في حلقة جديدة مفعمة بالعبر والدروس من السيرة النبوية الشريفة، استكمل الدكتور رامي عيسى، الباحث المعروف في الشأن الشيعي، سلسلته المميزة «سيرة سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم»، وذلك في اللقاء الثامن الذي بُثّ عبر قنواته الرسمية على يوتيوب ومنصات التواصل الاجتماعي.
بداية الحلقة: شكوى الصحابة واللجوء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
بدأ الدكتور رامي عيسى الحلقة بالسلام الإسلامي والحمد لله والصلاة على النبي محمد وآله وصحبه، ثم انتقل مباشرة إلى موضوع الحلقة: شكوى الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم من العذاب الذي لاقوه على يد المشركين.
لما طال العذاب على المسلمين، ذهب خباب بن الأرت رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب منه الدعاء لرفع البلاء. فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن خباب رضي الله عنه قوله: "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسّد بردة له في ظل الكعبة. قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار ويُوضع على رأسه فيُشَقّ باثنتين، وما يصدّه ذلك عن دينه. ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصدّه ذلك عن دينه".
الهجرة إلى الحبشة: حماية الدين واللجوء إلى أرض السلام
طلب خباب رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء على الكفار، دالًّا على شدة الظلم والعدوان.
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء، وأدرك أنه لا يقدر على منعهم، قال لهم: "لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه".
وبناءً على هذا التوجيه، خرج المسلمون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة مخافة الفتنة وحفاظاً على دينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام.
أسباب الهجرة وأمر الله تعالى
نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قول الله تبارك وتعالى: "يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ" [العنكبوت: 56]
وكان هذا توجيهًا للمسلمين للهجرة من البلد الذي لا يستطيعون فيه إقامة الدين، نحو أرض يمكن فيها توحد الله وعبادته بحرية وأمان.
استضافة المهاجرين عند النجاشي: أرض الأمان
وصل المسلمون إلى الحبشة، فآواهم أصحاب الخير من أهل البلاد، وكان منهم النجاشي ملك الحبشة رحمه الله، الذي أيّدهم بنصره وجعلهم آمنين في أرضه، وأقامت الهجرة في رجب من السنة الخامسة للبعثة، وكان عددهم أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، برئاسة عثمان بن مظعون رضي الله عنه.
العودة إلى مكة: مواجهة الحقيقة
وفي شوال من السنة الخامسة، بلغ المهاجرون أن أهل مكة قد أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم اكتشفوا الحقيقة عند اقترابهم من مكة، إذ تبين أن المشركين لم يغيروا موقفهم، فقرر بعضهم العودة إلى الحبشة والبعض دخل مكة مستخفياً.
خاتمة الحلقة: ما القادم في السلسلة؟
فلما أيقنت قريش أن بطشها بالمستضعفين من المسلمين لم يُجْدِ نفعًا، لجأت إلى أسلوب جديد، وهو ما سيكشف عنه الدكتور رامي عيسى في الحلقة القادمة بإذن الله تبارك وتعالى.
لتحميل الملف pdf