أكاديمية حفظني القرآن شبهات وردود

الدكتور رامي عيسى يكشف: كيف حاربت قريش الدعوة النبوية بالشبهات والسخرية والتعذيب الوحشي للصحابة؟ (فيديو)

في حلقة جديدة مفعمة بالعبر والدروس من السيرة النبوية الشريفة، استكمل الدكتور رامي عيسى، الباحث المعروف في الشأن الشيعي، سلسلته المميزة «سيرة سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم»، وذلك في اللقاء السابع الذي بُثّ عبر قنواته الرسمية على يوتيوب ومنصات التواصل.

بدأ الدكتور رامي عيسى الحلقة بالسلام الإسلامي والحمد لله والصلاة على النبي وآله، ثم انتقل مباشرة إلى موضوع الحلقة: «أساليب قريش في محاربة الدعوة الإسلامية» في الفترة المكية الأولى، مستعرضاً بالتفصيل والدليل القرآني والروايات الصحيحة كيف واجه كفار قريش كل الوسائل لإطفاء نور الله.

أولاً: إثارة الشبهات حول مصدر القرآن الكريم


أوضح الدكتور رامي أن أبرز أسلحة قريش نشر الدعايات الكاذبة بأن النبي صلى الله عليه وسلم يتعلم القرآن من بشر، مستشهداً بقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ﴾ (النحل: 103).

كما اتهموه بأنه افتراء القرآن وأن قوماً آخرين يعينونه، فقال تعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾ (الفرقان: 4)، و﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ (الفرقان: 5).

ثانياً: السخرية والاستهزاء ورميه بالجنون


انتقل الدكتور رامي إلى الأسلوب الثاني وهو الاستهزاء الصريح، حيث كانوا يقولون: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ (الحجر: 6)، وإذا دعاهم إلى الله قالوا متعجرفين: ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ (فصلت: 5).

واستشهد أيضاً بقوله تعالى: ﴿وَإِذا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ (الفرقان: 41).

ثم طمأن الله نبيه بقوله: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ (الأنعام: 10).

ثالثاً: معارضة القرآن بأساطير الفرس والروم – دور النضر بن الحارث


كشف الدكتور رامي عيسى عن دور النضر بن الحارث، أحد شياطين قريش، الذي تعلم في الحيرة قصص ملوك الفرس ورستم وإسفنديار، ثم كان يجلس في المجامع ويقول: «أنا أحدثكم أحسن من حديث محمد»، محاولاً شغل الناس عن القرآن.

ونزلت فيه آيات من سورة القلم وغيرها، منها: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ (القلم: 15).

صبر النبي صلى الله عليه وسلم واستمراره في الدعوة سراً وجهراً


وتابع عيسى: استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله تعالى ليلاً ونهارًا سرًّا وجهرًا، لا يصرفه عن ذلك صارف، ولا يرده عن ذلك راد، ولا يصده عن ذلك صاد. يتبع الناس في أنديتهم ومجامعهم ومحافلهم وفي المواسم وفي مواقف الحج. يدعو من لقيه من حر وعبد وضعيف وقوي وغني وفقير. جميع الخلق في ذلك عنده سواء.

وتسلط عليه وعلى من اتبعه من آحاد الناس من ضعفائهم، الأشداء، الأقوياء من مشركي قريش بالأذية القولية والفعلية.

قال ابن إسحاق: ثم إنهم عدوا على من أسلم، واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه، فوثبت كل قبيلة على من آمن فيها من المسلمين، فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبِرمضاء مكة في الصحراء الشديدة إذا اشتد الحر. من استضعفوا منهم يفتنونهم عن دينهم. فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذي يصيبه، ومنهم من يُصْلَب لهم ويعصمه الله تبارك وتعالى منهم.

وحمى الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعمه أبي طالب لأنه كان شريفًا معظّمًا في قريش، مطاعًا في أهل مكة، لا يتجاسرون على مكاشفته بشيء من الأذى. وكان من حكمة أحكم الحاكمين بقاؤه على دين قومه لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها.

وأما الصحابة رضي الله عنهم، فمن كان له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته، وسائرهم تصدوا له بالأذى والعذاب.

روى أحمد وابن ماجة بسند حسن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد.

فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب. وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه. وأما سائرهم فأخذهم المشركون، وألبسوهم أدراع الحديد وسهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم أي وافقهم على ما أرادوا، إلا بلالًا، فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه. فأخذوه فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: «أحد أحد».

وروى الإمام الترمذي في جامعه بسند صحيح عن حارثة بن مُضَرِّب قال: دخلت على خباب رضي الله عنه وقد اكتوى في بطنه، فقال أي خباب: ما أعلم أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لقي من البلاء ما لقيت. لقد كنت وما أجد درهماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما عمار بن ياسر فقد روى الحاكم في المستدرك بسند حسن قال عن عمار بن ياسر عن أبيه: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سبّ النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه.

فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله. ما طرقت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير.
قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عادوا فعد، أي عد فيما كنت تقوله بما أن قلبك مطمئن بالإيمان.

ونزل في عمار بن ياسر رضي الله عنه قول الله تبارك وتعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النحل: 106).

واختتم رامي عيسى: فطال العذاب على أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فماذا فعلوا؟ هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله تبارك وتعالى.

 


لتحميل الملف pdf

تعليقات