفَرٍ امْرَأَتَهُ، وَكَمَا كَسَا الزُّبَيْرُ امْرَأَتَهُ، وَكَمَا كَسَا طَلْحَةُ امْرَأَتَهُ! قال: أَوَ ما يَكْفِيكِ أَنْ يُقَالَ: أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَامْرَأَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ! فَقَالَ: كُلْ، فَلَوْ كَانَتْ رَاضِيَةً لأَطْعَمَتْكَ أَطْيَبَ مِنْ هَذَا"([1]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولاً: الرواية ضعيفة من ناحية الإسناد، وفيها علتان:

الأولى: أَبُو جَنَابٍ الكلبي، قال عنه البخاري: "كان يحيى القطان يضعفه"([2])، وكذا قال النسائي ([3]).

وقال ابن الجوزي: "... وكان يحيى القطان يقول: لا أستحل أن أروي عنه، وقال أبو نعيم: كان يدلس أحاديث مناكير، وقال عمرو بن علي: متروك الحديث، وقال يحيى وعثمان بن سعيد والنسائي والدارقطني: ضعيف، وقال يحيى بن معين مرة: ليس به بأس إلا أنه كان يدلس، وكذلك قال أبو نعيم وقال يحيى بن مرة: هو صدوق، وقال ابن حبان: كان يدلس عن الثقات ما سمع من الضعفاء، فالتزقت به المناكير التي يرويها عن المشاهير، فحمل عليه أحمد بن حنبل حملاً شديدًا"([4]).

وذكره الامام ابن حجر في (طبقات المدلسين) في المرتبة الخامسة ( ([5].

الثانية: الإرسال بين سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ وعمر رضي الله عنه:

قال الذهبي في ترجمة سليمان بن بريدة: "مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ عَاماً"([6]). وعليه يكون عمر رضي الله عنه مات وسن بريد ثمان سنوات؛ لأن عمر مات سنة ثلاث وعشرين، وبه يتبين أنه سِنّه لا تحتمل الرواية عن عمر رضي الله عنه، ولم يذكر من حدثه. وبه تسقط القصة إسنادًا.

 

ثانيًا: الرواية ضعيفة من ناحية الدراية:

قال الشيخ ابن باز رحمه الله معلقًا على القصة: "وأما من حيث الدراية فمن وجوه:

الأول: شذوذها ومخالفتها لما هو معلوم من سيرة عمر رضي الله عنه وشدته في الحجاب، وغيرته العظيمة، وحرصه على أن يحجب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه حتى أنزل الله آية الحجاب.

الثاني: مخالفتها لأحكام الإسلام التي لا تخفى على عمر ولا غيره من أهل العلم، وقد دل القرآن والسنة النبوية على وجوب الاحتجاب وتحريم الاختلاط بين الرجال والنساء على وجه يسبب الفتنة ودواعيها.

الثالث: النكارة الشديدة في المتن التي تتضح لكل من تأملها.

وبكل حال، فالقصة موضوعة على عمر رضي الله عنه بلا شك للتشويه من سمعته، أو للدعوة إلى الفساد بسفور النساء للرجال الأجانب واختلاطهن بهم، أو لمقاصد أخرى سيئة. نسأل الله العافية"( ([7]

 

ثالثًا: ورد في كتب الشيعة بأسانيد صححوها أن فاطمة رضي الله عنها وحاشاها كان يدخل عليها سلمان الفارسي رضي الله عنه في غياب زوجها فيراها متكشفة، فكانت تقول له "جفوتني" فيرد عليها حبيبتي أأجفاكم؟

فقد روى المجلسي في (بحار الأنوار) رواية طويلة وفيها: "قال علي عليه السلام: يا سلمان أئت منزل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنها إليك مشتاقة، تريد أن تتحفك بتحفة قد أتحفت بها من الجنة، قلت لعلي عليه السلام، قد أتحفت فاطمة عليها السلام بشيء من الجنة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: نعم بالأمس. قال سلمان الفارسي: فهرولت إلى منزل فاطمة عليها السلام بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها، فلما نظرت إلي اعتجرت، ثم قالت: يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي صلى الله عليه وآله وسلم، قلت: حبيبتي أأجفاكم؟"(([8].

وقد صحح المجلسي هذه الرواية في كتابه (حلية المتقين في الآداب والسنن والأخلاق). قال المجلسي في مقدمته: "والتمسوا من هذا العبد الحقير أن يكتب رسالة في بيان محاسن الآداب المستوحاة من الطريقة الصحيحة والمستقيمة للنبي (ص) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) بالأسانید المعتبرة، فتوكلت على الله وحررت هذه الرسالة ببضاعتي القليلة لينتفع بها المؤمنون"(([9]. فاشترط أن يذكر في كتابه هذا ما كان سنده معتبرًا، ثم أورد الرواية(([10].

وقد وردت هذه الرواية عند الطبري الشيعي، وفيها يقول علي لسلمان: "صر إلى منزل فاطمة بنت رسول الله، فإنها إليك مشتاقة"([11](.

فهنا عليٌّ يقول لأجنبي عن فاطمة، يقول له: اذهب إليها فإنها إليك مشتاقة!!! فأي طعن في أهل البيت أكبر وأشنع من هذا؟!!

ونحن أهل السنة نبرأ علي وعمر وفاطمة وأم كلثوم رضي الله عنهم جميعًا من مثل هذا ولا يسعنا إلا أن نقول: "سبحانك هذا بهتان عظيم".

فاللهم ارض عن أصحاب نبيك وآل بيته الطيبين الطاهرين.

والحمد الله رب العالمين

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

(([1]  تاريخ الرسل والأمم والملوك، (تاريخ الطبري) (4/186-188).

 ([2]) الضعفاء، محمد بن اسماعيل البخاري (ص 139).

([3])  الضعفاء والمتروكين، أحمد بن علي بن شعيب النسائي (ص 25)0 .

(([4]  الضعفاء والمتروكون، عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (3/ 193 .

(([5]  طبقات المدلسين، أحمد بن علي بن حجر (1/57) .

 ([6]) سير أعلام النبلاء، الذهبي (5/53).

([7] (مجموع فتاوى ابن باز (4/205).

 ([8]) بحار الأنوار، للمجلسي (43/66 ، 92/37، 94/226، 95/37)، منازل الآخرة والمطالب الفاخرة، لعباس القمي  (299)، نفس الرحمن في فضائل سلمان، للنوري الطبرسي (337)، مهج الدعوات (7).

([9])  حلية المتقين في الآداب والسنن والأخلاق، المجلسي (ص14).

([10])  حلية المتقين في الآداب والسنن والأخلاق، المجلسي (ص 389).

([11])  دلائل الامامة، محمد بن جرير الطبري (الشيعي) (ص 107 (.


لتحميل الملف pdf

تعليقات